2024-04-24 10:58 ص

الإنتهاء من سيناريو إخراج اتفاق الهدنة طويلة الأمد بين اسرائيل وحماس

2015-08-15
القدس/المنــار/ الإنقسام في الساحة الفلسطينية، دفع بالتيارات المتصارعة الى البحث عن اصطفافات في الساحة الاقليمية، ومد الخيوط باتجاه قوى التأثير الدولي، هذه الاصطفافات وعملية مد الخيوط تفقد المحاور المتصارعة استقلالية القرار والندّية في التعامل، وانتهاج السياسات الخاطئة نكاية وتشفيا، وبالتالي، تقع في الكمائن ودوائر التشغيل وارتهان القرارات وتغيب المشاريع الوطنية، وتنهار الثوابت، وتزداد تأجيجا نيران الادعاءات وتوجيه الاتهامات، وفي المحصلة النهائية يطاح بالآمال وتتسع دائرة الاحباط في الشارع، ويدفع بهذه المحاور الى أحضان الحلول الاسرائيلية بضمانات ومواقف ووعود تجمليلة من "الرعاة" المرتبطين بشكل أو بآخر باسرائيل.
هذا، هو الوصف للحال الفلسطيني، وصراعات المحاور، ويمكن أن نلحظ ذلك حاليا في سياسة التخبط لحركة حماس التي فقدت قدرتها على اتخاذ القرارات والتصنيف من حيث الأولويات والأدوار، ومثال على ذلك، التحركات التي تقوم بها قيادة الحركة في هذه الأيام، فبعد أن أدارث ظهرها لحلفاء الأمس، دخلت دائرة التبعية المطلقة لجماعة الاخوان، واصطفت الى جانب "مشعلي" ما يسمى بـ "الربيع العربي" ووقفت في الخندق المقابل لشعبي سوريا ومصر، تأييدا ومشاركة للعصابات الارهابية، وجدت الحركة نفسها في مأزق، مأزومة، تفقد أنصارها تدريجيا، متسببة في أوضاع معيشية صعبة في قطاع غزة حيث تتولى الحكم والسيطرة هناك، ولم تعد تنفعها سياسة الانتظار، انتظار صعود جماعة الاخوان الى دفة الحكم والتحكم في هذا البلد أو ذاك.
هذا الحال الذي يلف حركة حماس، وعدم تقدمها لانجاز المصالحة، رغم كثرة الوسطاء وفتح أبواب العواصم لجلسات الحوار، اضطرها البحث عن طرق لمنع انفجار الأوضاع المعيشية في غزة، لكن، ليس لهذا الغرض مجردا، وانما لتواصل تقديم ما يطلب منها من خدمات على الصعيد الاقليمي، معتقدة أن صعودها الى قطار التحالفات سيعزز سيطرتها على القطاع، وتبدأ من هناك، بتنسيق داخلي ومع دول في الاقليم بالزحف على الضفة الغربية، دون التفات الى فظائع الاحتلال الذي يتجذر في الأرض الفلسطيني يوما بعد يوم.
ما يجري الآن، وبتأكيد من دوائر دبلوماسية محايدة، أن الاتفاق الاسرائيلية الحمساوي على الهدنة طويلة الأمد، على وشك أن يعلن عنه، بعد الانتهاء من سيناريو اخراجه، الذي يقوم على لقاءات اللحظة الأخيرة، مع أطراف هنا، وهناك، لاعطاء الاتفاق المذكور صفة "الاقليمية أو الدولية" وبمعنى أوضح وأدق، أن الاتفاق تم التشاور بشأنه مع قوى وأنظمة عديدة، نصحت بتمريره والتوقيع عليه، والادعاء بأنه في صالح الحركة والقطاع، وأن الاثمان التي ستدفعها الحركة مقابل التوقيع على الاتفاق إياه، أخف بكثير من الانجازات والفوائد التي ستجنيها الحركة.
