2024-04-20 06:01 ص

مجزرة وإبادة جماعية في تعز....إستنساخ لما جرى ويجري في سوريا

2015-08-19
كتب الدكتور بهيج سكاكيني
ما جرى من عمليات اعدام وصلب وتشنيع بجثث ممن يعتقد انه مناصر لأنصار الله في تعز من قبل مقاتلي حزب تنظيم الاخوان المسليمن في اليمن حزب الإصلاح وعناصر من القاعدة وداعش الذين يقاتلون جنبا الى جنب مع الحزب على أثر سيطرتهم على أجزاء من المدينة يدلل وبشكل واضح دموية وهمجية هذه المجموعات التي تقاتل كما يقال "لعودة الشرعية". فهل عودة الشرعية تستدعي صلب اليمنيين واعدامهم والتنكيل بجثثهم؟ قناة المسيرة الفضائية اليمنية قد عرضت مؤخرا مقطع من فيديو صور في تعز، يبين تقطيع أوصال أحد أسرى الحرب من مقاتلي أنصار الله (ضيف الله الشامي) باستخدام السكين بعد تعليقه على جدار من رجليه وراسه متدلي الى أسفل وهو ما أوردته صحيفة حصاد اليوم اليمنية ( 17 اغسطس 2015). وأغلب الظن ما زال الكثيرون منا يتذكرون ذلك المنظر الهمجي الذي اقشعرت له الابدان الذي عرض في مقطع فيديو عن أحد من يطلق عليهم "مقاتلي الحرية" في سوريا وهو يقتلع قلب أحد الشهداء من عناصر الجيش العربي السوري مستخدما سكينا للقيام بذلك وقام بأكل قطعة منه بعد ذلك. ولقد أوردت صحيفة الثورة اليمنية (www.althawranews.net/news-118713.html) عن عملية خطف وارتكاب إبادة جماعية وقتل على الهوية لأكثر من 24 مواطنا من عائلة واحدة وهي عائلة الرميمة بينهم أطفال ونساء الصحيفة وقامت الصحيفة بنشر أسماؤهم كاملة، وما زال مصير 30 مواطنا ممن اختطفوا مجهولا بحسب الصحيفة. ولقد ذكر عن حالات احراق مواطنين احياء وممن استشهدوا وترك جثثهم تتفحم في شوارع المدينة، كما وتم سحل بعض الجثث في شوارع المدينة لإدخال الرعب في قلوب المواطنين. ما زلنا نذكر المذبحة التي قام بها مجموعات تكفيرية داعشية وقاعدية كما هو هنا في تعز وذلك في الريف الشمالي لمدينة اللاذقية في 8 نيسان 2013 في سوريا الحبيبة. نذكر ذلك على سبيل المثال وليس الحصر. أحداث متشابه في منطقتين جغرافيتين متباعدتين قامت بهما عناصر تكفيرية إرهابية تنهل من نفس البئر الفكري التكفيري الوهابي، ويخضعون لنفس المشغل والمحرك والداعم المالي والسياسي والتسليحي...الخ، لنفس الغرض والهدف الا وهو تفتيت المنطقة الى جزر أرخبيل طائفية ومذهبية وعرقية، والقضاء على الدول والأنظمة الوطنية وتدميرها خدمة لأسيادهم في البيت الأبيض والمخططات الجهنمية والاستراتيجية الصهيو-أامريكية في المنطقة. المشاهد تكررت وتتكرر في كل من سوريا وليبيا والعراق ومصر بشكل يومي، وللأسف نقولها وبكل أسى ما زال كل منا يحارب هذا الطاغوت والإرهاب الذي يتمدد كالسرطان في منطقتنا كل على حدة وبشكل انفرادي ومجزأ، وكل بمعزل عن الاخر، دون أن تتكاتف وتتوحد المجهودات والامكانيات والقدرات لدحر الارهاب ومحور الأعداء الذي يعيث فسادا ودمارا في المنطقة ويعمل ليلا نهارا على خلق الفتن المذهبية والطائفية والعرقية. الاحداث والممارسات الاجرامية في تعز تأتي لتؤكد ما ذكره الكثيرون من المحللين والمراقبين من أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذي يتخذ من اليمن مركزا له وكذلك تنظيم داعش الذي بدأ يتمدد في اليمن بسرعة مستغلا الحالة الأمنية، يحاربان جنبا الى جنب مع ما يسمى بقوات "التحالف العربي" الغير مقدس والقوات اليمنية مثل حزب الإصلاح ومرتزقة هادي وغيره فيما يعلن عنه انه قتال في سبيل "عودة الشرعية". ولقد اعترفت صحيفة الواشنطن بوست (كالعادة متأخرا) مؤخرا في تقرير عن اليمن من تصاعد نجم القاعدة والمجموعات التكفيرية