2024-04-20 07:09 ص

المعادلة س س من جديد ؟

2015-07-02
بقلم: الإعلامية مها جميل الباشا
من المفارقات العجيبة في السياسة الدولية أن تنقلب الأحداث خلال أسبوع واحد فقط من الحرب الباردة بين أقوى دولتين في العالم (روسيا وأمريكا) بتهديد البنتاغون المباشر لروسيا بتخزين دبابات وعربات مشاة قتالية وغيرها من المعدات الثقيلة إضافة إلى 5000 جندي في العديد من دول البلطيق وأوروبا الشرقية بهدف ردع أي عدوان روسي محتمل على الدول التي كانت تابعة للاتحاد السوفياتي السابق، ليرد الأخير بتهديد أكبر بتعزيز ترسانته النووية!!! إلى اتفاق مبطن بين روسيا وأمريكا لحل الأزمة السورية سياسياً الذي نقله ولي ولي عهد الملك السعودي في زيارته الأخيرة إلى روسيا لتنام عليه روسيا وتطرحه بعد الاتصال الهاتفي الذي جرى بين أوباما وبوتين قبل زيارة وزير خارجية سورية وليد المعلم إلى روسيا. ما الأسباب التي أدت إلى هذه النقلة النوعية في الأحداث ؟؟؟ هل التهديد الروسي بالرد على نشر أسلحة ثقيلة أمريكية في دول البلطيق بصاروخ اس 500 ؟؟ أم تصريح وزارة الدفاع الروسية على أن تنظيم "داعش" الذي دعم الغرب قيامه بغية إسقاط نظام بشار الأسد في سورية، خرج من تحت سيطرة رعاته الغربيين ليبدأ بالسعي في تحقيق مصالحه الخاصة هو السبب الأهم ؟؟ هناك من يقول إن خطورة التهديد الذي ذكره المحلل السياسي والاستراتيجي الأمريكي (كونك يوجر) موضحاً بأن تنظيم الدولة الإسلامية يفكر في الهجوم على الحليف الأول لأمريكا في المنطقة وهي السعودية مما يستدعي تدخل أمريكا برياً وبالتالي "يشعل المسلمين السنة" لتتعاطف مع السعودية وعفى الله عم مضى من جرائم سعودية مرتكبة بحق الدول المشتعلة (سورية والعراق واليمن وليبيا) هو السبب الأول ؟؟؟ ولا يخفى على المطلعين بأن ما قاله الباحث والبرفيسور الروسي يفغيني سوكولوف بأن السعودية هي حليف تقليدي للولايات المتحدة الأمريكية وكانت تؤيد على الدوام مواقف واشنطن في كل شيء وتسهم في تنفيذ خططها أنها تسير في ركابها، أما اليوم فإن عائلة آل سعود الحاكمة في السعودية أدركت أنها كانت تصنع بذلك الأسلحة التي ستقتلها لذلك تحاول هذه العائلة اليوم التراجع عن الاذعان لمواقف أمريكا لأنها تشعر باقتراب الخطر المميت لما يجري في الشرق الأوسط من حدودها بصورة لا مفر منها ولذلك أخذت الرياض تعمل لإقامة اتصالات مع روسيا بما في ذلك في مجال السياسة الخارجية . إذا كان التهديد الروسي الأول بالرد على التهديد الأمريكي بنشر أسلحة ثقيلة أمريكية في دول البلطيق واوروبا الشرقية السبب في التقرب بينهما لا اعتقد لأن التهديد عبارة عن بالون مفخخ اعتقد الآخرون بأنه عودة الحرب الباردة فيما بينهما وهذا ايضا سابق لأونه ما إن تمت الموافقة عليها من قبل الكونغرس الأمريكي لكن حتى تاريخه لم تتم الموافقة. قول المحلل السياسي الأمريكي كونك يوجر بإشعال المسلمين السنة من دخول تنظيم داعش إلى السعودية هدفه التعاطف مع السعودية !! سبب ضعيف وخطر لأن أمريكا تدرك تماماً مدى خطورته في حال انقلب السحر على الساحر ومن الصعب إطفاء الحريق التي قد تشعل السعودية باكملها. السبب الثالث والأخير للباحث والبرفيسور الروسي يفغيني سوكولوف ضعيف جداً .. من يعتقد بأن السعودية خرجت من العباءة الأمريكية فهو واهم أو لايفقه من التاريخ شيئاً ، من تابع سير التاريخ على مر السنين يدرك بأن السعودية صناعة امريكية صهيونية ومواقفها من الأمة العربية والإسلامية وحدها تتحدث. إضافة إلى ما تعرضت له الكويت وتتعرض له مصر لكن لكل منهما أسبابه الخاصة ، في الكويت من حاول أن يعبث بأمن