2024-04-19 02:30 ص

سوريا: نحن ماضون إلى النصر.. و أنتم إلى أين..!!؟

2015-11-09
بقلم: ميشيل كلاغاصي
بعد مرور أكثر من ستة سنوات على إطلاق ما سُمي " الربيع العربي " في منطقة الشرق الأوسط , و تحديدا ً في الدول العربية منه .. و بعد تكشّف و سقوط كافة الأقنعة, أصبح واضحا ً ودون أي لُبس ٍ أنه " ربيع ٌ الإخوان المسلمين " ليس إلاّ.. بعدما نسجت خيوطه أدمغة الصهيونية – الماسونية العالمية ليكون ممرا ً و معبرا ً لتحقيق مشروعها الكبير في السيطرة على العالم , و إعادة رسم خرائطه و الدفع بكافة الخرائط و المعادلات القديمة إلى الدخول في ذمة التاريخ .. تلك المعادلات التي ُأعتمدت من مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى مطلع القرن الحالي , في سياق ٍ طبيعي يعكس المتغيرات و تراكم الأحداث السياسية , و يُترجم حقبة الربع الأخير من القرن الماضي و التي تلت سقوط و إنهيار الإتحاد السوفيتي في مرحلة ٍ جديدة تميزت بالقطبية الأحادية للسيد الأمريكي . فلم يكن مفاجئا ً أن يخضع العالم إلى جملة متغيرات تعكس واقع التطور الكبير و الهائل في التكنولوجيا , و الذي ترافق بظهور الأزمات الإقتصادية الكبيرة و تصاعد المشاكل السياسية حول العالم , و دخول اقتصاديات الدول مرحلة التجمع و التكتل و ظهور الكارتيلات الضخمة , الأمر الذي دفع الدول لإعادة حساباتها بشكل جذري لتتمكن من مواكبة العصر الجديد , وفائض القوة لدى بعض الدول.. فإتسعت مجموعات الدول الكبرى و تخطى عددها الدول الخمس الذي نصت عليها قواعد النظام العالمي القديم ,الذي سمح لها بتقاسم المصالح و النفوذ , إذ لم يعد ممكنا ً تجاهل تنامي و صعود قدرات و إمكانات بعض الدول الصاعدة , فظهرت مجموعة الثمانية و تمددت إلى مجموعة العشرين . كما أن سرعة تطور اقتصاديات الدول أدت إلى سرعة و تطور الصراعات السياسية و التي بقيت دون حلول بفضل الإدارة السيئة للقطب الأوحد , و إعتماده سياسات مذبذبة بمعايير مزدوجة ممزوجة بالغطرسة و العنجهية و القساوة , تحت مظهر مخادع ادعى الواقعية و البراغماتية السياسية .. فكان الإصطدام بحدود موازين القوى السياسية و الإقتصادية و العسكرية ماّل حتمي .. لقد احتاج العالم تغيير الخارطة و لكن المفارقة كانت في اختيار طرق ووسائل و اّليات التغيير لتجنب هزّ استقرار و أمن الدول و إبعاد شبح الصدام العسكري , لكن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دورا ً سلبيا ً على مستوى الحوار والتفرد بالقرار و طريقة حل المشاكل , بالتزامن مع وجود شخصيات ك كوندي رايس و هيلاري كلينتون و بوش و باراك أوباما ..... الخ. و كثيرون ممن تعاقبوا على مفاصل صنع القرار هناك.. فأتى التغيير تحت عناوين الدم و المخاض و القوة العسكرية عوضا ً عن الحلول السلمية , و إذ راهنت الولايات المتحدة الأمريكية على عامل الزمن و أرادت أن تضمن تغييرا ً يضمن لها مصالحها لسنوات و سنوات , في أبشع استغلال لفائض قوتها و قيادتها للعالم كقطب ٍ أوحد ٍ ووحيد , الأمر الذي دفع بعض الدول و القوى لإظهار امتعاضها من إنتقاص حصصها وعدم إشراكها في إنتاج الحلول إلى الميل نحو التطرف و التفكير به كوسيلة ٍ لنيل ماّربها و تحقيق مصالحها .. و بذلك استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تحصل على الخدمات " الجليلة " و صكوك الولاء و الطاعة و طلبات الإنتساب لخوض أقذر أنواع الحروب اللا أخلاقية دون رادع ٍ أو حساب .. و شكلت فريق الحرب و " الربيع الإخواني " بمساندة تنظيم القاعدة و العديد من التنظيمات الإرهابية تحت عناوين الحروب الدينية القذرة لإقامة دولة الخلافة على الأراضي العربية , في الوقت الذي أصبح من المؤكد أنها مجموعات ولدت لتموت و صُنعّت لتحقيق الغرض من وجودها و ليكون