في المحافظات الجنوبية لليمن وخاصة بعد انسحاب الجيش اليمني وانصار الحوثيين منها ( واشنطن بوست 18 08 2015). ان ما حدث في تعز من ممارسات وحشيه وهمجية بعيدة كل البعد عن الأعراف والتقاليد والقيم للشعب اليمني بكل مكوناته وبغض النظر عن الاختلافات السياسية بين مكوناته الاجتماعية. وهي لا تنتمي لا من قريب أو بعيد لكيفية تعامل اليمنيين مع بعضهم البعض ولم يعرف أو يشهد تاريخ اليمن مثل هذه الممارسات التي يمارسها وحوش في صورة انسان. ومن هنا فان الشعب اليمني بكافة اطيافه ومكوناته يجب ان يتنبه لمثل هذه الظاهرة الغريبة عنه والى هذه الآفة التي أدخلها او يحاول إدخالها آل سعود الوهابيون الى مجتمعهم بهدف تمزيق النسيج الاجتماعي وتدمير الإرث الثقافي والحضاري والإنساني لليمن وشعبه. ان احداث تعز أتت لتدق ناقوس الخطر وتنبه لما قد تؤول اليه الأمور في اليمن إذا ما أتيح لهذه الآفة ان تتمدد وتهيمن على الأراضي اليمنية لا سمح الله. آل سعود يتحملون المسؤولية الأولى عن كل العمليات الاجرامية في اليمن اليوم. كما يتحملون مسؤولية التدمير لكافة البنى التحية للدولة اليمنية واستشهاد أكثر من 3000 يمني بالإضافة الى الكوارث البيئية وتدمير المعالم الحضارية التي هي ملك للإنسانية قبل أن تكون ملكا للشعب اليمني. ويتحملون مسؤولية كل المجازر التي ارتكبت في اليمن والتي ترقى الى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية كما ذكرت وتحققت منها العديد من المنظمات الإنسانية والحقوقية العالمية. لا أحد يستطيع أن يقتنع بان كل ما فعله آل سعود وحقدهم الاعمى لكل ما هو يمني انما فعلوه "لعودة الشرعية" التي تجلس في المكاتب المكيفة في الرياض بينما أشلاء الأطفال والنساء تتطاير في الهواء نتيجة القصف الجوي الذي لم ينقطع يوما واحدا ولو لبضعة ساعات منذ حوالي الخمسة أشهر. وبينما أكثر من عشرة ملايين من اليمنيين يعيشون على الكفاف ومعرضين للموت جوعا، بينما تزداد كروش ورقاب "الرئيس الشرعي" هادي "ووزرائه" انتفاخا من التخمة "ومكرمات" ولي أمرهم السعودي الدسمة. ان المجازر والعمليات الاجرامية والدموية الداعشية التي ارتكبت في اليمن وما زالت ترتكب يوميا ان دلت على شيء فإنما تدل على فشل وعجز العدوان السعودي-الأمريكي من تحقيق أي من أهدافه السياسية المعلنة والغير معلنة. كما أنها تدلل على الارتباط العضوي والمتلاحم بين ما جرى وما زال يجري في سوريا وليبيا والعراق ومصر على أقل تقدير من حيث الأهداف والمحركين والمشغلين والداعمين الأساسيين للمجموعات الإرهابية التكفيرية المتعددة الأسماء والالوان والقوى الفاعلة والقوى المهللة للعدوان المباشر أو غيرالمباشر على هذه الدول التي أصبحت واضحة وضوح الشمس للقاصي والداني. كل هذا يستدعي وقفة جادة وطنية من كل القوى الشريفة على امتداد المنطقة. فلم يعد مقبولا الوقوف على "الحياد" والوقوف على نفس المسافة مما يسميه البعض "أطراف النزاع"، هذه المفاهيم المهترئة التي يحاول البعض استخدامها لإخفاء تقاعسه وتآمره ومشاركته في العدوان بشكل أو بآخر. كما انه لم يعد مقبولا ان تقوم كل دولة من الدول الوطنية محاربة الارهاب المتنقل والعابر للحدود بشكل منفرد وكأنها هي المستهدفة فقط، فالجميع مستهدف، وحتى الدول الذي صنعت الارهاب ومولته وقدمت وما زالت تقدم له كل اشكال الدعم لم تعد بمنأى عن همجيته وتوحشه كما دللت التفجيرات الإرهابية الاخيرة والتي استهدفت المساجد ودور العبادة في السعودية والكويت. المعركة واحدة والعدوان واحد والإرهاب واحد ومن هنا فان الرد على كل ذلك يجب أن يكون موحدا.