2024-04-19 01:57 ص

سورية الرقم الصعب في الأمم المتحدة!!

2015-10-08
بقلم: الإعلامية مها جميل الباشا
أن تكون سورية محور المحادثات في الجمعية العمومية السبعين في نيويورك هذا بحد ذاته يؤكد بأن سورية حتى وهي تخوض حرباً شعواء هي رقم صعب أمام زعماء العالم الغربيين والعرب على حد سواء. ولا سيما أن هذه الاجتماعات تتزامن مع ذكرى انتصار سورية في حرب تشرين التحريرية. لا شيء جديداً في اجتماعات الأمم المتحدة التي عُقدت مؤخراً سوى مشاركة روسيا بشخص رئيسها فلاديمير بوتين بعد انقطاع دام عشر سنوات. بالرغم من أن أغلب شعوب العالم كانت تترقب, وفئة قليلة منها أخذت تتكهن باحتمالات عديدة منها سياسية ومنها عسكرية بما كان سينبثق عن اجتماعات الجمعية العمومية السبعين، بعد سماع خطابات بعض زعماء العالم بدءاً من الأمريكي إلى الفرنسي والتركي والقطري واسطوانتهم المكررة على مدى قرابة الخمس سنوات المطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد, خرجت هذه الشعوب بخيبة أمل كبيرة - بددها شعاع أمل - تمثلت في خطاب الرئيس بوتين قبل أيام مؤكداً على أن سورية بلد ذو سيادة ومن يقرر تغيير الرئيس فيها هو الشعب السوري الذي صمد وتحمّل كل أعباء الحياة نتيجة الحرب التي شنت عليه، إضافة إلى أن الجيش العربي السوري تحت قيادة الرئيس بشار الأسد هو وحده من يواجه الإرهاب الذي زرعه الأمريكي وحلفاؤه سواء كان داعش أو جبهة النصرة أو الحركات الإسلامية أو ما شابهها. ما قاله بوتين في خطابه في الأمم المتحدة رسالة مباشرة للأمريكي وحلفائه, قبل دول الاتحاد الأوروبي، بأن الوجود العسكري الروسي بعد السياسي والاقتصادي على الأرض السورية - بطلب من الحكومة السورية الشرعية- وموافقة مجلس الاتحاد الروسي على طلبه باستخدام القوات المسلحة خارج الأراضي الروسية أصبح من الماضي عكس الولايات المتحدة الأمريكية التي تدخل الأوطان غاصبة ومحتلة ومستعمرة. دخول الروسي بعسكرته من عتاد وأسلحة متطورة وخبراء عسكريين وما إلى ذلك في الحرب السورية أدت إلى تغييرات سياسية وعسكرية, هذا ما نوقش على طاولة الحوار الذي جرى بين بوتين واوباما لمدة تسعين دقيقة على هامش اجتماعات الأمم المتحدة التي عُقدت منذ أيام. المهم أن العقل الروسي يتوجه بكل إمكاناته إلى إخماد النار الإرهابية على الأرض السورية، بدءاً من إنشاء لجنة أمنية مشتركة مقرها في بغداد تضم روسيا وإيران وسورية والعراق التي تبدأ عملها رسمياً خلال أيام، يتناوب على رئاستها كل ثلاثة أشهر احد المشاركين والعراق الأول بالرئاسة . ماذا لو انضمت مصر إلى هذه اللجنة كون عملها محدداً ألا وهو محاربة الإرهاب وهي ما تسعى إليه؟؟ ما معنى أن يحدد الروس أربعة اشهر عمرا افتراضيا لحملتهم العسكرية ضد الإرهابيين في سورية، بعد أن رسم الأميركيون قبلهم خريطة زمنية تصل إلى عشرات السنوات لمحاربة "داعش"؟! مر أكثر من سنة من عمر حرب "التحالف الدولي" الذي تقوده واشنطن على الإرهاب في سوريا والعراق ولم تظهر نتائج عملية لا في ضرب بنية تنظيم "داعش" ولا في الحد من تمدده، في الوقت الذي شلت فيه مقاتلات روسية قدرة تنظيمات مسلحة عدة في سوريا خلال ساعات فقط... راقبوا ما يجري في إدلب وريفها والرقة ودير الزور. انسحابات جماعية لمسلحي "جبهة النصرة" و جيش "الفتح" و"أحرار الشام" نحو الحدود التركية، وهي مجموعات تحظى بدعم تركي - عربي- غربي. وانسحاب تدريجي لمقاتلي "داعش" نحو الأراضي العراقية. الأمريكي كما الفرنسي والتركي والقطري ما زالوا يكذبون ويراوغون ويحمّلون القيادة السورية مسؤولية عمليات القتل والدمار والتشريد التي نالت المواطنين السوريين ما بدا واضحا في خطاباتهم بدءاً من اوباما على منصة الأمم المتحدة "اللاجئون السوريون الهاربون من بطش الجماعات الاسلاموية الصهيونية" أكبر مثال على ما أقول، مع أن من دفع باللاجئين إلى الهروب نحو أوروبا بتخطيط من اردوغان انتقاماً منها لعدم موافقتها على إقامة منطقة حظر في الشمال السوري. بعد أن اعتاد العالم على هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على المنظمات الدولية (الأمم المتحدة والجمعية الحقوقية وغيرهما) في تنفيذ مآربه الاستعمارية، برز في الآونة الأخيرة قطباً نداً في وجه أمريكا وأطماعها (الدب الروسي) الذي يسعى منذ فترة طويلة لاسترجاع نفوذه الذي خُطف منه على مدى قرابة أربعة عشر عاماً فكانت له البوابة السورية. الأمريكي الذي عاث في الأرض خراباً عن طريق طرح الديمقراطية المدعاة بهدف السيطرة على مواقع السلطة في عدد من دول العالم وأمام مرأى المنظمات الدولية والحقوقية التي تغاضت عن تنفيذ دورها المنوط بها في إحلال السلام العادل بين الدول إلى إحلال الإرهاب بين الدول بإشارة من الأمريكي. اجتماعات الأمم المتحدة التي عُقدت مؤخراً تلخص بيانها الختامي على أهم بند ألا وهو الملف السوري صاحب الرقم الصعب الذي فرضه صمود الشعب السوري من جهة والجيش العربي السوري من جهة ثانية. من تأمل كثيراً فيما جرى في الأمم المتحدة "المخطوفة دائماً من قبل الأمريكي" ولاسيما لقاء بوتين واوباما، خرج محبطاً كاد أن يصل إلى درجة اليأس لولا بادرة الأمل التي بدأت تلوح في الأفق وهي مواجهة الدب الروسي للأمريكي كما بدا واضحاً في التمسك بمواقفه التي تنبثق من قوة تضاهي قوة الأمريكي. العمليات العسكرية المشتركة روسياً وسورياً فوق المنطقة الوسطى (الرستن وتلبيسة وتدمر) وشمال اللاذقية وفوق ريفي حماة و إدلب والرقة وريف دير الزور أثبتت بأن الروسي مهد من على منصة الأمم المتحدة مؤخراً بما سيقوم به في سورية لتشهد هذه العلميات حتى تاريخه بما قاله بوتين. كما العادة الإعلام الغربي والمستعرب المتصهين بدأ بدورته المعهودة من خلال إظهار محلليهم في تقديم تحليلاتهم التي سوف تدعم الأمريكي في غسل ماء وجهه من الفشل المرير من الحرب السورية. فهل سينجحون ؟؟؟