2024-04-23 07:38 م

اليمن والعدوان السعودي-الأمريكي ....المستجدات

2015-07-26
بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني
لم تتوقف طائرات "التحالف" الذي تقوده السعودية على اليمن منذ 26 من شهر آذار الماضي ولغاية هذه الساعة ولو للحظة واحدة، حتى فقد البعض منا كم هي عدد الطلعات التي نفذتها طائرات "التحالف" السعودي الذي يدار من غرف عمليات أمريكية بكل المقاييس. فالولايات المتحدة هي من تزود الطائرات بإحداثيات المواقع المواد قصفها وهي التي تزود الطائرات بالذخيرة والصواريخ الموجهة وهي من تقوم على صيانة هذه الطائرات وتزويدها بكل ما يلزم من مخازنها العسكرية التي لا يبدو انها تنضب فالمصانع الحربية الامريكية تعمل ليلا نهارا لتحقيق الأرباح الطائلة من حصد أرواح اليمنيين وتدمير الأسواق العامة والمدارس والمستشفيات والطرق العامة والجسور والمزارع ومصانع الأغذية وصوامع الحبوب والأماكن الاثرية التي يمتد عمرها الى مئات والالاف السنوات، وتدمير كل ما يساعد على مقومات الحياة ولو بحدها البدائي الأدنى. فلم يعد هنالك ما يسمى بالبنية التحتية في اليمن وهذا بشهادة كافة المنظمات الإنسانية والحقوقية التي تعمل في اليمن، وأعلنت الكثير من المناطق مناطق منكوبة اللهم باستثناء حضرموت التي تسيطر عليها تنظيم القاعدة والدواعش فهذا الإقليم لم يمس بل على العكس يزود بالمواد التموينية والأسلحة التي تسقط هبات ومكرمات ملكية من آل سعود. ويتحفنا نجل الملك السعودي الذي يشغل منصب وزير الدفاع بتهديد "مسح اليمن عن الوجود" وان العدوان على اليمن سيستمر "حتى لو أبيدت اليمن" ( المنار المقدسية 21 07 2015)، هذا اذا ما افترضنا انه ما زالت بعض البيوت أو الأبنية التي لم تتسلم الهدايا التي تسقط من السماء كمكارم سعودية ملكية . ولا يجد المتعطش للدماء حرجا في ان يصرح للضباط السعوديين الذي اجتمع معهم مؤخرا من ان السعودية قامت باستئجار وحدات عسكرية مرتزقة من دول عربية وغير عربية ليقاتلوا في اليمن الى جانب الطيارين الذين يقودون الطائرات السعودية. وعلى الرغم من حجم الدمار الغير مسبوق الذي تسببته هذه الحرب المجرمة والغير مبررة واللأخلاقية والهمجية بكل المقاييس بالمقارنة مع أي حرب مدونة جرت على سطح هذا الكوكب الذي يدعى الأرض، فان العدوان ما زال مستمرا. ويقف "المجتمع الدولي" عاجزا عن ايقافها أو حتى على ادانتها في أغلب الأحيان وكأن ما يحدث في اليمن يحدث على كوكب آخر، بالرغم من كل التقارير الواردة من منظمات الأمم المتحدة بضرورة وقف العدوان ليتسنى لهذه المنظمات تقديم المعونات الغذائية والطبية الملحة، فشعب اليمن بأكمله بات بحاجة الى مثل هذه المساعدات. الجميع يتحدث عن وقف إطلاق النار والأمم المتحدة لا تتجرأ على القول بان المطلوب هو وقف العدوان السعودي ومن لف لفهم والقصف المتواصل بالطائرات وان يكف الحصار البري والبحري والجوي الذي يفرضه "التحالف" الذي تقوده السعودية. وهو حصار غير قانوني ولا شرعي ولا يحق للأمم المتحدة ان تستجدي السعودية التي تتصرف خارج القانون الدولي والشرعية الدولية، في الوقت الذي يجب عليها ان تفرض على السعودية واذنابها من المرتزقة ان تكف عن الحصار واتخاذ الإجراءات اللازمة لإجبارها على التراجع. وإذا كان لا بد من مراقبة ادخال المواد الى اليمن فيجب ان تقوم قوات دولية مشكلة من مجلس الامن ليشرف على هذا، وليس السماح لقوات "التحالف" ان تمارس اعمال القرصنة في البر والبحر والجو على اليمن. الأمم المتحدة لا تتجرأ على ادانة التدخل السعودي والاماراتي بقوات برية انزلت في عدن ربما لعدم اعتبار هذا عدوانا على السيادة اليمنية. ولم تدين الأمم المتحدة استخدام القنابل النيوترونية أو التحقيق فيما نشر حول الموضوع. كيف بعد كل هذا يراد للشعب اليمني ان يثق بالأمم المتحدة او بالمبعوث الدولي لإيجاد حل للازمة اليمنية؟ حق "حماية المدنيين" الذي يتيح لمجلس الامن ان يتحمل مسؤولية إيقاف العدوان لا يستخدم هنا لسبب بسيط وهو ان العدوان يدار من البيت الأبيض وانه عدوانا تؤيده العديد من الدول الغربية التي هي أعضاء في مجلس الامن، ولان استمرار الحرب تعني تشغيل المصانع الحربية في هذه الدول وعقد الصفقات بالمليارات في الوقت التي يشهد اقتصاد هذه البلدان حالة من الركود. هذا بالإضافة الى ان السعودية كأداة بعدوانها تحقق جزءا من الاستراتيجية الصهيو-أمريكية في المنطقة دون تكلفة مادية أو بشرية أمريكية كما عهدنا في السابق عندما كانت تنزل البساطير الامريكية على الأرض. كثفت الغارات على عدن حتى وصلت الى أكثر من مئة غارة في اليوم الواحد، وتم إنزال قوات خاصة "الكوماندوز" سعودية واماراتية في عدن للمشاركة في الحرب الدائرة بها ولحماية مطار عدن التي اضطرت اللجان الشعبية والجيش اليمني وانصار الله التراجع عنه نتيجة القصف المتواصل، ولقد شاركت طائرات الاباتشي السعودية في القتال الدائر في الشوارع في عدن. كل ذلك حتى تتمكن السعودية واذنابها من السيطرة ولو على بقعة مهما كبرت او صغرت حتى تتمكن من الادعاء بان السلطة "الشرعية" عادت الى عدن لكي تقوم بإدارة البلاد. ان السيطرة على جزء من عدن او على كل مدينة عدن بالكامل لا يعني ان الصراع قد انتهى او ان عدن أصبحت مدينة آمنة وان السلطة "الشرعية" ستعود اليها لتدير شؤون الدولة ولا ندري ما هو المقصود بالدولة هنا. من المعروف أن السعودية لم تبدأ عدوانها الا عندما بدء الجيش اليمني الشرعي واللجان الشعبية بالتوجه الى الجنوب لمحاربة القاعدة التي بدأت بالتمدد ومحاربة أيضا فلول المواليين للرئيس الفار هادي وكذلك حزب الإصلاح الذي تحالف مع تنظيم القاعدة في اليمن. السعودية كانت وما زالت تهدف لتقسيم اليمن وهذا كان السبب الرئيس من تدخلها عندما بدأ الجيش اليمني بالزحف على الجنوب اليمني. وهو ما تسعى اليه الان بعد عملية إنزال لقوات سعودية واماراتية بالإضافة الى وحدات عسكرية تم استئجارها من بعض الدول كما ذكر وزير الدفاع السعودي "فالمال السعودي برأيه قادر على تذليل المستحيل " (المنار المقدسية 17 07 2015 ) ، وهو نفس المنطق الذي استخدم في السياسة الخارجية السعودية منذ عقود من الزمن مبدأ "لكل دولة وانسان ثمن". لن تهنأ السعودية ولا الرئيس الفار هادي الذي بدأ يستقبل المهنيين من الخليجيين "بتحرير" عدن في مكتبه الخمسة نجوم في الرياض. أولا وبحسب الاخبار ولحين كتابة هذه السطور فان الاشتباكات ما زالت دائرة في عدن في محيط المطار الذي ادعت السطات السعودية بان الموالين للرئيس هادي قد سيطروا عليه بالكامل. وهنالك اشتباكات عنيفة ما زالت تدور في المنطقة الشمالية لعدن المدينة. بالإضافة الى كل هذا فان هنالك العديد من الأطراف التي تحارب الجيش اليمني والقوات الشعبية ومقاتلي أنصار الله من الحوثيين في المدينة وخارجها. هذه الأطراف متمثلة بالحراك الجنوبي الذي يقاتل من اجل استقلال الجنوب ولا يقاتلون لعودة الرئيس الفار هادي ولا يريدونه أصلا. الى جانب ذلك هنالك قوات حزب الإصلاح اليمني وهو حزب تنظيم الاخوان المسلمين وهنالك معلومات تتناقلها بعض وسائل الاعلام (المنار المقدسية 23 7 2015 ) التي تؤكد بأن أن "القيادة السعودية وعدت قيادة التنظيم الدولي لجماعة الاخوان المسلمين بمنحهم كرسي الحكم في اليمن، ثمنا لمشاركتهم في محاربة