2024-04-24 08:47 م

أردوغان على حافة الجنون..ذكرى اللواء السليب وإقتراب المئوية

2015-11-28
بقلم: ميشيل كلاغاصي
بعد مرور حوالي خمسة أعوام للحرب على سوريا , وسقوط كافة الأقنعة التي اختبئت ورائها وجوه من شاركوا فيها و تآمروا على المنطقة و سوريا على وجه التحديد..و بعد إنكشاف الكثير من الحقائق و الأهداف و المصالح التي دفعت بعض الدول للمشاركة فيها . لا يزال الموقف التركي يحتاج المزيد من الإضاءة والتوضيح ... فلا يمكننا الإعتماد على فكرة إنخراط تركيا في الحرب كلاعب ٍ أساسي, و قبولها بتحويل أراضيها لمراكز استقطاب وتجميع و تدريب و تسليح الإرهابيين و تسهيل دخولهم إلى سوريا , بل تعداه إلى المشاركة الفعلية بجيشها وطائراتها و دباباتها وجنودها في مفاصل كثيرة أفضت إلى حماية الإرهابيين أو تمكينهم من السيطرة و احتلال بعض المدن والقرى و بعض النقاط الإستراتيجية .. كذلك تحمّلها وزر لجوء مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى أراضيها.. كان بفضل أطماعها بسرقة النفط السوري و سرقة معامل حلب فقط.!؟ أونتيجة ً لطلب الإدارة الأمريكية , و كرمى لعيونها فقط !.. كما أن سياستها العدائية و دعمها المباشر للإرهابيين , يضعها في قلب العاصفة و يعرضها للمخاطر, فما قامت به هو لعب ٌ بالنار و رقص ٌ على حافة الهاوية .. مع إدراكها بأنها تقع على خط التقسيم , و خرائط المشاريع الصهيو – أمريكية في المنطقة !. بالإضافة إلى يقينها – منذ ما قبل الحرب – أن الغرب يعتبرها دولة ً غير مرغوب ٍ فيها في المنطقة , بفضل تاريخها الدموي و سياساتها العدائية التي حوّلت علاقاتها بكل دول الجوار إلى صفر علاقة , والتي وصلت إلى ما دونه نتيجة سلوكها أثناء الحرب .. إذ تتحمل الدولة التركية المسؤولية المباشرة عن تفجير موجة اللجوء إلى أوروبا , وعودة الإرهابيين عبرها إلى بلادهم,والذين لم يتوانوا عن تنفيذ مهامهم وأوهامهم التي حملوها في رؤوس ٍ مجرمة ٍ و دينية ٍ متطرفة.. كما أن حظوظها بالإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي لم تكن أفضل من علاقاتها مع دوله قبل أن تدفع بآلاف اللاجئين لغزو أوروبا , و إرباكها و رفع منسوب المخاطر الإرهابية فيها , والذي تُرجم أعمالا ً إرهابية فظيعة في العديد من الدول الأوروبية و على رأسها فرنسا, و دفع المدنيون الأوروبيون ثمنها غاليا ً.. الأمر الذي جعل دخولها الإتحاد الأوروبي حلما ً مستحيل التحقيق. بالإضافة إلى المغامرة و الحماقة التي دفعتها لإسقاط الطائرة الروسية , وتحمّلها تبعات الغضب الروسي إقتصاديا ًوعسكريا ًو بالوعد بالإنتقام .! هذا يقودنا إلى التفكير في الهدف الجوهري الذي يستحق كل هذا الجنون , والذي يصل حد الإنتحار السياسي لنظام أردوغان مجتمعا ً! والدفع به لتقديم أقصى التضحيات للدفاع عن أرضه و شعبه – بحسب داود أوغلو-!؟ . يبدو أن نظام أردوغان يستعمل تعبير" الشعب " وفق نموذجين , أولهما الشعب التركي الحقيقي كنموذج ٍ لا يخشاه , ولا يتوان عن قمعه وحكمه بالقوة والهيمنة و بالسلطة الغاشمة , بمصادرة حرية تعبيره و رأيه , وقمع وسائل إعلامه و إغلاق مواقع تواصله الإجتماعي .....