2024-04-18 11:23 م

الحروب الجديدة!!

2015-08-31
بقلم :عبد الحكيم مرزوق*  
الاستعمار يطور أدواته وطرائق عمله وأساليبه ، فالاستعمار لم يعد كما في السابق يعتمد على الاحتلال المباشر لسرقة خيرات البلاد بل هناك أساليب وطرق جديدة فرضها التطور الحضاري ، حيث لم يعد الاستعمار يعتمد على الجيوش والأسلحة كي يهيمن على هذا البلد أوذاك كما حدث في آخر حرب شنتها القوات الأمريكية على العراق بحجج واهية أثبتت الأيام كذب ادعاءات وافتراءات الإدارة الأمريكية التي تخطط وترسم المؤامرات للمنطقة العربية والعالم كي تنهب خيراته وثرواته ، وذلك لأن الحرب عبر الجيوش تكلفها تسديد فاتورة مادية وبشرية ، حيث يمكن تعويض الفاتورة البشرية من خلال البلد المحتل ، أما الفاتورة البشرية لا تستطيع تعويضها لأنها تسبب لها ضغطاً كبيراً في الداخل وربما تؤثر على صناديق الاقتراع التي تطيح بالرؤساء والإدارات مهما كانت ذكية في التعامل مع الأزمات والأحداث ، وهذا ما بدا عقب احتلال العراق حيث أطاحت نتائج الحرب بالرئيس الأمريكي جورج بوش سيء الذكر كما أطاحت برئيس الوزراء البريطاني طوني بلير. الحرب الجديدة الآن على الوطن العربي ، حرب إعلامية تقودها مافيات الإعلام في العالم معتمدة على بعض المحطات الفضائية ، وقد طبقت في أكثر من قطر عربي حيث نجحت في بعضها وفشلت في بعضها الآخر ، وهي تعتمد على إثارة الاحتجاجات الداخلية في هذا البلد أو ذاك تحت شعارات مختلفة منها الحرية ، وتداول السلطة ، ومكافحة الفساد ، وتطوير الأنظمة والقوانين ...وهذه المطالبات لم تأت من فراغ لأن أجهزة المخابرات الأمريكية اشتغلت على إعداد تقارير لها علاقة وثيقة بالمجتمعات العربية واستطاعت اللعب على نقاط ضعف المجتمعات العربية والتركيز عليها ، وساعدها في ذلك بعض المرتزقة والخارجين عن القانون في الخارج الذين جندوا أعوانهم في الداخل لتنفيذ بعض المخططات التي وضعت حيز التنفيذ من خلال إشعال نار الاحتجاجات وحمل السلاح وتنفيذ بعض العمليات الإجرامية من قتل وتدمير ونهب للممتلكات العامة واتهام قوى الأمن بذلك بمساندة بعض المأجورين بتصوير تلك الاحتجاجات وتضخيم الأمور وعرضها على محطات تلفزيونية مأجورة كانت من ضمن الجهات المنفذة لما يحاك للمنطقة لتكوين رأي عام عالمي لتكون هذه الدولة أو تلك مضطرة للانصياع لما تم تخطيطه في الغرف السوداء ، حيث يشعر من يشاهد تلك المحطات أن القيامة قد قامت والأمور لم تعد محتملة بسبب ذلك الضخ الإعلامي على مدار الساعة والذي يهدف إلى النيل من هيبة الدولة وتحقيق أهدافه ، وعلى الرغم من الاختلاف الواضح بين هذه الدولة أو تلك فيمكن القول أن هذه الخطط قد نجحت في تونس ومصر ، وهي غير مرشحة للنجاح في قطر آخر لأن لكل دولة ظروفها الموضوعية والذاتية التي لا تتشابه مع الدولة الأخرى ، وهي ليست مجال بحثنا ، ولكننا نتساءل : هل ما حدث في تونس ومصر واليمن وليبيا حقق الحرية المنشودة ، أم أنه أدخل البلاد في متاهة الفوضى الخلاقة التي تريد إحلالها الإدارة الأمريكية في المنطقة. باختصار .. ما حدث هو احتلال جديد للشعوب عبر وسائل الإعلام للسيطرة على الدول العربية وبأبخس الأثمان فالحرب على ليبيا مع أنها كلفت حلف الناتو بالهجوم على بعض المواقع الليبية فقد كلفت حسب أحد الخبراء العسكريين 12 مليار دولار وهو مبلغ ضئيل بالمقارنة مع تكلفة الحرب على العراق التي بلغت تريليون دولار بجانب حياة 5 آلاف جندي أمريكي و10 آلاف من جنسيات أخرى ، فأي الحروب أعطت نتائج أفضل من الأخرى .. لا شك تلك التي لم تفرض تدخلاً من الجيش الأمريكي ودول التحالف لأنها باهظة التكاليف أما الثانية في لا تكلف شيئاً سوى آلاف الشهداء من هذه الدولة أو تلك التي ستصبح في المستقبل مرتهنة للسيد الأمريكي لينهب خيراتها ويحدد المطلوب تنفيذه باختصار .. فالأمريكي ليس حريصاً على الديموقراطية ، ولا على حرية الشعوب العربية ..الأمريكي حريص على تمرير مصالحه وصفقاته وليذهب الجميع إلى الجحيم فهذا لا يهمه .. مع كل ذلك هل يتعظ الأغبياء الذين يسيرون خلف سيدهم الأمريكي ليحقق لهم الحرية المزعومة في بلادهم ، وهل يتحرك حسهم الوطني ويصحون من غفوتهم ويدركوا حجم ما يحاك لهم وللمنطقة العربية من مؤامرات تهدف إلى إعادتهم مئات السنين إلى الوراء لأنه لا يفكر بالشعوب العربية بل بما تمتلكه من خيرات يمكن أن يحصل عليها .
* كاتب وصحفي سوري 
marzok.ab@gmail.com

الملفات