2024-04-25 03:13 م

سورية .. امتدت اليد السعودية وظهر العدوان التركي المباشر ولدينا من الأوراق ما يعمي الأبصار؟!

2015-05-28
بقلم:  د. محمد بكر*
في مقابلة مع قناة الإخبارية السورية وضمن برنامج دومينو السياسة أطل السفير السوري السابق لدى تركيا الدكتور نضال قبلان ليتحدث عن الدور التركي في مسلسل الحرب على سورية وليختم حديثه بأن حزب العدالة والتنمية سيستمر في عدوانه ومشروعه على الدولة السورية فالمعركة بالنسبة له هي معركة " كسر عظم " ومعركة وجود و صراع كن أو لا تكن وهي بالطبع كذلك من دون أدنى شك , وفي سياق حديثه عن الدور الإيراني والموقف الصارم الذي تبديه الجمهورية الإسلامية من المنخرطين في الحرب على سورية , أورد معلومة تصب في هذا الإطار وهي عندما قام الرئيس التركي عبد الله غل بزيارة إلى إيران في بداية الأزمة السورية وكان حينها محمود أحمدي نجاد رئيساً , استأذن قائد الحرس الثوري الإيراني من الرئيس التركي ليبعث له برسالة مفادها ,أن لدى الجمهورية الإسلامية معلومات تفيد بنية تركيا مهاجمة سورية قائلاً : ( إن كل رصاصة تطلق على سورية ستقابل بعشرات الصواريخ الإيرانية التي ستطلق على تركيا , وكل جندي تركي يدخل إلى سورية فإن لدينا أربعة ملايين جاهزين ) , معتبراً في نهاية البرنامج ( أي الدكتور قبلان ) ومؤكداً وواثقاً من أن دمشق لديها الكثير من الأوراق التي تعمي " أبصار العالم" على حد وصفه , ولم يحن الوقت بعد لاستخدامها أو إبرازها , بدوره وفي معرض رده على تصريحات وزير الخارجية التركي أكد نائب وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد أن أي دولة ستقدم الدعم للمجموعات المسلحة ستعتبره دمشق بمنزلة " العدوان المباشر " مبيناً أن النيات التركية إنما تهدف إلى إطالة أمد الصراع في سورية وقتل المزيد من الأبرياء وصياغة المزيد من الدمار , هذا الكلام الذي سرعان ما استحضر إلى الذاكرة بشكل أسرع من البرق ما أدلى به مؤخراً مندوب سورية لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري وفي معرض رده أيضاً على المندوب السعودي قائلاً : ( لترنا السعودية ماذا ستفعل لبلادي وعندها سنقطع اليد التي تمتد إلينا ) . وهنا نقول: أربع سنوات ونيف وسورية تتعرض خلالها لحرب تكالب فيها العدو والشقيق لم تمتد خلالها اليد السعودية وحسب بل أوغلت في الامتداد والاستعلاء والاعتداء , وتغلغل فيها الفكر الوهابي والنار السعودية لتطال البشر والحجر , ولم يدعم فيها التركي المجاميع المسلحة وحسب بل بات الموجه والمساند والممول على الأرض السورية, والجميع يعرف ماهو الدور الذي لعبه التركي في سقوط مدينة إدلب وجسر الشغور وكيف كانت قواته وجنوده تساند وتدعم بكل وسائل الدعم اللوجستي جبهة النصرة , تماماً كما يحدث على الجبهة الجنوبية من تنسيق عالي المستوى وواضح المعالم والأهداف والغايات بين الكيان الصهيوني والمجاميع الإرهابية المسلحة التي يُقدم لها مختلف صنوف الرعاية والعلاج في المستشفيات الإسرائيلية, يزورها وعلى الملأ , بنيامين نتنياهو ليشحذ هممها ويرفع من معنوياتها , وبذات الأسلوب ولذات الهدف يتسلل جون ماكين إلى الأراضي السورية وتحديداً في ريف إدلب وعلى " عينك يا تاجر" ليلتقي قادة المجموعات الإرهابية وبنفس الطريقة ولذات الهدف أيضاً وبذريعة زيارة قبر سليمان شاه يتسلل أحمد