2024-03-29 04:42 م

داء خبيث إسمه "التأجيل" يشل المؤسسات الفلسطينية؟!

2015-11-30
القدس/المنــار/ المصالحة في الساحة الفلسطينية "مؤجلة" منذ سنوات، وغبار الجهود والوساطات وتصريحات "الحرص" و "صدق" النوايا بات يغطي الجهات الأربع لساحات تعيش الآلام والمعاناة، وعرضة لهمجية الاحتلال، دون أن تهز مشاعر المتخاصمين، الباحثين على مدار الساعة عن تبريرات وأقنعة للهروب والتنصل من المسؤولية، مسؤولية الاضرار بالساحة الفلسطينية.
غبار النفاق والخداع، مهما كانت كثافته، لن يغطي الحقائق الساطعة، وفي مقدمتها أن المتصارعين مرتاحون للانقسام، ومستفيدون من وقوعه واستمراره، ويتوهمون أنهم يقودون شعبا ويحكمون وطنا، مع أن هذا الوطن محتل ومحاصر، الحقيقة أن طرفي الصراع لا يسعيان الى مصالحة حقيقية، فلو أن النوايا سليمة وطاهرة لانتهى الانقسام منذ زمن طويل. وكل طرف ينحاز الى مصالحه و "حسبته" الشخصية.. وأي منهما غير منحاز الى شعبه، لذلك، دوام الحال زائل لا محالة، مهما كان حجم الأوهام، وقوة التمسك بها.
في الساحة الفلسطينية مرض أسمه "داء التأجيل"، كل شيء مؤجل، المصالحة مؤجلة، والجدية في احداث التغيير واتخاذ القرارات مؤجلة، وتفعيل المساءلة والأخذ برغبات الشعب غير وارد، والمشاركة في هبّة القس ليست في الحسيان.
هذا الداء الخبيث المدمر، الذي يرفعه البعض شعارا، أصاب المؤسسات القيادية، وعلى رأسها المجلس الوطني الفلسطيني، فرغم خطورة المرحلة وحجم التحديات والأخطار، فان "أصحاب القرار" لا يرون ضرورة لعقد المجلس، وبالتالي، خضعت هذه المؤسسة لداء ومرض "التأجيل"، تأجيل تلو الآخر.. فما هي الدوافع؟! ما هي الفائدة من وراء ذلك؟ ان الهدف الأول من وراء التأجيل المتكرر، هو عدم الجدية وسوء النوايا، من المشاركين والرافضين ومعتنقي "الزئبقية" في اتخاذ المواقف، وأصحاب "الضبابية" في طرح وجهات النظر، وعاشقي "الذيلية" عند الجدّ، والانتهازيين الذين يبرزون عند قطف المكاسب والثمار. 
وتتباين التفسيرات لما يجري ويدور، خاصة، وأن التبريرات التي يسوقها البعض عبر وسائل الاعلام لم تعد مقنعة، بل تثير السخرية، وتؤكد أن الحقيقة أبعد من ذلك. من بين هذه التفسيرات أن متنفذين يرسمون منذ فترة عناصر المشهد السياسي الفلسطيني، حسب هندستهم ووفق أمزجتهم وهذا يعني ترتيب متعمد للشخوص والمقاعد والمواقع، بشكل شخصاني، وعلى طريقة الاستزلام، أي اقصاء للآخرين بغطاء ديمقراطي، وبالتالي، ما لم ينته هؤلاء من رسم الخارطة، والهيكلية، فان التأجيل لدورة المجلس الوطني، سوف يتواصل، ولا مانع حتى قيام الساعة؟!
وآخرون تنتفخ "أوداجهم" بعبارات عدم ملائمة الظروف والأوضاع، فيطالبون بالتأجيل الى أن يشاء الله، ويكنس الاحتلال، ولهؤلاء، يجيء الرد من البعض المتحمس لعقد المجلس الوطني، ما دمتم تتحدثون عن عائق الاحتلال، فما هو المقصد من بقاء السلطة؟! ولم نسمع ردودا على ذلك.
أما التواقون لعقد المجلس الوطني، فهدفهم أيضا الاستحواذ والامساك بالقرار، وبالتالي، بتنا في حيرة من أمرنا، لكن، بملء الفم، لا للاستغفال ولا للتخدير والضحك على الذقون، والاستخفاف بوعي الشارع المنتفض، شارع يقوده جيل الانتفاضة الثالثة، لا يسمح لنفسه أن يظل مخدوعا الى الأبد، شارع قادر على كل شيء، وهذا ما لم يدركه صناع القرار أيا كانت اتجاهاتهم.
وبوضوح، ان الثقة معدومة بين المواطنين، وكل المؤسسات القائمة والقائمون عليها، فالحال بات مضحكا مبكيا، ولا بد من حسم وحزم، وهذا يعني الكثير الكثير.
فليفرج "المحتكرون" و "الانتهازيون" و "الأدعياء" عن مؤسسات الشعب لتأخذ دورها، في هذه الظروف الاستثنائية المفصلية.