2024-03-29 05:44 م

عندما تتحرك الدببة تنكفئ الذئاب!!

2015-10-04
بقلم: حاتم استنبولي
القرار الروسي بالتدخل العسكري المباشر, لم يكن قرارا ارتجاليا, بل جاء بعد خمسة سنوات من الحرب ,مع سوريا وعلى سوريا. استخدمت روسيا وحلفائها كل السبل الدبلوماسية من اجل ايقاف العدوان , وبذات الوقت ادركت عمق الهجمة, من حيث ابعادها السياسية والأقتصادية والعسكرية . وادرك صناع القرار في العاصمتين موسكو وبكين, ان الحرب على سوريا تهدف في الجوهر تقويض مصالحهم الحيوية المباشرة والأستراتيجية . وهنالك بعض وجهات النظر التي تريد ان تقارن بين التدخل في افغانستان, والتدخل في سوريا . وترى ان التدخل في سوريا يحكمه ذات الشروط والنتائج . وبهذا الصدد اود ان انوه ان الشروط المحيطة مختلفة تماما بين 1979 وبين 2015 . اولا : ان افغانستان لم تكن تملك جيشا وطنيا بمواصفات الجيش السوري . ثانيا: ان الأرهاب في افغانستان تم تنشيطه وتمويله ودعمه بشريا بعد التدخل. في حين جاء التدخل في سوريا بعد خمسة سنوات من القتل والعبث بارواح الشعب السوري. وقد تبين للصغير قبل الكبير ان ما يجري في سوريا هو حرب مدعومة من تحالف متعدد الاقطاب , يهدف الى تقويض الدولة السورية , عبر توظيف ادوات الأرهاب لأنجاز هذا الهدف. وتين لكل من روسيا والصين , ان المجموعات الأرهابية هي اسلحة جديدة يستخدمها حلف الأطلسي لتمرير اجنداته السوداء. ثالثا : والأهم ان الفكرة التي استخدمت في افغانستان القائمة على محاربة الكفر , هي فكرة لا تعمل في سوريا , كون هذه الفكرة قد استنفذت على مدار خمسة سنوات , وتبين ان استخدام الفكرة الدينية لتحقيق تغييرات جيو سياسية قد سقطت . رابعا:لموقف الصيني فقد كان ضد التدخل الروسي في افغانستان اما اليوم فهو داعم وحليف لروسيا في حربها ضد الأر هاب. واما عن الجبهة المعادية لسوريا, فعلى مدار خمسة سنوات انكشفت ادوات التدمير من حيث الفكرة والأداة والممارسة , فلم تستطع الدول الغربية الأستمرار في دعمها للمجموعات الأرهابية المسلحة بعد انكشافها.واصبحت كلفة استمرار الدعم للفكر التكفيرية غالية , وسيرتد عليها في جبهتها الداخلية , ويسقط القناع الأخلاقي, الذي تضعه الحكومات الغربية لتغطية دعمها للمجموعات المسلحة امام جمهورها , وما التلاعب بالمصطلحات, بين معارضة معتدلة ومعارضة ارهابية, الا محاولات للتضليل الاعلامي, وقد كشفته التجربة الأخيرة لتدريب المعارضة (المعتدلة ).الذي سرعان ما التحقت بالنصرة اي (القاعدة) المصنفة ارهابية. وبذلك تكون الدول الغربية هي من تدرب وتسلح القاعدة تحت مسميات المعتدلين . حيث لم يظهر اي مسؤول غربي ليشرح لنا ما هي معايير الأعتدال وكيف يتم تصنيفه. وبناء عليه جاء التحرك العسكري الروسي سريعا وخاطفا وواضحا . واعلن ومن على منبر الأمم المتحدة, ان الطرف الشرعي الوحيد هو الحكومة السورية وجيشها وكل من يحمل السلاح خارجهما هو هدف للطائرات الروسية. وترافق مع ترأس روسيا لمجلس الأمن الدولي , وبعد تحضيرات استمرت لسنوات على كافة الصعد . وهذا التدخل وضع الحكومات الغربية في مازق اخلاقي فلا يمكنها الوقوف امام تدخل جاء بناء على طلب الشرعية الصامدة والتي تدافع عن شعها ودولتها , في حين تقف مع عدوان يخاض على الشعب اليمني لأعادة شرعية هاربة . اما عن التخبط في المواقف الغربية بشان التدخل في سوريا, والذي كشف كذب التحالف الدولي ضد الأرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة , فقد تاكد للجميع ان القصف الغربي وعلى مدار سنوات, في العراق وسوريا هو يهدف لوضع فواصل وحدود لأعادة تشكيل المنطقة, وانتاج دول قائمة على اساس مذهبي , ستدفع فيه الأقليات الدينية الثمن الأكبر .ان ما تقوم به روسيا اليوم هو الحفاظ على صيغة الدولة وتنوعها في كل من سوريا والعراق والأردن ولبنان . ان التدخل الروسي جاء من على منبر الشرعية الدولية, وترافق مع قرار لمجلس الأمن الدولي حول مكافحة الأرهاب خلافا لكافة القرارات الغربية, التي جاءت من خارج الهيئات القانونية الدولية , وشكلت تحالفات, ومؤتمرات صداقة, وتدخلات واقامت الحروب من خارج المؤسسات القانونية . ان قرار التدخل من حيث الجوهر والشكل والفعل هو انتصار للقانون الدولي وهيئاته , ويشكل النقيض لسياسة تقويض مؤسسات والهيئات القانونية الدولية . ويعيد التوازن للمنظومة الدولية كما اشار الرئيس الصيني في خطابه امام الجمعية العامة ان سياسة القطب الواحد انتهت .واذا دققنا في كلمة رئيسة الأرجنتين والتي كشفت عمق العلاقة الأستخباراتية بين هيئات البنك الدولي والمراكز الأمنية الغربية والمنظمات الصهيونية . ان نظرة شاملة لكلمات كل من روسيا والصين والهند والأرجنتين وكوبا وفنزويلا والبرازيل وجنوب افريقيا .. تعطي استخلاصا ان هنالك ادراك جمعي لقادة هذه الدول, للمخاطر التي تهدد البشرية ,ومنبعها وضرورة مجابهتها , ومن هنا من الشرق وسوريا تحديدا سيعاد تشكيل العالم من جديد .

الملفات