2024-04-25 11:29 ص

شامنا...يمننا...مواجهات متجددة لمدخل جديد

2015-03-30
بقلم: الدكتور يحيى محمد ركاج*
يُخطئ من يظن أن الأحداث التي تشهدها اليمن العربية ليس لها ارتباط قوي وكبير بما يحدث في دمشق العروبة والفخار. ويُخطئ أيضاً من يظن أن الأحداث التي يشهدها اليمن لم تكن لتحدث لو أن هذا الفصيل أو ذاك أو فلان من العربان أو سين من البشر فعل هذا أو ذاك، فالأمر كله مرهون بتقاسم النفوذ والمصالح بين اللاعبين الكبار على رقعة شطرنج الشرق الأبله. ويخطئ أيضاً من يظن أن العمليات المفاجئة التي انتشت بها القوى الإرهابية في سورية خاصة في إدلب وبصرى ليس لها أي ارتباط بأحداث اليمن، وإن كانت الدمى الإرهابية لا تعلم أو تتجاهل أنها مجرد أدوات كرتونية، فإن محركي هذه الدمى هم نفسهم من خطط لافتعال أحداث اليمن منذ أيام المسرحية الهزلية الأولى التي انتهت درامياً بمشهد خروج علي عبد صالح من اليمن. يقوم المحللون والباحثون في هذه الأوقات بطرح استفسارات وأسئلة كثيرة عن مدى تورط إيران أو مدى أخطاء عبد الملك الحوثي في حساباته، وعن المفاوضات النووية الإيرانية، متناسين أن دخول قوات العراق إلى الكويت في تسعينيات القرن الماضي قد شرعنت دولياً وبطلب العربان وجود القوات الغازية الأمريكية في البحر الأحمر والجزيرة العربية، وأكثر من ذلك أصبح عرض العربي وشرفه مستباح أمريكياً بحجة الدفاع عن المصالح والقضاء على الإرهاب. وفي هذه الأثناء بعد فشل القوات الأمريكية بالسيطرة المطلقة على المتوسط نتيجة صمود الدولة السورية وعدم سقوطها كما كان يُخطط لها والذي نجم عنه تعزيز الوجود الروسي في المتوسط وفوزه بغالبية العقود على أطرافه، فقد انتقلت التسوية الشاملة للملفات باتجاه إفريقيا والممرات المائية فيها وخاصة مضيقي هرمز وباب المندب, فتعزيز الوجود الروسي من خلال بناء التحالفات مع الدول المطلة على هذين المضيقين بعد الاتفاق الظاهري بين الروس والسيسي الذي يسعى للظهور بمظهر الرئيس الدولي المتقارب من الجميع، يجعل من التواجد الأمريكي في البحر الأحمر وكأنه أسطول ورقي ينتظر من يغلق عليه منافذ المرور ويترك الأطفال تتصيده بالحجارة، فلذلك كان الترتيب الأمريكي الجديد يرسل إشارات منتظمة بضرورة فتح المعابر أمامه، وكانت تتسارع هذه الإشارات مع كل تراجع للقوات الأمريكية في المتوسط، ليأتي الإشعار الأخير بضرورة الحفاظ على أمريكا حرة في البحر الأحمر، أو أنها سوف تحاول العودة للمتوسط مجدداً بالتجاذب مع سورية بعد فشل أدواتها في تحقيق هذا التواجد لها بالدماء والحرب,لذلك كانت البوابة اليمنية هي البديل المعد لإطالة أمد المفاوضات بين الكبار الذين لا يعرفون معنى الهزيمة طالما أن الخسائر هي في أرواح الشعوب الأخرى وأن الحروب تقوم بها دول أخرى نيابة عنهم، فكان التوقيت الأبرز الذي تم العمل عليه منذ ثلاث سنوات تقريباً، والذي ترافق مع خباثة تركية في إعادة طرح الجغرافيا السورية ورقة تفاوضية جديدة بين الكبار بغية إطالة استنزاف الدولة السورية والشعب السوري. لقد كان الفيصل في تحقيق النجاح أو الفشل هو ما قام به الجيش السوري من مبادرة نحو المناطق التي كان يعتقد الإرهابيون أنها ملاذاً أمناً لهم فكانت أطراف العاصمة وحلب والقنيطرة وقرى اللاذقية ضربة موجعة للدول الداعمة للإرهاب ولكنها للأسف لم تكن قاصمة، لترتفع كلمة الإرهاب من جديد نحو إدلب من خلال نسج خيوط التحالف الموجه لتدمير اليمن وإبادة ما بقي من شبابه الذي لم ينخرط بالإرهاب, فهل يظن هؤلاء الأغبياء أن الشعب اليمني الذي يقتلونه سوف يكتفي بأن يبقى متفرجاً وهو يموت؟ وهل تجرأ أحد على التفكير بأن يكون هذا التحالف موجهاً لتحرير الأقصى الشريف وهو من مقدسات المسلمين خاصة أن الطريق نحو الأقصى براً وجواً سالك عن طريق الأردن الشقيق على أقل تقدير. لن أخوض في تحميل المسؤولية على من، لكني أتساءل ألا يوجد في هذه الأمة عاقل يحقن دماء أبنائها ويحفظ لهم كرامتهم. ليبقى السؤال الأهم والأبرز الذي يجعلني أبكي على مستقبل أولادي بعد أن ارتضى العربان الوقوف بالواجهة نيابة عن سيدهم الداهية: متى سوف يندب العربان حظهم على غبائهم في باب المندب أسوة بالتسمية التي أطلقت على هذا المضيق. ولن أختم إلا بالحديث الشريف الذي رواه البخاري والترمذي وأحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا، قال: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: يا رسول الله وفي نجدنا فأظنه قال الثالثة: هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان.
*باحث في السياسة والاقتصاد 

الملفات