2024-04-25 02:02 م

صراع النفوذ ام صراع التسلح ؟؟

2015-04-17
بقلم: مها جميل الباشا*
من منا لم يسمع بالثلاثاء الأسود يوم 29 تشرين الأول 1929 مروراً بالثلاثينيات وبداية الأربعينيات، أعوام الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى انهيار كبير أو كساد كبير لأكبر أزمة اقتصادية تمر بها الولايات المتحدة الأمريكية والتي كان تأثيرها مدمراً على الدول الفقيرة والغنية على حد سواء . الأزمة الاقتصادية تلك قد تسببت في اضطرابات سياسية دفعتها لتكون سبباً لنشوب حربين (الأولى والثانية) من أضخم الحروب التي مرت على العالم والتي راح ضحيتهما البشر والحجر . خاصة القارة الأوروبية. لم يبدأ الانتعاش في الولايات المتحدة الأمريكية إلا في عام 1933 عهد الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت الذي وضع خطة نصت على سياسة العهد الجديد من حلول للأزمة المصرفية وإعادة فتح البنوك وإصدار قوانين تمنع البنوك من التعامل بالأسهم والسندات، وكذلك إنشاء مؤسسات لرعاية ضحايا الأزمة من العاطلين ، بالإضافة إلى إصدار قوانين تحقق الاستقرار في قطاع الزراعة وقانون الإصلاح الصناعي وتصحيح استخدام الأوراق المالية من خلال إنشاء لجنة تبادل الأوراق المالية 1934 . الأزمة بدأت بالزوال بعد وضع برامج مختلفة للنهوض من الأزمة. لست بصدد ذكر تبعات الأزمة التي عاشتها الولايات المتحدة الأمريكية وانعكاسها على بعض الدول الأوروبية والتي كانت سبباً لاشتعال الشرارة الأولى للحرب العالمية الثانية إلا أنها عولجت ضمن برامج اقتصادية واجتماعية وسياسية. لكن ماذا فعلت الولايات المتحدة الأمريكية لحل الأزمة الاقتصادية التي مرت وتمر بها في القرن الحادي والعشرين ؟؟ هل حافظ أوباما على النفوذ الأمريكي الذي حافظ عليه أسلافه ؟؟؟ بعد أن أدركت الولايات المتحدة الأمريكية ما تواجهه منذ أن دخلت أعتاب القرن الحادي والعشرين من عبء الملفات المتراكمة على طاولتها بدءاً من التهديد الوجودي للكيان الصهيوني الذي بدأ يتزعزع بعد أن سقطت كل المراهنات التي كانت تقول بان جيشه لا يقهر لكنه "قُهر وهُزم "مرة في حرب تشرين الأول مع سورية ومرة أمام المقاومة اللبنانية 2006 ومرة أمام المقاومة الفلسطينية 2008 " إلى الملف الإيراني الذي فرض قوته ووجوده مستنفراً أصحاب الدول العظمى أمام مرأى العالم والنتائج الأولية التي وصلت إليها تلك المفاوضات لتُستَكمل في المرحلة القادمة. لكن الملف الأهم من كل ما ذُكر والذي يهدد الوجود الأمريكي كما الوجود الصهيوني هو "الأزمة الاقتصادية الحادة " التي تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية والقارة العجوز على حد سواء. قبل أن استطرد بما خطط له كل من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين للنهوض من الأزمة الاقتصادية الحادة، يجب ان أضع اللوم الكبير أولاً وأخيراً على الحكومات العربية دون استثناء لتكون شريكة في نزيف الدم الذي سال ولا يزال يسيل في منطقتنا العربية بقصد أو غير قصد. نُحارب ثم ننهض ثم نُحارب وننهض لكن هل تعلمنا من التجارب التي مرت بنا ؟؟، وهل نقرأ التاريخ جيداً ؟؟ وإلى متى سنبقى نحيي ذكرى أبطال ونشيع أبطالاً لينتهي المطاف بهم إلى مجرد ذكرى لا أقل ولا أكثر... كفى المتاجرة بالأرواح العربية داخلياً وخارجياً. الآن أعود إلى المعالجة الأمريكية وحلفائها للأزمات الاقتصادية والوجودية على حد سواء... ارتأى الغربيون المستعمرون في القرن الواحد والعشرين بأن البرامج الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي استخدمت في القرن العشرين لن تنفع لأن تكون حلولاً شافية لأزماتهم، لذلك ليس أ مامهم إلا اللجوء إلى عصر التسلح والذي يعتبرونه علاجاً لكل أزماتهم. لتكون العاصفة بحجم تحريك أسواقهم النارية (أسلحة فتاكة أو غير فتاكة) عليهم إشعال ساحات بأكملها وليس ساحة واحدة، هذا ما شهدناه ونشهده في منطقتنا العربية إن كانت بأيدٍ قاتلة (السعودية وأخواتها الخليجيات) ومقتولة( تونس - ليبيا - مصر - اليمن - العراق - سورية إلى الصومال)، ولا ننسى الشرارة النارية المركزية لأحد أبرز العناوين المثارة لاشتعال الساحات العربية (إيران) لتكون بحجم أعقد ملفين يتم المتاجرة بهما (الجيوسياسي و الإسلام السياسي). أكتفي بذكر العناوين لأنهما يحتاجان إلى مقال كامل. هل نجح ما خططت له أمريكا ؟؟ من يشاهد أو يسمع ما يحدث على أرض الساحات العربية يدرك بان خططهم قد نجحت من حيث التدمير والقتل وإن فشلت في إسقاط الدول كدول كما حدث في سورية وآخرها اليمن، إلا أنها نجحت في ضم بعض الدول تحت اجنحتها خدمة للصهيوني وإن كانت تحاول أن تثبت العكس كمصر علماً بأنني ما زلت أراها في موقعها السابق قبل اندلاع ثورتها التي تدعي، إذ لم يتغير إلا شكل قائدها. في المقلب الآخر لا نستطيع أن نتجاهل سقوط موقع الولايات المتحدة الأمريكية السياسي الأوحد بعد أن دام قرابة الخمسة والعشرين عاماً المهم أن الانتعاش بالنهوض الاقتصادي في أروقتها بدأ يزدهر على أشلاء العرب. متى سنفهم بأن ما يدور من صراعات على الساحة الدولية والإقليمية ما هو إلا صراعات لسباق التسلح بين دول صديقة كانت او غير ذلك (قرار بوتين بتزويد إيران اس 300 بالتزامن مع تزويد أمريكا السعودية وقطر وغيرهم بالأسلحة)، أضف إلى أن المشهد اليمني لخير دليل على ذلك وإلا لماذا لم تستخدم روسيا الفيتو في وجه القرار الخليجي في مجلس الأمن بغض النظر عما إذا كان محقاً او غير محق. طريقة معالجة أزماتهم تركت في نفوسنا أثراً كبيراً لكن ضعفنا في معالجة ما يواجهنا في الداخل قبل الخارج جعلنا نغفل عن خطورة ما يجري حولنا. لكن سأكون متفائلة كتفاؤل رجل الصناعة الشهير " جون روكفيلر" يوم نصح في القرن الماضي بتفادي الأزمات بالتفاؤل وأن الأزمات تأتي وتذهب ولكن يجب أن يأتي الازدهار بعدها دائماً. وأن نقرأ التاريخ جيداً وأن نحصن موقعنا الداخلي قبل الخارجي.
* اعلامية سورية