2024-03-29 06:43 م

مخاطر إقامة منطقة عازلة على الحدود الأردنية- السورية

2015-07-25
نغم أسعد
في العام 2012، بدأ الحديث عن إقامة منطقة عازلة على الحدود السورية الأردنية من أجل حماية المدنيين من الحرب على سوريا. وعلى مدى السنوات الأربع للأزمة، تواترت التساؤلات حول إمكانية تنفيذ هذه الخطة على أرض الواقع.

ومع بداية الشهر الحالي (تموز) ومع اقتراب تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"-"داعش" بشكل خطير من حدودها، أعلنت الأردن استعدادها للعب دور مؤثر إقليمياً في الأزمة، بما في ذلك خيار بناء منطقة عازلة خالية من المدنيين لاستخدامها في تقديم الدعم للمسلحين الذين يقاتلون النظام في سوريا، بينما كانت تركيا أعلنت عن خطط لإرسال 18 آلف جندي إلى سوريا لمحاربة "حزب العمال الكردستاني" لا "داعش".

ورحّبت الأردن، التي وقفت على الحياد بالقرار الذي لطالما تداولته الأوساط الدولية ومنها الأمم المتحدة، على لسان وزير إعلامها محمد المومني وبأي "قرار من شأنه أن يساعد الشعب السوري على إنهاء أزمته".

وحول مشروع تدريب العشائر السورية، أوضح المومني أن الأردن جزء من التحالف العربي والدولي ضدّ الإرهاب، وقد تم التوافق بين الجميع على الكثير من الخيارات التي من شأنها القضاء على التنظيمات الإرهابيّة التي استباحت مناطق سوريا وعراقيّة"، مشيراً إلى أنه من بين الخيارات تمكين العشائر السورية من محاربة تلك التنظيمات، من خلال مدّهم بالأسلحة والتدريب اللازمين، وذلك بناء على طلب أبناء العشائر أنفسهم.

وأشارت تقارير إلى أن المنطقة العازلة التي تُخطّط تركيا لإقامتها ستمتد من مدينة عين العرب (كوباني) التي يسيطر عليها الأكراد، إلى منطقة ماري الخاضعة لـ"الجيش السوري الحر" وستؤمن بقوات برية وقذائف وغطاء جوي، ومن الجهة الأردنية تمتدّ عبر المحافظات السورية الجنوبية درعا والسويداء.

ووفقاً للسفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد فإن أنقرة جديّة في طرحها قضية المنطقة العازلة بسبب خوفها من تهديد الأكراد الذين حقّقوا انتصارات عديدة على "داعش" في سوريا، بينما الأردن "غير جادة" في هذه الأمر مشيراً إلى أنه "من المحتمل أن تكون هذه طريقة عمان في طلب مساعدة الولايات المتحدة".

كما رأى الباحث في "جامعة ميريلاند" فيليب سميث أن "الأردن وأنقرة بتجديدهما العزم على إنشاء المناطق العازلة يبعثان برسالة إلى واشنطن، مستخدمين الإعلام الدولي، يعلمانها بنفاد صبرهما".

ومهما نفذ صبر الأردن من تداعيات الأزمة السورية بحيث وصل عدد اللاجئين السوريين إلى 629 ألف لاجئ، إلا أن إقامة المنطقة العازلة قد تؤدي إلى "كارثة".

واعتبرت مجلة "فورين افيرز" الأميركية أن إنشاء المنطقة العازلة في سوريا "بمثابة تعدٍ غير مرغوب فيه على الأراضي السورية، ما قد يدفع النظام السوري إلى الردّ عسكرياً على الخطوة الأردنية، أو يجعلها (المنطقة) ممراً للمتطرفين باتجاه المملكة".

في مقال بُعيد الاحتفال بعيد الجيش الأردني والذي يتزامن مع الثورة العربية الكبرى على الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، كتب الصحافي ماهر أبو طير في جريدة "الدستور" الأردنية تحت عنوان "مملكة عربية جديدة عاصمتها عمان" أن "الحكم الهاشمي، كان في الأساس ممتداً إلى العراق بكل تكويناته، وسوريا بكل تكويناتها، وفلسطين أيضاً، بأهلها وقدسها قبل كل شيء، فما الذي يمنع أن يكون الأردن نواة لدولة عربية هاشمية جديدة ممتدة، خصوصاً أن الحنين العراقي والسوري والفلسطيني للهاشميين على أشدّه بعدما شاهدوه وعاشوه في دولهم تحت حكم أنظمة التصدّي والرفض والغضب، وللهاشمية السياسية جذر في كل دول الجوار؟!".

من غير المرجّح أن توسّع الأردن حدودها الجغرافية، لكن سياستها الخارجية أصبحت أكثر جرأة. وإذا كانت الأردن تتبنّى، بإنشاء المنطقة العازلة، وسيلة ذكية لإيجاد شبكة أمان وتفريغ الآلاف اللاجئين، إلا أنها تقوّض أمنها الداخلي.

ورأى الباحث الأردني علاء الربابعة أن المنطقة العازلة ستثير غضب النظام السوري الذي سيردّ عسكرياً على الأردن خصوصاً وأنه كثّف في الآونة الأخيرة عملياته العسكرية ضدّ المسلّحين في درعا، مضيفاً أنه "على الرغم من عدم رغبة الرئيس السوري بشار الأسد في زيادة أعدائه إلا أنه لن يستطيع تجاهل هذه الخطوة الأردنية".

وأضاف أن الأردن "ستزجّ نفسها عن غير قصد في السياسة المعقّدة للجماعات المعارضة الراديكالية في الجنوب السوري"، مرجّحاً ان تقوم هذه الفصائل المسلّحة بعمليات انتقامية ضدّ المملكة إذا منعتها الأردن من استخدام المنطقة العازلة كمنطلق لعملياتها ضدّ "جيش الفتح" الذي يُعتبر أقوى التنظيمات في درعا.

وحافظت الأردن، نسبياً، على أمن حدودها على الرغم من سقوط عدد من القتلى والجرحى المدنيين بقذائف عشوائية. ومع تحوّل المنطقة الآمنة إلى عنصر جذب للجماعات المتطرّفة مثل "داعش" و"جيش الفتح" واضطرار المملكة إلى إرسال قوة برّية إلى الجنوب السوري، تكون الأردن قد دخلت بشكل مباشر في الأزمة السورية ما يقوّض استقرارها الأمني الداخلي، وفقاً للربابعة.

وفي ظل المعارك المستمرة في درعا، يواجه الأردن مخاطر أمنية متزايدة، الأمر الذي يستدعي ثباتها على سياساتها الحالية.

وإذا كان الهدف من هذا الطرح الأردني، حسب فورد، أن تحصل المملكة على مساعدة الولايات المتحدة، أوضح الربابعة أن واشنطن يمكنها أن تقوم بالتعاون مع موسكو وطهران في إجبار الأسد على القبول بوقف لإطلاق النار في الجنوب السوري بما يقلّل من فرص زجّ عمان في الصراع السوري.

كما يُمكن لواشنطن بالتعاون مع المجتمع الدولي أن تزيد الدعم المادي للأردن لسدّ احتياجات اللاجئين السوريين.

وهكذا تتمكّن عمّان من ضمان أمن حدودها من دون اللجوء إلى خيار المنطقة العازلة.

عن صحيفة "السفير" اللبنانية