الخ. أما النموذج الاّخر " للشعب " فيعني به كل من كان تحت سيطرته و هيمنته , و لكنه يخشاه و يحسب له ألف حساب , و يدعي حمايته , ممن يمثلون ما يسمى بالأقليات وخصوصا ً الكرد و التركمان و الأرمن والعلويين و المسيحيين , اللذين احتل أراضيهم وشتت شملهم و نكل بهم وينظر إليهم كجزءا ً من غنائم الأراضي المسلوبة , إذ يعلم أن في تحركهم و بأعداهم الكبيرة يشكلون خطرا ً كبيرا ًعلى الدولة التركية , التي مارست بحقهم تاريخيا ً أبشع الجرائم , وسلخت السوريين منهم عن وطنهم الأم في لواء الإسكندرون,من خلال إتفاقية أبرمتها مع الإستعمار الفرنسي و البريطاني عبر إتفاقية سايكس و بيكو في عام 1916 و إتفاقية أنقرة عام 1921, والتي أفضت إلى ضم لواء الإسكندرون إلى تركيا في 29 11 1939 , إذ قامت فرنسا بالإنسحاب منه في 15 7 1938 و السماح لتركيا بقضمه و إحتلاله , مقابل أن تضمن دخول تركيا الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء من جهة , ولمعاقبة السوريين على مقاومتهم للإحتلال الفرنسي من جهة ٍ أخرى , بعد صدور قرار عصبة الأمم بفصل اللواء عن سورية و دون موافقة الدولة و الشعب السوري . ويعتبر لواء الإسكندرون المنفذ البحري لمدينة حلب , ويضم مدنا ً عديدة كإسكندرونة و أوردو و الريحانية و انطاكية التي تعتبر مركز و مقر الكرسي البطريركي للكنيسة السورية .. بالإضافة لما تتميز به الطبيعة الجغرافية الجبلية والتي تضم جبال الأمانوس وجبل الأقرع وجبل موسى و جبل النفاخ , و بأنهارها كالعاصي والأسود و عفرين , ناهيك عن خصوبة التربة , و تطور مختلف أنواع الزراعات والثروة الحيوانية .. بالإضافة إلى ما استجد إكتشافه من مخزون هائل للغاز و النفط على طول الشريط الساحلي السوري .. إن الحلم العثماني – الأردوغاني بقضم المزيد من الأراضي السورية , جعلته يستشرس في دعم الإرهابيين وحمايتهم و القتال عنهم ,ويأتي في إطار تجديد حلمه القديم – الجديد, في قضم مدينة حلب بقدراتها الإقتصادية ومكانتها الصناعية , وقضم مساحات ٍ كبيرة من الريف الشمالي والشمالي الغربي لحلب والريف الشمالي لمدينة اللاذقية , واعتبارها مناطق نفوذ ٍ تركي , والتي تمتد من جرابلس إلى البحر المتوسط , فيما سمي منطقة اّمنة أو عازلة ..... الخ . يبدو أن أردوغان قد وقع فريسة وعود ٍ أمريكية كتلك الوعود الفرنسية , في فرض المنطقة العازلة أولا ً, ومن ثم سلخها عن سوريا وضمها بقرار ٍ أممي تضمن استصداره الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا و بريطانيا ..مما يسهل له قضمها وسرقتها وضمها لكيانه , في حال نجاح المشروع الأمريكي أو سايكس بيكو الثاني أو الجديد .. الأمر الذي يبرر تورطه حتى النخاع في الحرب على سوريا , وعدم إكتراثه للأثمان التي سيدفعها في الداخل التركي أو بالإنتقام الروسي أو السوري .. إذ يعتقد أن ضم المزيد من الأراضي السورية سيجعله أهم من كمال أتاتورك نفسه . لكن الرياح السورية وبفضل قوة و بسالة جيشها وقائدها و صمود شعبها الأسطوري , دفعت سفن أردوغان بعكس ما يشتهي , الأمر الذي دفعه لزيادة جرعة إجرامه و وحشيته و دعمه المطلق للجماعات الإرهابية, وفي الذكرى السنوية السادسة والسبعين لضم اللواء السليب والذي يُصادف الأحد 29 11 2015 , ومع اقتراب انتهاء مفاعيل الإتفاقية المشؤومة في أيار 2016 سيجد أردوغان نفسه أمام خيارات صعبة , فالشعب السوري في اللواء لا يزال على الرغم من محاولات التتريك و القمع و التهجير يتحدثون اللغة العربية و يعتزون إنتمائهم للوطن الأم , وأن شراءه ذمم القلة منهم و تجنيدهم لخدمة أطماعه و مشروعه لن تغير في مواقف السواد الأعظم للشعب السوري هناك سواء كانوا كردا ً أم تركمان أو....الخ و أن بقاء الدولة السورية نسف كل ما فعله و حارب و دعم الإرهاب لأجله.. و أن ملايين السوريين لن تتخلى عن تحرير كل شبر ٍ من أراضيها . و يبقى للعثماني السلجوقي المريض أن يلهث وراء حلمه حتى الجنون ولا بد أنه يستحقه .. فسورية باقية و بواسلها وأهلوها لن يستكينوا إلاّ بعد الإنتقام منه عبر القضاء على إرهابييه و تطهير الأرض السورية من رجسهم .