2024-04-16 07:21 ص

الحرب في العلاقة بين الفرد والفكرة

2015-04-22
بقلم: حاتم استانبولي
اذا دققنا في هذه العلاقة.. نصل الى حقيقة ان المكان هو الثابت والفرد هو المتغير، اما العلاقة بين الفرد والفكرة , فالفرد هو الثابت والفكرة هي العامل المتغير، والفرد ياخذ حيزا في المكان بما يعنيه من فضاء مشغول ,, والفكرة تاخذ حيزا في تفكير الأفراد تنعكس بالملموس في سلوكهم، ولكي تاخذ هذه العلاقة طابع حركتها يجب ان نراها في اطار الزمان، وملموسية الزمان نستشعر بها من خلال المتغيرات الملموسة، والمتغيرات تحصل نتيجة النشاط الطبيعي (عوامل الطبيعة) والنشاط الأجتماعي الذي هو نتيجة مجموع محصلة النشاط المجتمعي ,,, ويتاثران ببعضهما البعض سلبا ام ايجابا، والفكرة لكي تصبح ملموسة يلزمها مجموعة من الشروط .. اولآ: -ان تكون ملائمة للواقع الملموس من حيث المكان والزمان ثانيا: - ان تكون ملائمة يجب ان تكون نتاج نشاط اجتماعي ملموس ثالثا: - ولكي يكون تاثيرها ايجابيا يجب ان يكون هنالك وعي جمعي لضرورتها وتحمل في جوهرها امكانية تطورها. رابعا: - بالضرورة الفكرة بحكم انها عامل متغير فانها لا تحمل خاصية الأطلاق. واما علاقة الفكرة بالفرد فهنالك نوعين من الأفراد ، منتج الفكرة ووارث الفكرة. منتج الفكرة بالضرورة يجب ان يعي الفكرة اولا ويدرك ميكانيزم تطورها ويعمل بشكل واعي على تطويرها، وهذا يتطلب شرط كيفية النظر للفكرة، ولكي يتحقق شرط التغيير الأيجابي يجب ان يترافق مع النشاط الأجتماعي الفعال (اقصد المنتج) رؤية نقدية للفكرة ,,, بالأضافة للرؤية الواعية ( التي هي نتيجة دراسة نقدية واعية لتاريخها وحاضرهافي اطار المكان والزمان) للمحيط الذي تفعل به الفكرة في سياقها التاريخي. بالضرورة ان تمر الفكرة بمرحلة التوريث ولكن هنالك من ياخذها كحقيقة مطلقة، وهنا فان خاصية وعيها تنتفي ,,, اي رؤيتها في سياق حركة تطورها التاريخي، ولهذا فان الفكرة اخذت خاصيتين: الفكرة الأنسانية والتي تحمل في جوهرها عناصر تطورها واستمراريتها وملموسيتها بحكم انها فكرة من نتاج الفكر الأنساني اي هنالك امكانية دائمة لنقدها. والفكرة التي تحمل طابع الأطلاق اي التي انتجت خارج الوعي الأنساني ولا يمكن نقدها. والفكرتين تتصارعان منذ بداية تشكل الوعي والأدراك .. وترافق مع تشكل المصالح الفردية والأنتقال من الشكل البدائي لأنتاج الخيرات المادية الى الشكل الأقطاعي وظهور الملكية الخاصة , وانعكاسها على المجتمع الأنساني من حيث ظهور التمايز الأجتماعي(الطبقي) بحكم تراكم الثروات المادية.. وبدا الصراع ياخذ طابع اجتماعي مما اضطر اصحاب الثروة من توظيف الفكرة المطلقة لأخضاع المجتمعات البشرية، وتشكيل قناعة قدرية بان التمايز الأجتماعي هو قدر، يجب القبول به، واصبحت تستخدم كمفهوم اخلاقي للحروب والغزوات واخضاع الآخرين والغائهم تحت شعار ارادة الفكرة المطلقة وتنفيذ حكمها، واذا دققنا بكل الحروب التي خيضت منذ بدابة التاريخ الأنساني المسجل فاننا نلاحظ ان اغلبها قامت بها القوى التي تؤمن بالفكرة المطلقة وخاضت حروبها وقتلت وغزت وفتحت من اجل سيادة الفكرة المطلقة وفي هذا السياق فان الحروب التي تخاض تحت هذا الشعار هي في جوهرها غير مشروعة وانما حروب تحركها المصالح الأقتصادية وانعكاساتها السياسية وتاخذ من الفكرة المطلقة شعارا لأعطاء بعد اخلاقي من خارج الوعي الأنساني وغير خاضع للنقد لتبرير جرائمها وممارساتها التي تتناقض مع جوهر الفكر الأنساني الملموس والقائم على اساس احترام الأنسان بغض النظر عن فكره او معتقده او شكله او جنسه. والمكان لا يكتسب مكانته الا من خلال سلوك الأفراد وافكارهم وارتباطه بتشكل وعيهم الأنساني عبر الزمان ويؤثر بشكل او بآخر بسلوك الأفراد ولكنه ليس الحاسم. ولذلك فان الصراع على المكان جوهره ,ارتباط المكان بمصالحه، أو بتشكل وعيهم وتطوره.

الملفات