داوود أوغلو ليلتقي الإرهابيين بهدف صياغة المزيد من سيناريوهات سفك الدماء وقتل الأبرياء وتدمير البنى التحتية , ولنفس الغاية صال وجال وأغار الكيان الصهيوني على مراكز للبحوث العلمية وغير العلمية وفي توقيت لا يفسر إلا في إطار الدعم والمساندة لوكلائه على الأرض السورية . في معركة الوجود وكسر العظم , وفي صراع ٍعلى قاعدة أكون أو لا أكون , فإن الاكتفاء بإجهاض المشاريع والمخططات والسيناريوهات في الداخل السوري فقط , واستمرار انتهاج الاستراتيجية الدفاعية في لجم الأخطار ودرء التهديدات وبالرغم من نجاحها على مدى سنوات الحرب, إلا أنها لن تلجم في اعتقادنا المعتدين والمشغلين والممولين عن الاستمرار في صياغة كل ماهو جديد لإطالة أمد الأزمة , ولن تكفي لإخماد الحريق المستعر في أرضنا الذي وقوده حجارتنا وأناسنا ونساءنا وأطفالنا وشبابنا وشيبنا واقتصادنا وليرتنا ومؤسساتنا ومقدراتنا ومواردنا . في معركة الوجود وأمام كرة النار المتدحرجة على العين الأمريكية , حان الوقت للدخول الحقيقي في الخيارات المفتوحة , والردود المؤلمة التي تستهدف أو بالحد الأدنى تهدد مصالح المعتدين في المنطقة , لا بل لا يوجد وقتٌ مناسب أفضل من هذا الوقت للتطبيق العملي لتمريغ الأنوف بالتراب والتسوية بالأرض على طريقة الخطاب الإيراني , ولأنْ تتذوق أمريكا وحلفائها مرارة الهزيمة في سورية , إذ لطالما كانت حلقة مهمة في محور المقاومة ,كما أعلن مؤخراً المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية , وعليه وأمام اليد السعودية الآثمة والعدوان التركي المباشر فإن الوقت قد حان لإنهاء مسلسل توجيه " الرسائل الصارمة " , وإرسال الرسائل المتطابقة لمجلس الأمن والأمم المتحدة الراعيان الرسميان للجرائم التي تحدث في المنطقة , والشروع الفاعل في لجم المعتدين, تماماً كما يفعله اليوم الجيش اليمني وحلفائه على الأرض اليمنية من قصف للمواقع السعودية على الرغم من تواجد وتغلغل وانتشار الأدوات السعودية التي تقاتل في الداخل اليمني من ميليشيات الرئيس المنتهية ولايته إلى عناصر تنظيم القاعدة وغيرهم , فما يقوم به الجيش اليمني واستمراره في الرد على الرأس بالتوازي مع مواجهة أدواته في الداخل هو الذي سيشكل العامل الرئيس في تحقيق النصر . ليس ثمة وقت ٌ أفضل من اليوم , لاستخدام أوراقنا وكل ما يردع من اعتدى على شعبنا وأرضنا فمعركة الوجود يجب أن تتنامى فيها الردود ذات المفاعيل المؤثرة على مستوى طبيعة وشكل الهجمة التي تستهدف وجودنا وكياننا وثقافتنا وهويتنا الوطنية ورمزية رسالتنا الطافحة بالبطولات والتاريخ النضالي , هذه الردود التي لسنا بحاجة فيها لاستخدام الأوراق التي تعمي أبصار العالم, بل هي ورقة وحيدة تتنامى فيها الإرادات وتتوحد في سياق توجية " رد محدود ومدروس" لرأس الأفعى الإسرائيلية , هذا الرد الذي ستعود معه البوصلة لوجهتها والروح القومية لمسارها الطبيعي في الفكر العربي والإسلامي , وسيكون الكفيل باستحضار الحلول وتناثر الإرهاب الجحافل منه والفلول , وهنا يحضرني قولٌ تاريخي للراحل حافظ الأسد يقول فيه ( نحن نجيد اللعب على حافة الهاوية وإذا سقطنا لا نسقط إلا على جثث أعدائنا ) , لكن عجباً أني أرى الهاوية كل يوم ٍ ألف مرة ٍ ولم أرَ للأعداء الفعليين جثث .
* كاتب سياسي فلسطيني مقيم في سورية
mbkr83@hotmail.com