2024-04-18 12:45 م

ليس لنا الا خيار المقاومة ...

2015-05-03
بقلم: جمال العفلق
منذ سنوات كانت المقاومة هي حالة محدده جغرافيا تعتمد بوجودها على وضع استثنائي وهو الاحتلال وفي ذلك الوقت كانت قواعد اللعبة واضحة المعالم ، وبالرغم من خروج أصوات كثيره تقلل من دور المقاومة وتحاول إضعاف دورها الفاعل وخصوصا في الصراع العربي الإسرائيلي الا ان صوت المقاومة كان الأعلى وفرضت نفسها على الساحة الدولية واجبرت حتى الداعمين للصهيونية على الاعتراف بها مرغمين . وبعد تحقيق المقاومة لأهدافها خرجت أصوات تطالب بنزع سلاحها او انهاء دورها واتخذ فرسان المنابر والتصريحات التلفزيونية مواقعهم للحديث عن وجوب انتهاء الدور المقاوم واعتبار ان خطاب المقاومة اصبح اجوف وعلينا قبول الواقع بجوار ما يسمى (( إسرائيل )) وكف اللسان عنها . ساعد ذلك التيار الدور الفلسطيني الذي رهن نفسه للمال والمساعدات وادعى انه متمسك بالسلام في خذلان الفلسطينيين أولا والعرب الذين لا يقبلون بالمساومة على حقوقهم او قبول الوجود الصهيوني بالمنطقة وهو الوجود الذي كان ومازال مصدر لكل مصائب المنطقة وما الحروب التي تعيشها المنطقة اليوم الا واحده من حروب الصهيونية على شعوب وتاريخ هذه المنطقة من القدس الى بغداد ، وما العدوان الجديد على اليمن اليوم الا جزء من هذه الحرب التي تديرها الصهيونية من خلال الخارجية الامريكية واعوانها من العرب الذين تقودهم المصالح الفردية لا المصالح الوطنية لشعوبهم . فلماذا خيارنا المقاومة ؟؟ ان هذا الخيار اليوم ليس خيارا عسكريا وحسب انما هو مشروع متكامل يحمل فكر وطني لا مذهبي او ديني او عرقي لا حدود جغرافية له كما يريد المشروع الأمريكي المعلن أخيرا والذي مررته لجنة القوات المسلحة داخل الكونغرس الأمريكي والذي يقضي بتقسيم العراق الى ثلاث دويلات ، كردية سنية شيعية . هذا المشروع هو بالحقيقة تتمة لما بدأ فيه الامريكان في العراق منذ احتلال واذا ما نجح هذا المشروع وقبلت فيه الحكومة العراقية فهذا يعني ان المرحلة الأولى من الشرق الأوسط الجديد بدأت بالفعل وهذا سيفضي الى تقسيمات أخرى ستشمل سورية ولبنان وإبقاء فلسطين المحتلة تحت إدارة العصابات الصهيونية ، ومن يساعد على تنفيذ هذا المشروع هم جنود الصهيونية المنتشرين على طول هذه الأرض وعرضها وهم كُثر منهم مسلحين وعلى شكل عصابات ومرتزقة مثل داعش والنصر وجيش الاسلام ، واخرون سياسيون يرتدون ربطات العنق ولديهم منابر وتكتب لهم الخطابات وتدفع لهم الأموال ، اما الجزء الأكثر سوء هم الإعلاميون والأقلام المأجورة التي تبذل جهدها ليل نهار لتشوية صورة الواقع وبث السموم الطائفية والتحريض المذهبي والعرقي . واليوم لم يعد هناك عذر لأحد أن اللعبة سرية كما حدث أبان الثورة العربية عام 1916 التي انتجت سايكس بيكو ووعد بلفور المشؤوم .. واليوم لا عذر لأحد ليقول لم نكن نعلم او لم يخبرنا احد فالغرب يتصرف بشكل علني ويعلن ما يريد وينشره ويترجمه لكل اللغات ، فهل علينا القبول ؟؟ ان تجاربنا السابقة مع المقاومة والصراع مع الصهيونية اثبت ان تلك القوى لا تفهم الا لغة واحده هي لغة المقاومة ولغة الصمود التي اثبتت انها هي اللغة الوحيدة التي يجب ان تسود ودون حدود جغرافية محدده فلا يدعي احد ان هناك امن وطني مستقل عن امن دول الجوار وما أخذ اليوم على حزب الله انه يقاتل خارج ارضة سيأتي جيل في لبنان ويكرم الحزب ومقاتليه لأنهم يدافعون عن لبنان الوطن لا عن دمشق او طهران كما يحب ان يغرد مجندو السعودية على مواقع التواصل الاجتماعي . والحشد الشعبي في العراق يقاتل لحماية العراق من التقسيم لا للاستحواذ على السلطة كما يصرح المعادون للعراق الوطن .. وما دور الجيش السوري الذي يقاتل على امتداد الأراضي السورية ويحاصر المرتزقة ضمن أراضيه الا دور وطني وعربي شريف لأنفاذ حتى دول الجوار لسورية والمعادية لشعبها مثل الأردن الذي سيكون او دافعي الثمن للتقسيم الذي تسعى له اميركا . أما اليمن الذي يدمر على مدار الساعة ويضرب من الجو ويحاصر من البر والبحر من قبل (( الاشقاء العرب )) فمقاومته اليوم لهذا العدوان ستغير خارطة الخليج وخصوصا السعودية التي سعى حكامها الى هذا التغيير وساروا بأمر أمريكي الى المستنقع اليمني الذي سوف يقتلعهم سياسيا ولن ابالغ ان قلت جغرافيا فالحقوق التاريخية لا تسقط بالتقادم . لهذا ليس لنا الا خيار المقاومة والا سنكون شعوب عراة في يوم حار ممده على الأسفلت ننتظر الرحمة من امراء الحرب والمال لنعيش المستقبل . ذلك المستقبل الذي لن يصنعه الا نحن لأجيال قادمة من حقها العيش بكرامة ، اما الذين يتبجحون ليل نهار عن الثورات والربيع العربي المزعوم ليس لهم الا فنادقهم التي يباتون فيها ، فالحرية لا تأتي على ظهر دبابة إسرائيلية او أمريكية كما يدعون .. والكرامة العربية ليست بطاقة تهنئة يرسلها فرد او حزب للكيان الصهيوني يهنئ فيها احفاد عصابات الهاغانا بالاستقلال كما يفعل ما يسمى معارضة سورية اليوم . ان خيار المقاومة هو خيار شعوب المنطقة المتمسكين بأرضهم وتاريخيهم ولا يعنيهم ارتفاع سعر النفط او انخفاض اسهم النيويورك ، ولا التزلج على جبال الألب او زيارة قصور أمراء السعودية وتناول وجبات اللحم الممزوج بدماء أطفال العرب . ان خيار المقاومة هو خيارنا ليس لأننا طلاب حرب انما لأننا مدافعين عن الحق رافعين شعار حق البقاء وحق العيش وحق الحياة . لهذا هو خيارنا وسيبقى خيارنا فنحن أصحاب هذه الأرض وعليها ومن اجلها سنموت .

الملفات