2024-04-24 04:59 م

عصر الانحدار والنهايات

2015-04-02
بقلم: إيهاب شوقي
تتعدد مدارس كتابة المقالات الصحفية، ولكن هناك ومنهم صاحب هذا المقال يفضل المدرسة المعلوماتية والبعيدة عن الانشاء، برغم اهمية مقالات الرأي، الا ان الرأي عندما يصبح مشفوعا بالمعلومات يكون اكثر اقناعا وان بدا اصعب في المتابعة والقراءة. الا ان المعلومات اصبحت معروفة في زمن "اللعب على المكشوف"، واضحى معها هذا المقال خروجا عن مبدأ كاتبه انشائيا. تبدو مخاطبة الضمائر في عالم السياسة تصرفا ساذجا، كما يبدو مجرد الرهان على عدالة القضايا دربا من دروب حسن النية الواصل لدرجة من درجات "العبط" في نظام عالمي لا يعرف سوى موازين القوى. وعلى الجانب الاخر، تأتي احادية الاعتماد على القوة الغاشمة ومجرد الرهان على سياسة البرجماتية وتعريف السياسة مرادفا للمصلحة بعيدا عن أي ابعاد اخرى، هو التصرف الاكثر سذاجة والواصل الى الوهم في عالم لا يخلو من بقايا مقاومة وبقايا بسالة وبقايا ايمان بحتمية انتصار المظلوم، ليس كميثولوجيا او كعقيدة دينية فقط وانما لانها دروس التاريخ، حيث يكون غرور القوة او المال بمثابة حجاب عن الفحص والدرس لسنن الحياة وقوانين الصراع الاجتماعي، مما يقود دائما الطرف الباغي لهزائم ونهايات مأساوية. صاحب المبدأ والمؤمن بقضية اكثر صلابة من صاحب المصلحة وصاحب الهوى. والنخبة العربية المنوط بها قيادة الجماهير فسد معظمها لانه اتبع المصلحة واتبع الهوى، وانعكس ذلك بلا شك على الرأي العام العربي بعدة مظاهر سلبية، اولاها هو الجهل بالحقائق لان النخبة زيفتها وتواطأت على تحريفها. وثانيها هو انعدام المبدأ والازدواجية الفاضحة، لان النخبة دارت مع الرجال اينما داروا ولم تدور مع الحق فاستحدثت ثلة من النظريات البرجماتية اغنت عن الثوابت. واخيرا وليس اخرا، انعدمت المثل الاخلاقية بفضل ممارسات النخب الذاتية وبفضل تسييد الفكر النفعي. والمحصلة هي وجود راي عام لا يمانع من الارتزاق طالما سيحقق الهدف السياسي، ولا مانع من الظلم طالما مع الخصم ولا مانع من اتباع أي اسلوب غير اخلاقي طالما هناك صراع وهناك معركة. فظهر التبريريون الذين لايتورعون نقد نظرائهم في المعسكرات الاخرى بذات العيوب التي يتميزون هم بها انفسهم. وظهر الافاقون الذين اعتلوا المنابر الاعلامية بفضل وصوليتهم وجرأتهم الفاجرة على قلب الحقائق وامتهان الاخلاقيات. وظهرت انصاف المواهب واشباه الرجال واصبحوا هم النخبة العربية، لان قوانين تشكيل النخبة اختلفت ولانهم منتوج عصور تزييف الثوابت وتعمد انتاج وتصعيد هذا المنتوج. في مناخ كهذا ليس مستغربا ان ينتهك الامن القومي العربي باسم الحفاظ عليه! وليس مستغربا ان تتداعى وتترهل مؤسسات الدولة القومية باسم حماية الدولة! وليس مستغربا ان يتم انتهاك حقوق المواطنين الاقتصادية والاجتماعية وافقارهم باسم التنمية الاقتصادية! وليس مستغربا ان يتحدث الخطرون على امن الدول والامن القومي العربي حديثا يهز امنها ووحدتها باسم خبراء استراتيجيين وخبراء للامن القومي! ولم يعد من الغريب او المستهجن ان يطالب ثائرا او مواطنا او مسؤولا او حتى رئيسا من قوى خارجية ان تتدخل عسكريا في وطنه وكأنها ستتدخل بالمجان لاقامة العدل! من يركب سفينة الزمن ليصل الى عهود قادمة ويقرأ اللحظة الحالية كجزء من التاريخ لن يجد عنوانا للفصل المكتوبة فيه احداثنا الحالية الا عنوان "عصر الانحدار العربي" والذي انتهى باحتلال اقطار الامة ونهاية ممالكها وانظمتها.

الملفات