2024-04-19 02:08 م

حرب عالمية!!

2015-08-31
بقلم: زهير ماجد
لا بد من الاعتراف بأننا أمام حرب عالمية كما يفهمها الرئيس الروسي بوتين، ولأجلها بدأ حشدا من نوع آخر.
فهو يعرف من يدعم الإرهاب ومن سيره ومن صنعه ومن يموله ويغذيه حتى آخر نقطة في قارورة مياه .. ويعرف أيضا بشتى التفاصيل المعلوماتية أن النوايا عكس التصرف الحاصل، هنالك من لا يضمر شرا للإرهابيين، بل يريدهم قوة في يده يحركه كيفما وساعة يشاء. ومن فطن تصرف الرئيس الروسي، أنه يريد الإجهاز على إرهابيي بلاده الذين باتوا بالآلاف في سوريا قبل أن ينتقلوا إليها.
من هنا استدعاؤه لقيادات ليست محايدة يريد مشاركاتها في الجبهة الجديدة العالمية لمحاربة الإرهاب. ولعل الرئيس بوتين قرع جرس الإنذار بضرورة تأليف قوى تحالف عالمي تختلف عن تلك المؤلفة من الأميركي وجماعته، ولها أهداف مختلفة، ونظام قتال مختلفة .. بل أهم ما فيها أنها جدية جدا جدا، وليس فيها دلع الأميركي في تصرفه مع الإرهابيين، أو المزاجية المركبة للتركي، أو عدم الجدية للبعض العربي.
نحن إذن أمام برنامج يصوب حربه العالمية ضد أبشع إرهاب في التاريخ، وليس هنالك أي مجال للتراجع وإلا كان فتك هذا الإرهاب بالعالم أكيدا .. وليس عبثا أن ينشر خرائط “دولته” المستقبلية والتي تلحظ الكرة الأرضية، بل إن ما جرى في الآونة الأخيرة في معظم أرجاء العالم من هجمات إرهابية وتحديات بربرية، يدلل على قوته وعلى الحاجة بالمقابل إلى جبهة عالمية تضم العالم قاطبة، ويكون احتشاد تاريخي مدروس تستعمل فيه جميع أنواع الأسلحة النفسية والعسكرية والاقتصادية والمالية وغيره.
يعرف الرئيس بوتين، جدية تضافر القوى قبل أن ندخل في ما هو أصعب من الواقع الحالي، فكلما تأخرنا في حربنا العالمية المقترحة، ازداد تجذر التنظيمات الإرهابية، ومعها المزيد من الشراسة واستباحة مناطق لا تخطر على بال، بل القيام بأفعال قد لا يحسب لها حساب.
إنها معركة توجب على جميع أهل الأرض خوضها من أجل أجيالهم القادمة، ولحماية الذات الإنسانية من لوثة طارئة لا يمكن التعامل معها إلا باجتثاثها .. فهي غير قابلة للتفاهم، ولا للحوار، ولا للاتفاق، وبالتالي لا يمكن تخطي قواعد الصراع ضدها بعد أن استكملت شروط توحشها، أما تهديدها الأصعب والذي يوجب كل هذا الاصطفاف العالمي وخصوصا الإسلامي، تأثيرها المباشر وغير المباشر على عقول شبابنا وأجيالنا فكريا.
لقد قررت روسيا حربها الكبرى، وعلى العالم أن يتوحد في المواجهة المقبلة .. وهي حرب لا بد أن يسيطر فيها مفهوم الإبادة، حرب تحرق أخضر الإرهاب ويابسه .. إنه رهان الأقوياء في ساعات الشدة على الإنسانية جمعاء، ولن يفلت منها مجتمع أو بلد أو دولة، فلقد تم بذر الفكرة في الهواء حيث حركها الريح في كل اتجاه فصارت جامعة.
من المؤسف القول أن يكون لهذا الإرهاب أب وأم؛ لأنه ليس مولودا من الصخر، بل لديه وسائل الحياة كافة، وقد نما جنينا وعبر حبل سري أيضا .. وبقدر الطرح الروسي على الكيفية التي يجب أن يحارب بها، نعترف بأن وراء الإرهاب أيضا قوى عالمية تؤازره، من هنا مفهومنا لحرب عالمية ضد وجوده.

عن صحيفة "الوطن العمانية"

الملفات