الثورة اليمنية الرافضة للتدخل السعودي" وربما هذا ما يستدل عليه بتواجد عبد المجيد الزنداني مرشد الاخوان في اليمن بزيارة للرياض مؤخرا، واجتماعه مع ملك آل سعود سلمان بن عبد العزيز في نفس الوقت الذي تواجد فيه السيد خالد مشعل في الرياض. أما الأطراف الأخرى فهي تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية والتي صرحت مؤخرا انها تقاتل الجيش اليمني وأنصار الله الى جانب القوات الموالية لهادي والاخرين. وهنالك أيضا تنظيم القاعدة في عدن أيضا والذي يستدل عليه من رفع الاعلام السوداء الخاصة بهذا التنظيم في شوارعها. هذا الخليط الغير متجانس وذو المصالح والرؤى المتضاربة ان اجتمع الان لقتال الجيش اليمني وأنصار الله فانه لن يجتمع غدا فيما إذا ما تم الاستيلاء على الجنوب. ويجب ان لا يغيب عن اذهاننا ان إقليم حضرموت تسيطر عليه القاعدة وداعش. ومع كل هذا الجميع يعلم ان لولا الطيران "التحالف" الذي ينفذ عشرات الطلعات يوميا على كل منطقة ان لم تكن أكثر، لن تتمكن القوات الموالية لهادي وغيرها إبقاء سيطرتها على أي منطقة. قبل قليل فقط أعلنت قوات التحالف ومن طرف واحد وبشكل فجائي عن هدنة إنسانية لمدة خمسة أيام. وهذا ما أثار استغراب الكثير من المراقبين ربما لان السعودية كانت ترفض دائما أن توقف العدوان لبضعة أيام ،وكانت تعلن كما حدث في المرة السابقة عن طريق الناطق الرسمي بأن اعلان الأمم المتحدة للهدنة المؤقتة لا تعنينا. بالإضافة الى ذلك فان السعودية لم تلتزم باي اتفاق للهدنة ولم توقف قصف المواقع المدنية والغير مدنية طيلة ما كان من المفترض ان تكون أيام هدنة إنسانية. والسؤال هنا لماذا الإعلان عن هدنة انسانية الان وبهذا الشكل المفاجئ للجميع؟ هل تريد السعودية ان تستغل هذه الأيام لعودة بعض "الوزراء" للحكومة الغير شرعية القابعة في الرياض الى المناطق التي تسيطر عليها في عدن في محاولة لفرض أمر واقع جديد؟ والدخول على طريق لإيجاد حل سياسي للازمة يستطيع فيه الرئيس الغير شرعي والفار الادعاء بانه يسيطر على جزء من الأرض اليمنية وبالتالي اعطاءه ثقل ميداني في المفاوضات بخلاف الحال عندما كان يغرد من مكتبه في الرياض. أم ان السعودية واذنابها يريدون من هذه الهدنة إعادة التموضع لأنهم يشعرون بان الأرض ليست مستقرة تحت ارجلهم وسرعان ما سيسحب البساط من تحت أرجلهم ويخسرون "الانتصار" الوهمي الذي حققوه؟ أم ان القيادة السعودية بدأت تأخذ على محمل الجد التهديدات التي أطلقها زعيم الحوثيين بالبدء بتنفيذ الخيارات الاستراتيجية والتعبئة العامة لصد العدوان السعودي على اليمن؟ وهو ما أشار له رئيس "اللجنة الثورية العليا" السيد محمد الحوثي بان هذه الخيارات ستكون مفاجئة وعلى انها بالفعل خيارات بالفعل استراتيجية كفيلة بأن تجعل "العدو" يراجع حساباته ألف مرة", في اشارة منه للسعودية التي تقود العمليات العسكرية في اليمن (موقع اليمن الان 25 7 2015). وفي تصريح آخر لصحيفة الاخبار اللبنانية قال الحوثي "ستلاحظون في الأيام المقبلة ما يبشر الجميع ويعيد للشعب استقلاله واستقراره". أم ان السعودية قد هددت بحزم من أطراف دولية أو إقليمية أو كلاهما بأنه في حالة تماديها أكثر في عدوانها وخاصة بعد أن دخلت قوات سعودية واماراتية الى الجنوب اليمني فإنها بذلك تكون قد تجاوزت كل الخطوط الحمر برعونتها وفجورها السياسي وانه فيما إذا ما تراجعت الان وأوقفت عدوانها فأن الامر سينقلب عليها وسيحدث لها ما لا يحمد عقباه؟ العديد من الأسئلة تدور الان ولا شك ان الأيام القليلة القادمة ستجيب على هذه الأسئلة، والى ذك الحين يبقى الانتظار هو سيد الموقف.

الملفات