2024-04-25 06:04 م

زوار موسكو يغازلون دمشق ...

2015-08-27
بقلم: جمال العفلق
لم تكن الضغوط التي تعرضت لها موسكو طوال فترة الحرب على سورية بالضغوط السهلة والعادية فعلى وقع الترغيب مره والترهيب مره أخرى عقد أعداء سورية أمال كثيرة على تغيير موقف موسكو او وضعها على الحياد في أسوء الأحوال ولكن الواضح ان موسكو التي خسرت نتيجة ثقتها في بعض الأحيان بالغرب وأحيان أخرى نتيجة خطأ في التقدير مواقع كثيرة بدأت في بغداد وانتهت في دول شمال إفريقيا حيث تعرضت مصالحا للتدمير كما حدث في ليبيا . أما في سورية فيعلم الروس ان دمشق هي العاصمة العربية الوحيدة التي بقيت تحترم تعهداتها وتحالفها مع موسكو كما إن سورية تمثل خط الاتصال الوحيد للروس في الشرق الأوسط وهذا التحالف ليس بالجديد فهو مستمر منذ أكثر من ثلاثة عقود ، ولا تجد موسكو حرجا في إعلان دعمها لدمشق حيث القضية اليوم هي صراع إقليمي شكله عسكري وباطنه اقتصادي . ويعلم الروس ان سقوط حليفهم في الشرق قد يغير أوضاع المنطقة لمائة عام قادمة ولن تكون روسيا او الصين بعيدتان عن أثار هذا السقوط اذا ما حدث . ورغم تقديم دول النفط المعادية لسورية إغراءات مالية كبيرة إلا أن روسيا بقيت على موقفها المبني على إجماع دولي هو جنيف واحد وتمسك الروس بموقفهم بحق الشعب السوري اختيار مصيره ولا يجب أن يكون هناك وصاية علية من احد . ورغم معرفة زوار موسكو موقفها الا انهم قرروا زيارتها والهدف رسائل الى دمشق فما ينشره هؤلاء من تصريحات نارية ضد السوريين ليس فسه ما يقال في الاجتماعات المغلقة . فالتفويض الأمريكي لموسكو وخصوصا بعد الانتهاء من الاتفاق النووي الإيراني والذي كان لموسكو دور ايجابي فيه ،جعل من موسكو قبلة لأعداء سورية لعلهم يجدون لدى القيادة السياسية هناك ما يخرجهم من هذا العدوان ببعض ماء الوجه ، فتحالف الحرب على سورية فقد كل أوراقة الضاغطة فالجماعات الإرهابية لم تحقق الهدف المطلوب منها جغرافيا كما أنها أصبحت منبوذة من الشعب السوري وتلك الجماعات على اختلاف المسميات لم تكن قوة ضاربة كما صورها الإعلام المعادي للشعب السوري ، أما الكيان الهزيل المسمى ائتلاف الدوحة فهو منشغل بجمع الأموال وتقسيمها فيما بين الأعضاء حيث الفضائح المالية تطال جميع من فيه والأرقام كبيره حيث أصبح أعضاء هذا الكيان من الأثرياء وأصحاب العقارات في أوربا وأميركا وما خفي كان أعظم . ولم يعد مقبولا أن يبقى هذا الكيان ممثلا لتحالف العدوان او متحدثا باسمة . واذا كانت اليوم عمليات إنعاش هذا الكيان تتم بين الحين والأخر من خلال محطات إعلامية محدده فهذا الأمر لن يطول . فماذا يريد أعداء سورية من موسكو ؟؟ من الواضح أن عملية الاستدارة على مواقف وتصريحات دول العدوان ليست بالأمر السهل والتسليم بانتصار محور المقاومة هو أمر لا يمكن أن يقبل به فمجرد القبول بهذه الفكرة هو بحد ذاته تدمير لعمل استمر خمس سنوات كان أساسة التجييش المذهبي ضد سورية كما ان دول العدوان ستكون مجبره على إعلان البراءة من الإرهاب والإرهابيين وهذا أمر مكلف عليها امنيا حيث انقلابها على الجماعات الإرهابية ووقف تمويلها سينتج عنه ارتداد تلك الجماعات على هذه الدول وخصوصا تركيا والأردن الأقرب جغرافيا على سورية . ولم يقتصر فشل العدوان على سورية بتحقيق اهدافة وحسب بل تحول هذا الفشل الى حالة قلق نتيجة توسع داعش رغم محاربتها من قبل التحالف المزعوم والذي ضم ستين دولة لم تكن ضرباتها الجوية في العراق وبعض المناطق السورية الا عمليات استعراض لا جدوى منها الا الحصاد المالي الكبير الذي حصلت علية بعض الدول المشاركة ومنها أميركا ولهذا كان يجب البحث عن مخرج عبر موسكو التي زارها أعداء سورية للاستماع الى مقترحات الحل ، وكان لابد من إشراك مصر في هذه المحادثات وخصوصا ان لمصر موقف معتدل نسبيا بعد سقوط مرسي وتولي الفريق السيسي للحكم . واشتراك مصر في هذه المباحثات هو دليل جديد على وجود مشاكل غير معلنه بين مصر والسعودية ، فتخلي مصر جزئيا عن حليفها السعودي في عدوانه على اليمن وعدم تبلور مشروع ما يسمى القوة العربية المشتركة حتى اليوم ما هو الا دليل جديد على تباعد الأفكار والمصالح . واليوم لا يمكن ان ينكر احد أن الأزمة الاقتصادية المتوقعة سوف تطيح بدول تحالف العدوان على سورية ، فالأموال المدفوعة من اجل تقوية الجماعات الإرهابية تتبخر أمام ضربات الجيش السوري ومجاهدي المقاومة لتلك الجماعات .. وتحاول اليوم تلك الدول إنقاذ ما تبقى لها من فلول الجماعات الإرهابية بالزبداني حيث سيتم نقل المقاتلين الى مناطق أخرى لإبعادهم عن دمشق التي طالما حلم أعداء سورية بالصلاة في جامعها الأموي . إن توسع مناطق السيطرة للجيش السوري وتحوله من الدفاع إلى الهجوم في أكثر المواقع وتشرذم القوى الإرهابية في تحدي أولوية أهدافها حيث تتراوح تلك الأولويات بين مصالح تركية وأخرى سعودية ولا تختفي المصالح الفردية من مشهد الحرب على سورية . وهذا ليس سبب بل نتيجة حتمية لتراكم الرصاص على مدى خمس سنوات ، كان الشعب السوري يتعرض خلالها لأبشع أنواع القتل ، واليوم يستمر قتل هذا الشعب من خلال اللجوء الى أوربا حيث يستنزف السوريون ماديا ومعنويا في محاولة لتفريغ الأرض من أهلها . ويبقى ما سترد به دمشق على الوافدين الى موسكو هو الفيصل في إنهاء هذه الحرب . فدمشق هنا لا تضع شروط بقدر ما تطلب حق .

الملفات