تقول الدوائر الدبلوماسية لـ (المنــار) أن التحركات التي تقوم بها قيادة الحركة برئاسة خالد مشعل، تؤكد أن حماس هي الآن طرف في التحالف الذي يضم تركيا ومشيخة قطر وجماعة الاخوان والسعودية، والانضمام الى هذا التحالف له تبعاته وبرامجه ومشاركته في الافعال والخطط والصدامات في هذه الساحة أو تلك، وأن على الحركة أن تكون جاهزة للاضطلاع بالدور المرسوم، وهذا ما يفسر النشاط الحثيث الواسع الذي قامت به وبذلته الدوحة وأنقرة، برضى الجماعة ومباركتها، للتوفيق بين اسرائيل وحماس، بعد أن "زيّن" الوسطاء لحماس أهمية توقيع اتفاق الهدنة طويلة الأمد، فالمصالح مشتركة بين الحلف المذكور واسرائيل، وأنه لا بد من هدوء وأمن على الجبهة الجنوبية، للتفرغ الى قضايا وملفات في الشمال والشرق، والعبث في هذه الساحة أو تلك.
لذلك، قام خالد مشعل مؤخرا بزيارة الى تركيا والتقى خلالها بالزعيم العثماني الجديد رجب أردوغان، وعقد سلسلة من اللقاءات في الدوحة مع أركان الحكم في المشيبخة، وأمضى ساعات مع الممثل الاوروبي صاحب الهوى الأمريكي الاسرائيلي توني بلير، وكل هذه الاطراف عملت على التوفيق بين حماس واسرائيل، وسيتوج مشعل هذه اللقاءات بزيارة الى مملكة آل سعود ليقدم الى حكامها تعهدات بقبول برنامج العمل في الحلف الذي أشرنا اليه، وهذه التعهدات مرفقة بكتاب قبول باشتراطات النظام السعودي مقابل تقديم الدعم المالي لحماس، الذي قد يزداد في حال قطعت قيادة حماس علاقاتها بشكل نهائي مع ايران وحزب الله، وحافظت على الهدوء مع اسرائيل، وانتقلت لتقديم خدمات في الحرب العدوانية السعودية على اليمن.
وترى الدوائر ذاتها، أن لقاءات قيادة حماس مع قيادات الفصائل في قطاع غزة، هو جزء من السيناري الذي يرسم لاخراج اتفاق الهدنة طويلة الأمد بين حماس واسرائيل الى حيز التنفيذ، فالحركة معنية بأن توحي لأنصارها وأبناء الساحة الفلسطينية بأن الفصائل لا تقف ضد الاتصالات الاسرائيلية ـ الحمساوية، وما أسفرت عنه من بنود لاتفاق تهدئة يستمر لسنوات طويلة، مقابل تحقيق بعض الانجازات المتعلقة بالوضع المعيشي في قطاع غزة.
اذا، واستنادا الى الدوائر الدبلوماسية المتابعة، فان الأيام القليلة القادمة سوف تشهد توقيعا على اتفاق الهدنة بين حماس واسرائيل يمتد لفترة زمنية طويلة، تنطلق الحركة بعد ذلك، لمتابعة الدور الجديد الذي أوكل اليها من التحالف السعودي القطري التركي الذي تربطه علاقات وثثيقة "حميمية" مع اسرائيل، وتتساءل الدوائر ، هل ستكون هناك ملاحق سرية لهذا الاتفاق؟ وماذا سيكون عليه التحرك القادم صوب الضفة الغربية التي تعيش هي الاخرى تصارع المحاور داخل اللون الواحد والاتجاه الواحد، مما يهدد بأخطار قادمة.
وتفيد الدوائر أن الانقسام في الساحة الفلسطينية، ها هو يفرز أخطارا جسيمة تهدد القضية الفلسطينية، بعد أن التحق طرفا الصراع بالمحاور الاقليمية، وفتحا الأبواب للامتدادات الخطيرة والارتباطات المشبوهة، فكل طرف له رعاته، ويخضع لصنائحه، دون أن يدرك الطرفان أن كل "الرعاة" لهذا الطرف أو ذاك، تلتقي مصالحها في المحصلة النهائية على تمرير حلول "مريحة" لاسرائيل.
لكن، ما تخشاه الدوائر، أمام هذه التطورات الناجمة عن "الانزلاقات"، هو فوضى عارمة، مليئة بالعنف تعصف بجناحي الوطن.. حيث تأكد كذب تغني المتصارعين بوحدتهما.