2024-04-25 10:08 ص

العرب والمسلمون يدمرون أنفسهم

2015-04-26
بقلم : حماد صبح
يتفاجأ الكثيرون من الجرأة السعودية في التدخل العلني في أحداث المنطقة . السعودية كانت دائما تتحرك وراء ستار . وشمل تحركها ذاك أكبر أحداث المنطقة في أدوار لم تكن لصالح العرب والمسلمين . ولم يكن الدور العسكري المكشوف من فعاليات تحركاتها . ومثل ما سمي " عاصفة الحزم " ، التي قادتها في تحالف غريب سمي التحالف العربي ضد اليمن ؛ ذروة مفاجئة في تحركاتها . ورافق تلك العاصفة الحديث عن إمكانية تنفيذ مثيل لها في سوريا، وقوي ذلك الحديث بعد هدوء العاصفة ، ولا نقول توقفها . وتناهت جرأة السعودية في قول مندوبها عبد الله المعلمي في جلسة أخيرة لمجلس الأمن :" إن المملكة العربية السعودية التي أثبتت قدرتها على الحسم والعزم ونصرة الأشقاء لن تألو جهدا في سبيل مساعدة الشعب السوري على تحقيق تطلعاته وطموحاته في الحرية والكرامة " . كلام المندوب السعودي ليس كلاما شخصيا ، وإنما هو تعبير عن سياسة وتوجه لبلده . ولن نقف كثيرا عند فخره بإثبات قدرة المملكة "على الحسم والعزم ونصرة الأشقاء" . إنه كلام إنشائي طافح بالوهم . ما من حسم ولا عزم ولا نصرة أشقاء _ بصرف النظر حتى عن خلافات اليمنيين الداخلية _ في حرب جوية على بلد عربي فقير لا يملك وسائل دفاع جوي ، وفي قتل وجرح الآلاف من الأبرياء وهدم المؤسسات والمرافق المدنية . ويكفي نفيا لذرة أي فخر _ في الجانب العسكري _ أن المملكة لم تتجرأ عليها إلا بمساندة أميركية كاملة في كل نواحيها ، ولا نتحدث عن بقية الدول التسع التي شاركت فيها ، ولا نتحدث كذلك عن الفشل العسكري للمملكة في حرب 2009 _ 2010 مع الحوثيين التي احتلوا خلالها عددا من القرى السعودية الحدودية . مادامت هذه حال المملكة في الأداء العسكري ؛ فالسؤال الطبيعي : من أين لها الجرأة على التدخل العلني في أحداث المنطقة تدخلا بلغ المستوى العسكري المباشر الذي تبدو فيه رأس حربة ؟ جرأتها مصدرها التوجيه الأميركي والغربي ضمن المخطط الذي يريدونه للمنطقة ، وهدفه تدمير العرب والمسلمين بأيدي العرب والمسلمين أنفسهم . الحرب على اليمن ليست عربية عربية خالصة . كيف تكون كذلك وباكستان شاركت فيها مباشرة ، وتركيا أيدتها ، وفي الخط المواجه وقفت إيران ؟ ولأن المخطط الأميركي الغربي يستهدف كل العرب وكل المسلمين فلابد أن يتجه إلى سوريا بعد اليمن الذي لم يحسم فيه شيء ، وكل ما حدث هو غرس مفجرات لنزاعات متواصلة داخل اليمن ومع السعودية نفسها . وفي سوريا ستكون الكارثة العربية والإسلامية قد أخذت مداها الأوسع حجما وهولا ؛ إذ سيشترك في الحرب هناك كل عرب المشرق وتركيا وإيران وباكستان ، ورغم وضوح الموقف الروسي في الوقوف في صف سوريا فلا ندري كيف ستتصرف روسيا في تلك الحالة التي ستقلب الكثير من المعادلات والمواقف الحالية . أحداث الحروب تخرج أحيانا عما رسمه مشعلوها وأرادوه ، وتجر إليها أطرافا جددا ، وتخرج أطرافا قدامى . يبدو ان تدمير العرب والمسلمين لأنفسهم قد انطلق من اليمن ، وأن ما حدث في أربع السنوات الماضية من تدمير عربي اتخذ طابعا محليا ذاتيا سيأخذ بعد اليمن طابعا عربيا _ عربيا _ إسلاميا ، ومادام بهذه الصفة فلن ينجو من مهالكه القادمة أحد وأولهم من يتوهم أن الحرب على أشقائه لمصلحة الأعداء نوع من "الحزم" الذي يفيد في مدلوله اللغوي جودة الرأي وصوابه ، وما حدث في اليمن في اليمن أبعد ما يكون عن تلك الجودة وذلك الصواب . وفي الوقت الذي يمارس فيه العرب هذا العبث الكارثي بوجودهم ومصيرهم احتفلت إسرائيل يوم الخميس الماضي بالذكرى السابعة والستين لولادتها أو ما تدعوه استقلالها ، ولم يفت رئيس الكنيست يولي أدلشتاين وهو يعدد في الاحتفال مزايا إسرائيل ومنجزاتها في كل المجالات أن يفاخر بأنها دولة متميزة متفردة بتلك المزايا والمنجزات بين الدول التي تجاورها . وحقا ليس لدى من يجاورونها ما يفخرون به سوى تدمير أنفسهم والتآمر معها ومع منشئيها في الغرب ضد بعضهم .

الملفات