القضاء عليها بوابة النصر الأمريكي كمنقذ ٍ للعالم و قصة بطولة أمريكية لا تنتهي . إن الدفع بالمشروع الإخواني لا يعني منحه الفرصة التي لطالما حلم بها , إنما للإستفادة من شراهته و شبقه للوصول إلى السلطة ليس إلاّ .. و بدليل الإطاحة به بعد إنتهاء كل مهمة ينجزها , ففي تونس اُطيح بالمرزوقي و لحقه مرسي في مصر , أما في سورية حيث استعصى المشروع و فشل على المستوى الداخلي , و انتقلت تداعيات فشله لتنقلب على أصحابه , و يتحول إلى فشل كبير أصبح فيه الأمريكان عاجزون عن متابعة رسم الخرائط كما يخططون و يشتهون .. و لم يسعفهم إبداعهم السياسي في كسر إرادة الدولة السورية و المقاومة اللبنانية و الدعم الإيراني والروسي الكبير.. فلجأؤوا إلى الحفاظ على سخونة الأرض و استمرار استنزاف الدولة السورية و قدرات جيشها و صبر شعبها , عن طريق رفع وتيرة الإرهاب و زيادة دعم و تسليح المجموعات الإرهابية عبر أدواتها الحاقدة كالسعودية و دول الخليج و تركيا و فرنسا و بريطانيا و..... إلخ . بدا المشهد بلا نهاية , و العالم متمسك بالحرب على سورية بإنتظار إنتاج الحلول و صدور النسخ الأولى لخارطة العالم الجديد , وسط حرص الجميع في الحصول على أكبر حصة , في أعقد مشهد سياسي يشهده العالم , وعلى الرغم من يقين الجميع أن سورية باقية و تجاوزت كافة المراحل الخطرة و أصبحت مشاريع تشظيها و تقسيمها أضغاث أحلام , في الوقت الذي يتابع الإرهاب تمدده و تهديده لغير دول و شعوب, و بإنتظار أوامر مشغليه للإتجاه نحو روسيا و الصين و مصر و لبنان و غير مكان . كان لا بد من إعادة تقييم المشهد حتى ممن تآمروا على سورية و أصبح نصرها مطلبا ً للعديد من الدول, وعقدوا آمالهم في القضاء على الإرهاب عبر سواعد جيشها البطل الذي ظل يقاتل الإرهاب لخمس سنوات وحيدا ً, و عوضا ً عن العالم و نيابة ً عنه.. لقد أوهم الساسة الغربيون شعوب العالم في بحثهم و سعيهم لإيجاد حل سياسي ينقذ سورية و السوريين من براثن الحرب اللعينة , فيما هم منشغلون في البحث عن إنقاذ مصالحهم و نفوذهم و مكانتهم في الخارطة الجديدة التي يرسمها صمود سورية و انتصارها . كان من الضروري للقيادة السورية أن تحاول إختصار الزمن لتحقيق النصر , فكان طلب التدخل العسكري الروسي واقعيا ً و شرعيا ً , في الوقت الذي تشعر موسكو أنها بأمس الحاجة للقضاء على الإرهابيين قبل أن يتمكنوا من الوصول إلى أسوار موسكو , بعد تكشف خيوط المؤامرة و المخطط الكبير . كانت مدة ثلاثون يوما ً من التعاون العسكري المشترك السوري – الروسي , وعبر عمليات الإسناد الجوي الروسي كافية لتسريع خطى البحث عن الحل السياسي في سورية .. فسارع العالم لفتح قنوات الحوار التي ولد من رحمها لقاء فيينا الأول , و الذي حاول بالحضور الدولي و الأممي و عبر بنوده التسعة رسم ملامح الحل بالخطوط الأولية , و يعطي الفرصة الحقيقية بعد تكثيف الجهود و التعاون الدولي - و بتوفر النوايا الصادقة - أن يصل إلى الهدف المرجو . اختلفت قراءات المشهد في فيينا , بين متفائل و متشائم , فيما فوجئ البعض ببنوده , و منهم من ذهب بعيدا ً ليعتبر أنه قد نسف كل ما سبقه من مؤتمرات و لقاءات ( مؤتمرات جنيف , لقاءات موسكو , مؤتمرات أصدقاء سورية ) .. و خال البعض و كأن يدا ً سورية قد خطت بنوده. إن الإجماع على وحدة سورية, و الحفاظ على مؤسساتها, هي دون شك نتاج ٌحصري لصمود الدولة السورية, بالإضافة إلى تشكيل حكومة وطنية واسعة التمثيل و.... إلخ هي أمور ٌ طرحتها الدولة السورية منذ اليوم الأول . ولكن ما يلفت الإنتباه هو الحديث عن دولة ٍ علمانية , ذات مصداقية و تتمتع بالشفافية المناسبة , وعن أحقية السوريين في الداخل والشتات ممارسة حقهم في الاستحقاقات الانتخابية . و لا بد من تسليط الضوء على هذه العبارات