2024-04-25 02:34 ص

الغباء و جنون العظمة .. هولاند رئيس ٌ بلا شعب

2015-08-31
بقلم: ميشيل كلاغاصي 
هي أقدم و أعرق دول العالم.. دولة ٌ تختزل قارتها بمجرد ذكر اسمها, إنها فرنسا عاصمة الفن و الجمال و الإبداع و الثقافة و العطور. بلد ٌ لطالما أنجب المشاهير و العظماء , فمن منكم لا يعرف نابليون و الملك لويس الرابع عشر , و شارل دوغول و فيكتور هيغو , و بودلير و إديث بياف و شارل أزنافور .. و من منكم لا يعرف برج إيفل و أفخم العطور و أشهر الأجبان . بلد ٌ حوّله البعض إلى غاصب ٍ و محتل و مستعمر , فيما رسمه البعض الاّخر لوحة ً رائعة ً في سماء الأوطان . لقد تعاقب و تتالى على حكمه " فرسان ٌ ثلاثة " شيراك , ساركوزي , هولاند .. إذ تقاسموا فخر إضاعة إرثها و أمجادها , فما عادت عطورها فواحة ٌ , و استبدلت أناقتها بأنياب الذئاب , و تعفنت أجبانها على مقعد الرئاسة . إذ أعياها الغباء السياسي و قصر النظر و الإنحياز , ما أوصد أبواب الإبداع .. فخدش حنجرة بياف , و تحول صوت أزنافور إلى نعيق ٍ يستجلب اللاجئين السوريين إلى مزارع أريافهم الخالية !. فمنذ عصر الرئيس جاك شيراك .. بدأت فرنسا العظمى بالذوبان و الإنحلال , و تحولت إلى دولة تائهة هزيلة تابعة للسيد الأمريكي , تأتمر بأمره , و تنعم برضاه , و تُضرب بكفه . لقد نسي العالم زيارته الشهيرة إلى فلسطين المحتلة, إذ قام المستوطنون الصهاينة بضربه و الإعتداء عليه , في الوقت الذي استكمل جولته إلى سورية و التي استقبلته بما يليق بسمعة و حجم و تاريخ فرنسا – آنذاك - . لم يستطع الفرسان الثلاثة فهم و استيعاب المرحلة و المتغيرات الدولية, و ظلّوا يتصرفون على أساس ٍ من الماضي, و أنها لا تزال فرنسا العظمى, الأمر الذي جعلهم يخسرون معاركها السياسية الواحدة تلو الأخرى, و التي تُرجمت مباشرة ً بخسارتها نفوذها و مصالحها حول العالم. إذ أخطأت بتقدير حجمها الجديد و عارضت العدوان الأمريكي على العراق , الذي انعكس عليها لوما ً و إهانة ً ووصفت بالعجوز .. فأسرعت لإعلان الخنوع و الرضوخ للسيد الأمريكي , فتاّمرت على سورية و المقاومة في سورية و لبنان , و كان إغتيال الحريري عربون الولاء و طلب الرضى . كما قادتها أخطائها إلى خسارات فادحة في تونس و الجزائر و لبنان و مالي و ليبيا و سورية ...... أرادت أن تكسب شارعها الفرنسي بإعلانها الحرب على القاعدة و الإرهابيين في مالي.. في الوقت الذي قدمت لهم كافة أشكال الدعم في سورية, من خلال سياسة ٍ مزدوجة المعايير.. كما أعلنت حربها على الإسلاميين المتشديين و المتطرفين في الداخل الفرنسي , فوضعت البلاد في مرمى تهديد الحركات " الجهادية " و " السلفية الإرهابية " , و كان عليها تحمّل الرد داخل فرنسا و خارجها . كما اختارت أن تكون لاعبا ً أساسيا ً في حروب الفوضى و الربيع القاتل , فإندفعت بكل إمكاناتها و سهلّت وصول إرهابييها الفرنسيين إلى سورية , على أمل التخلص منهم .. و عملت على إقناع مواطنيها بضرورة دعم " ثورة الحرية " , بالإعتماد على تضليل شعبها عبر حملات الكذب و التزييف و أقلام و مطابع وكالة فرانس برس , التي لم تخجل من استغباء الفرنسيين ونشرت مقالا ً مضللا ً بتاريخ 1452013 تحت عنوان ٍ رئيسي : (Un acte "horrible" et "inhumain", s'il s'avère vrai ).. ( شيء " مروع " و " لا إنساني " , أذا اتضح أنه صحيح ) و بعنوان ٍ فرعي " الفيديو يسيء للمعارضة " , بعد انتشار فيديو الإرهابي أبو صقار و هو يأكل قلب جندي سوري وحاولت تزييف الحقيقة . و ها هي و بعد أربع سنوات و نصف من الحرب على سورية لا تزال تدعم الإرهابيين , و تقدم لهم الغطاء السياسي , و لم تتوان عن إقامة و إحتضان مؤتمرات " أصدقاء سورية " , و استقبلت مئات الخونة و الخارجين عن القانون تحت اسم " المعارضة " . و ذهبت بعيدا ً في التحالف الشيطاني مع المشروع الإخواني القطري – الأردوغاني , و المشروع الوهابي السعودي – القاعدي , و لم تنفك عن دعم و إطلاق مشاريع " المناطق العازلة " و " الاّمنة " و " الممرات الإنسانية " , و كل ما من شأنه محاصرة الدولة السورية , و خرق سيادتها , و التدخل في شؤونها الداخلية , سعيا ً إلى تقسيمها و التحكم بمصيرها ومصير شعبها . لقد أظهرت من الحقد و العدائية تجاه