2024-03-29 06:11 م

جنيف 3... الاحتضار والطريق المعبدة إلى جنيف 4

2016-02-02
بقلم: محمد بكر
لا نقرأ الطالع أبداً ولا نمتهن التكهن، ولا نستبق الأمور عند الحديث عن مصير المفاوضات السورية التي ستنطلق مجدداً بطريقة غير مباشرة اليوم الاثنين بين وفدي الحكومة السورية والمعارضة بحضور دي ميستورا ، لجهة توافر كل عوامل احتضارها وترنحها وتصلب رؤى المتفاوضين وداعميهم الدوليين، فمن سمع أول حديث أدلى به رئيس وفد الحكومة السورية الدكتور بشار الجعفري يوم الجمعة الفائت من جنيف بأن الشعب السوري يواجه ارهابيين والحكومة لا تتفاوض مع الارهاب وإن المعارضة غير جادة وليست لديها أية مصداقية، مضيفاً أن أحداً لايعرف من هو الطرف الآخر لانحن ولا ديمستورا، يستشرف تلقائياً مصير العملية السياسية السورية ( مع ايماننا بوجود صنوف من الارهاب المتغلغل في الجغرافيا السورية)، وفي هذا السياق نسأل؟ إن كان الأمر بيّناً وواضحاً إلى هذا الحد لدرجة أن كل الحاصل هو مواجهة للارهاب فقط، ولاوجود لطرف آخر تتفاوض معه الحكومة السورية فلماذا إذاً تكبد السيد الجعفري عناء السفر إلى جنيف، ولماذا يضيع الوقت في الحديث مع ديمستورا، إن كان الطرفان يجهلان من هو ممثل الطرف السوري الآخر؟ الطرف الآخر لم تكن حاله بأفضل مطلقاً، وتغريده خارج سرب الواقعية، والترديد الببغائي لما يمليه ويقوله " الأسياد" وولاة الأمر في السعودية كان الأبرز حضوراً على لسان رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب، عندما أكد أن وجود وفد الهيئة في جنيف مرتبط بتحقيق الحالة الانسانية، وليس في إطار العملية التفاوضية التي يجب أن تنطلق من تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات مستنسخاً ومردداً لذات مفردات بيان الخارجية السعودية الذي صدر يوم الجمعة الماضي.  كيري بدوره كان " المتذاكي " الأبرز في المشهد السياسي السوري، والذي تصور نفسه محاضراً أمام جمهور من السذج والأغبياء عندما دعا الأطراف السورية إلى اغتنام الفرصة لتحقيق تقدم صلب وملموس وأنه لايوجد حل عسكري للصراع السوري وان استمرار الحرب سيؤدي الى ابتلاع المنطقة بالكامل، وهو الذي يجب أن تكون بلاده أول المغتنمين لأي فرصة أو لحظة توافق سياسي جدي، وهو الذي يدرك يقيناً أن بلاده تدعم استمرار الحرب السورية، وديمومة الطروحات العسكرية، وإن " الشهية الأميركية" لن تخبو حتى تبتلع المنطقة وتكسر " التمرد" الروسي فيها الذي لا تقل شهيته هو الآخر في فعل الابتلاع لتثبيت النفوذ والحضور في هذه المنطقة.  عند مطالعتي لمنشوراته المميزة على صفحته على الفيسبوك لفت نظري ماوصّفه ممثل سوري كردي معروف حول عملية التفاوض عندما قال: (المتفاوضون نوعان نوع يأتي " ميتاً " كالنظام وآخر في العناية المشددة كالمعارضة، الثورة في مكان آخر الثورة حياة)، وهذا فعلاً ما يتجلى في جولات الحل السياسي السوري، فإن كان الحل في سورية سوري سوري ولا مجال لفرض الحلول من الخارج كما أكد وزير الاعلام السوري، فلماذا هذا التدخل الروسي الحاضر بزخم في يوميات المشهد السوري عسكرياً وسياسياً، كما الحضور الأميركي؟ وكذلك أيضاً ما أعلنه أحد أقطاب المعارضة لرأي اليوم أنهم يأخذون بنصيحة حلفائهم لجهة الانتظار حتى رحيل أوباما وعدم تقديم أي تنازلات للإدارة الأميركية الحالية الخاضعة لرغبة روسيا بحسب تعبيره، ما يجعل الحل السوري السوري في عداد " المفقودين"، وعليه فإن جل ما سيحصل في جنيف هو أن المشتبكين سيصوغون نعية لجنيف 3، ومن ثم تبدأ رحلة الكباش في الميدان وصولاً لجنيف 4 في مسلسل " مكسيكي " تطول فيه عدد الحلقات، وقد مله الشعب السوري الخاسر والمتلظي الأوحد في هذه النار القذرة.
*كاتب صحفي فلسطيني
Dr.mbkr83@gmail.com