و التي تحمل من التفسير ما تحمل..!! - علمانية الدولة السورية : الأمر الذي يعني أن تُحكم سورية عبر سلطة ٍ مدنية بحتة.. و وفق الدستور و القوانين المدنية التي يتوافق عليها السوريون أنفسهم , ما يوضح و يؤكد عدم رغبة العالم بوجود سلطة ذات طابع ديني أو أساس ديني للحكم , الأمر الذي ينسف فرضية إقامة دولة الخلافة أو ما شابه , و أقله الإعتراف بهزيمة مشروعها .. و هذا بحد ذاته يؤكد ما عرضناه في البداية عن استخدام العالم لشره و شبق " الإخوان المسلمين " للسلطة , دون إعطائه أية فرصة في الوصول إلى السلطة , كما حدث في تونس و مصر , و يبقى السؤال حول نجاح أردوغان صاحب المشروع الإخواني , فيكفي أن نقول أن أوروبا تعتمد على سورية في كبح جماح مشروعه , و منعه من التمدد جنوبا ً , بمعنى محاصرته مؤقتا ً لحين إنكفائه عبر الداخل التركي بالإعتماد على تنامي وعي الشارع التركي . - حكومة ذات مصداقية : و التي تستقي مصداقيتها من قوة تمثيلها , ما يعني حصول شخصياتها على تفويض الشعب السوري بالوسائل الديمقراطية , التي تسمح بتشكيل الحكومة و المعارضة على حد سواء , و كأن المجتمعين في لقاء فيينا يقرّون بعدم مصداقية كل من قدم نفسه خلال الحرب على أنهم معارضون , و من المثير للدهشة و الغرابة أن يبحث العالم عن " المعارضة المعتدلة المسلحة " , الأمر الذي يسمح لنا بتوجيه السؤال لهذه الدول : هل يوجد في بلادكم " معارضون مسلحون " !!؟؟ - السوريون في الشتات : لا بد من الإنتباه أن كافة قواميس العالم لا تحتوي على كلمة شتات , و هي بالأصل تعبير يهودي مؤلف من كتلة ٍ متجانسة ٍ مبني على مفهوم مزدوج يجمع بين الإنتماء القومي و الديني الصرف أو الصافي .. و عليه يمكن تفسير شره الغرب لإستقبال النازحين و اللاجئين السوريين , و فرزهم طائفيا ً و ترحيل المكونات بعد فرزها إلى دول بعينها , بغية الحصول على كتلة متجانسة طائفيا ً , يجري العمل على استغلالها في الإستحقاقات الإنتخابية في سورية لاحقا ً .. فقد اكتشف و فسر الغرب ما حصل في الإستحقاق الرئاسي الأخير , إقبال السوريين بنسيجهم و تنوعهم الحقيقي على الإقتراع و بشكل طبيعي لصالح الوطن , و خلص إلى ضرورة الإستفراد بمكونات الشعب السوري كل ٌ على حدة .. نعوّل على وعي السوريين و عدم إنجرارهم إلى هكذا مزالق , و نأمل عودتهم السريعة إلى الوطن . بالتأكيد لا يثق السوريون بالإدارة الأمريكية و بكل حلفائها , في الوقت الذي يثقون بحكمة قيادتهم السياسية و على رأس هرمها سيادة الرئيس بشار الأسد , و يقفون وراء جيشهم الباسل و يرون فيه الأمل الوحيد لإعادة الأمن و السلام لربوع الوطن و تطهيره حتى اّخر ذرة تراب فيه . و مابين غياب الأفق السياسي للإدارة الأمريكية , و استمرار اّل سعود في صب أحقادهم و عمالتهم في خدمة المشروع الصهيوني, و إنجراف أردوغان إلى أقصى درجات التطرف وإنغماسه وراء كل المشاريع الشيطانية بحثا ً عن أوهام المجد العثماني الجديد , و ما بين المواقف الهلامية للقارة العجوز , و تحول قادتها إلى دمىً سخيفة , و غياب الوعي العربي و صمته المخيف في ظل استمرار سفك الدم العربي في سورية و العراق و ليبيا و فلسطين و اليمن و مصر .. و بغياب التحرك الواسع للشعوب العربية للمطالبة بوقف تقديم دماء العرب كقرابين على مذبح الصهيونية و عملائها , قد نرى الشعوب الغربية تسبقها في تحركها كما فعلت إبان العدوان الأمريكي على العراق .. يبقى تعويل العالم العاقل على قوة و صلابة الجيش العربي السوري و حلفاء الدولة السورية في محور المقاومة لتكون السد المنيع للحفاظ على الإنسان و القيم الإنسانية. و فيما سوريا تسير بثقة ٍ نحو إنجاز مهمتها, تطرح على العالم الشرير و الحاقد سؤالها.. نحن ماضون إلى النصر .. و أنتم إلى أين ..!!؟.