الدولة السورية , بما بدا غير مفهوم و غير مبرر !!؟. و باتت تصاريح قادتها لا تخلو من العبارات السيئة و بما لا يليق بالدولة و الشعب الفرنسي. إن صمود سورية, و إصرار الولايات المتحدة و السعودية و تركيا على استمرار الحرب, قد أطال أمدها و أعطى الشعب الفرنسي الفرصة لإكتشاف حقيقة الإرهاب الذي يضرب سورية و حقيقة مشاركة حكومتهم بالعدوان عليها .. بالتزامن مع ارتداد الإرهاب و عودة بعض الإرهابيين الفرنسيين إلى بلادهم , و ارتفاع منسوب الإرهاب هناك , و تعرض العديد من رجال الأمن و الصحفيين و المدنيين إلى اعتداءات ٍ إرهابية مروعة , خاصة ً ما جرى في اعتداءات " شارلي إيبدو " . فبدأ الشارع الفرنسي يوجه الإنتقادات و اللوم على السياسة الداخلية و الخارجية للدولة و الرئيس هولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس و لاحقا ً السيد فالس , و التي تُرجمتها استطلاعات الرأي بنسبة تأييد ٍ لا تتجاوز ال 11 % .. كما أن الوضع الإقتصادي المتردي , جعل الفرنسيين يتذمرون و يغضبون , فكان لا بد من طلب العون الأمريكي , الذي سمح لها بإنعاش إقتصادها عبر صفقات ٍ عسكرية مع السعودية و الإمارات و مصر و بعض دول الخليج .. في الوقت الذي هرول فيه هولاند نحو إيران لنفس السبب . لقد بلغت فرنسا من الضعف ما جعلها تطرح مشروع تخلي الدول دائمة العضوية عن حق الفيتو, و اصطفافها في الخندق المعادي للدولة الروسية. و هنا يطرح السؤال نفسه .. هل تستطيع فرنسا اليوم استخدام حق الفيتو ؟ و هل تمتلك القدرة و القوة السياسية و الإقتصادية ما يسمح لها بإستخدامه !؟. إن كل ما تفعله لا يعدو أكثر من خدمات ٍ " جليلة " لسيدها الجديد صاحب مشروع السيطرة على العالم , عبر المساهمة في إشاعة الفوضى , و تحول العالم إلى غابة ً حقيقية ٍ تسودها الحروب و الإقتتال .. دون رادع. لقد أدرك الفرنسيون فداحة أخطاء إدارتهم و خصوصا ً الرئيس هولاند , فحاول البعض أن يلعب دورا ً إيجابيا ً – قبل فوات الأوان – فشهدت دمشق زيارات متتالية لوفود ٍ هامة ضمت شخصيات سياسية برلمانية و أعضاء في مجلس الشيوخ ووزارة الدفاع و بعض المستشارين الأمنيين .. و أرادت الإطلاع عن كثب , و الإستماع إلى وجهة النظر السورية , خاصة ً بعد قطع العلاقات الدبلوماسية عام 2012 , و الفوز مجانا ً ببعض كنوز الإستخبارات السورية , و التي حصلت عليها جراء القبض على بعض الإرهابيين الفرنسيين أحياء , مما يساعد الفرنسيين في تعقبهم و كشف مخططاتهم في فرنسا . و إذ أتت نتائج الزيارات مذهلة ً و صاعقة ً للوفود و رأوا بأم العين حجم التاّمر و الحقد الفرنسي الرسمي غير المبرر , ووعدوا بنقل الحقيقة و الصورة إلى قصر الإليزيه .. لكن غباء قاطنيه عبروا عن استيائهم من تلك الزيارات , و حصروها بمن قام بها !؟. فحتى هذه اللحظة لا تزال القيادة الفرنسية على مواقفها و عدائيتها لسورية , على الرغم من تغير المواقف الدولية , و الإعتراف الدولي بالإرهاب عدوا ً مشتركا ً للعالم و لسورية . فيما نرى الرئيس هولاند – قبل أيام - و في كلمته السنوية أمام سفراء بلاده في الخارج , يتحدث كالمهووس , و المصاب بجنون العظمة و يقول : " أفكر في دول الخليج و إيران .. أفكر في تركيا ..." و " سنظل ندعم المعارضة السورية " و أنه " لا يمكن للرئيس الأسد أن يلعب دورا ً في مستقبل بلاده " , و اعتبر أن الإتفاق مع إيران فتح لها نافذة المشاركة في حل الأزمات الإقليمية . مما استدعى ردا ً مباشرا ً و فوريا ً للخارجية السورية.. فأدانت و بشدة مواقفه من الأوضاع في سورية, و تدخله السافر في الشؤون الداخلية السورية, مؤكدة ً أنه رئيس ٌ فاقد ٌ للشرعية الشعبية, و عليه أن يبقي مواعظه على نفسه و يستخلص النتائج, حفاظا ً على ما تبقى من سمعة فرنسا في العالم.. و اعتبرت أن تصريحاته وليدة عقلية ٍ استعمارية رخيصة , تبيعها في سوق النخاسة النفطية . و أكدت على ضرورة أن تعلم فرنسا أن سورية لن تقبل بأي دور ٍ فرنسي في الحل السياسي , طالما تستمر بنهجها العدائي الحاقد . أخيرا ً ... هيهات منك " مسيو هولاند " العقل و الحكمة .. فالغباء واضح ٌ في وجهك . ووحدها الحماقات من أتت بك لتعتلي العرش الفرنسي , ووحده الغباء و جنون العظمة من حولك إلى رئيس ٍ بلا شعب .

الملفات