2024-04-19 04:05 ص

الذئب الأغبر في مواجهة الدب الأكبر: «النموذج»... في وظائفه وخسائره

2015-11-28
محمد نور الدين
إنَّها القلوب الملآنة التي لم يستطع سيد أنقرة أن يخفيها. فبادر إلى إسقاط الطائرة الروسية لعلَّه يتجنَّب السقوط الكامل لمشروعه في سوريا.
وعلى قاعدة «عليّ وعلى أعدائي»، جاء قرار إسقاط الطائرة ليبدأ مرحلة جديدة من تاريخ العلاقات بين تركيا وروسيا، ومن تاريخ الأزمة في سوريا. فما قبلها غير ما بعدها، ليس من اثنين يختلفان على ذلك.
ما لم تتجرَّأ عليه دولة أطلسية على امتداد تاريخ حلف شمال الأطلسي، تجرَّأت عليه تركيا وأسقطت طائرة روسية في وضح النهار، يوم الثلاثاء الماضي. والإسقاط جاء أيضاً باعتراف رسميّ وبأنَّه من جانب المقاتلات التركية، وليس بصواريخ «أرض – جو» قد يجهّل فاعلها.
بمعزل عن مكان إسقاط الطائرة وما إذا كان في المجال الجوي التركي أو المجال الجوي السوري، فإنَّ السهم قد خرج من القوس والواقعة حدثت والكلام سيكون لما بعد الحادثة وليس في مجرياتها.
وحتّى لو اخترقت الطائرة الروسية المجال الجوي التركي، فهي ليست المرّة الأولى وليس الاختراق الدافع لإسقاطها. فلو أنَّ تركيا لم تسقط الطائرة، لم يكن ذلك ليغيّر الواقع. لذا، فإنَّ القرار هو قرار سياسي بامتياز والبحث عن إجابات بشأن دوافعه يقع في هذه الخانة.
1 ـ في الأيام التي سبقت إسقاط الطائرة، كانت القوّات السوريّة تتقدّم بشكل ملحوظ في المناطق الشمالية لريف اللاذقية، خصوصاً في مناطق جبل التركمان والأكراد والمحاذية للواء الإسكندرون. شعرت تركيا أنَّ احتمال خسارة المعارضة المسلحة لهذه المناطق، سيفقدها ورقة نفوذ في سوريا، لذا فقد رفعت الصوت غيرةً للدفاع عن الوجود التركماني في تلك المناطق، علماً أنَّ غالبية المسلحين هناك وفي مختلف جبهات القتال من العناصر الأجنبية. وقد تسارعت الاجتماعات الرسميّة الأمنيّة برئاسة رجب طيب أردوغان وداود أوغلو إلى دراسة التطوّرات الميدانيّة، وكانت تركيا على وشك التحرك لدى الأمم المتحدة والحلف الأطلسي لرفع الصوت.
ومن ثمّ حدث إسقاط الطائرة الروسية في رسالة مباشرة لروسيا بأن توقف دعمها، وبالتالي تقدّم الجيش السوري في تلك المنطقة. ربَّما لا تستطيع تركيا منع تقدم الجيش السوري، لكنّها ستحدث وفقاً لحساباتها ارتباكاً وتبديلاً في طبيعة الحركة الروسية بما يمنح المعارضة السورية وقتاً إضافياً لصدّ الهجوم السوري ـ الروسي.
إذا كان هذا هو السبب المباشر لإسقاط الطائرة الروسية، فإنَّ القرار بإسقاطها يكون تركياً فقط مع وضع الولايات المتحدة في مناخ القرار. وبالتالي تتحمَّل أنقرة المسؤولية مع دعم اميركي لاحق، إذا تطلّب الأمر.