سورية قام بالعبث بأمن الكويت (الطبطبائي وفريقه ممن شاركوا في القتال في سورية) "من صنع داعش بدأ يجني ثماره". وضع مصر بعيد تماماً عن وضع الكويت ولا سيما أن السيسي حدد وجهته السياسية بعد ان وافق على إرسال سفير مصري إلى تل أبيب .. وبالتالي ما تشهده مصر من اغتيالات وقتل لعناصر الجيش في الآونة الأخيرة، يعرفها القاصي والداني بان الإخوان المسلمين هم من وراء تلك العمليات بغية المساومة ما بين سحب قرار الاعدام بحق مرسي وزملائه والإفراج عنهم أو الاتجاه نحو التصعيد بنشر الفوضى في مصر ... الأيام القادمة سوف تخبرنا ما إذا كان السيسي سيوافق على طلبهم أم لا .. مع اني اتوقع موافقته بعد أن وافق على إرسال سفير إلى تل أبيب .. الأسباب الحقيقية وراء الطرح الروسي بالتسوية السياسية لحل الأزمة السورية مصدقاً بموافقة أمريكا وأن موافقة السعودية واخواتها تحصيل حاصل.. السبب الأول هو هز عرش اردوغان غير المتوقع في الانتخابات التركية الأخيرة وفقدانه القرار الأوحد الذي صعب على الحلف الأمريكي الاستعانة بتركيا من الآن فصاعداً إذ ما سمعنا وشاهدنا تصريحات الأتراك الفائزين في الانتخابات من الأزمة السورية. البنك الأكبر لتمويل وتجنيد الإرهابيين في سورية "السعودية" قد ضعف مادياً ولوجستياً بسبب حربه الذي شنه على اليمن أولاً ولعدم استطاعته إدارة حرب طويلة الأمد ثانياً الذي بدأ يهدد عرش آل سعود من الوجود. بالرغم من الاهمية البالغة للسببين اللذين ذكرتهما (التركي والسعودي) إلا أن فشل الأردن في قيادة غرف عمليات معركة الجنوب في ريف درعا وإنشاء منطقة عازلة على حدود الجولان المحتل والقنيطرة على يد الجيش العربي السوري حدد وجهة الحرب على سورية إلى رسم وتسجيل خواتيمها إذ ما أضفنا الانجازات الباهرة في القلمون على يد الجيش العربي السوري والمقاومة اللبنانية (حزب الله). على كلٍ الولايات المتحدة الأمريكية لم تخرج من الحرب على المنطقة العربية خاسرة إذا ما تأكدنا من تحقيق شركات السلاح الأمريكية أرباحاً طائلة بسبب الحروب الدائرة فيها كما حددها أحد المحللين لموقع "جلوبال ريسيرش" البحثي وبالتالي لا غرابة من عقد اتفاق مع روسيا للعب دور في إنهاء الأزمة السورية فما بالكم إذا علمتم بأن أمريكا تراهن على الزمن لإنضاج التسوية "أشهر" مع استمرار الصراع وبعدها ستلتفت إلى التحضير للانتخابات الأمريكية القادمة. التسوية أصبحت في متناول جميع الأطراف سورية والسعودية وتركيا والأردن مع إغراءات سوف تقدم من هنا ومن هناك كما سمعنا منها مؤخراً بتصريحات أمين جامعة الدول العربية نبيل العربي بعودة سورية إلى جامعة الدول العربية وبتغيير اللجنة الرباعية الخاصة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي ... مع اني لا أراها سوى فقاعات مرافقة للتسوية. بدأنا نسمع من جديد بعد ما اسُتخدم بعد اغتيال الحريري وحرب تموز 2006 والتسويات التي تمت على اساسها المعادلة س س وكأن جميع الحلول التي تُقدم لإنهاء أزمات المنطقة العربية تتم عبر البوابة السورية السعودية "س س" لا خوف على القيادة في سورية من تلقي تلك التسوية وقد عهدناها بالمحرك الدبلوماسي الممتاز ولا سيما أنها تمتاز بسياسة النفس الطويل.. إن حصل وتمّ الاتفاق على الجلوس على طاولة واحدة مع السعودية فخياراتها ستكون لصالح سورية بكل مكوناتها، من يعتقد بأن سورية ستوافق فقط تلبية للخيار الروس دون دراسة جوانبها فهو مخطئ... روسيا هي من يهمها مصلحة سورية كما يهمها مصلحتها وعلى هذا الإساس سارع الرئيس الروسي بوتين إلى أن يصرح بأنه داعم لسورية سياسياً وعسكريا واقتصادياً.