2024-04-19 10:49 م

بضربة خاطفة، سقط جنيف، وترنح الغاب وادلب... وتنفست حلب الصعداء

2016-02-03
كتب سمير الفزاع
سؤالان مركزيان سأحاول مقاربة الإجابة عنهما ما أمكنني، ما هي أسباب هذا التقدم المتسارع للجيش العربي السوري، حملة العميد سهيل الحسن نموذجاً؟ مجريات الميدان، إلى أين؟. * أسرار قفزات النمور: بشكل مباشر، سأحاول تكثيف أكبر عدد من العناصر التي ساهمت بتحقيق النجاحات المتوالية لحملة العميد سهيل الحسن، بشكل خاص، لنستخلص منها بعض من أهم العناصر التي تقف خلف النجاحات المتتالية لبقية قطاعات الجيش العربي السوري وحلفائه... لأن هذه الانتصارات ليست محصورة في قطاع أو جبهة أو قائد... لكن سأركز على هذه "الحملة" لنسقطها على إنتصارات الجيش على إمتداد رقعة الوطن: 1- إستعاض في حركته بآليات خفيفة عن تلك الثقيلة، ولكن دون إهمال للآليات الثقيلة ودورها وأهميتها... وهذا وفر عدة عناصر غاية في الأهمية، مثل: سرعة الانقضاض، المباغتة، الانتقال السريع من موقع لآخر ومن جبهة لأخرى... . 2- توفير مستلزمات الحركة والنار على مدار الـ24 ساعة، ورفع منسوب اليقظة والمبادرة بوجه أي طارئ كان... ما أفقد داعش أهم أسلحتها، الإنغماسيون والمفخخات. 3- رصد دائم ولحظي لجبهات العدو، تحركاته، تسليحه، إنتشاره... بإستخدام منظومات متعددة للرصد والإستطلاع من العنصر البشري وصولاً لمنظومات الرصد الجو-فضائية، مثل كاميرات ومعدات الرؤية الليلية، والدفق المستمر لصور الأقمار الاصطناعية الروسية. 4- إستخدام غرفة عمليات حديثة ومتنقلة، ترافق قائد الحملة أينما ذهب، توفر له صورة حيّة ومباشرة لمجمل الجبهات، وخصوصاً المشتعل منها. 5- توفير باقة نارية واسعة ومقتدرة، أتاحت تفوقاً نارياً كاسحاً للجيش العربي السوري على نحو شبه تام بميدان المعركة وتفاصيلها، من خطوط الإمداد الخلفية وصولاً لدشم الخطوط الأولى. 6- توفير مظلة جوية على مدار الساعة تقريباً، في خدمة خطط الحملة، وتطورات الجبهات سواء المدروسة أو الطارئة، وأقصد بالطارئة هنا، التقدم المفاجئ للحملة أو للعدو. 7- حالة الجهوزية المستمرة، والإستطلاع اللحظي للميدان، ساعدا بشكل حاسم على صدّ أي هجوم معاكس تقوم به الجماعات الإرهابية، وتحويله إلى محرقة جديدة لإبادة "عناصر نخبة" العدو ومعداته. وهو ما حصل لهجوم داعش المعاكس قبل أيام على مواقع الجيش بمحور الباب في قرى العجوزية والعبودية والسريب. 8- لا مركزية القرار، أتاحت لقائد الحملة مساحة واسعة من المرونة والإبداع، واختصرت الكثير من الوقت الثمين بدلاً من تضييعه في بيروقراطية اتخاذ القرار... وهذا يظهر مدى الثقة بقائد الحملة وقدراته الإدارية والتكتيكية والإستراتيجية. 9- لا وجود لمصطلح "إستعصاء" في هذه الحملة؛ بل وفي مجمل حركة الجيش، فما تعذر إقتحامه بالقوة سيتم إقتحامه حتماً باستخدام المزيد من القوة. 10- وضع كافة جبهات العدو تحت ضغط ناري دائم، لشلّ قدرة العدو على الحشد والتثبيت والقيام بهجمات معاكسة... أولا، ولإشاعة الرعب والانهيار في صفوفه... ثانياً، فتح خيارات متعددة من التقدم الصادم أمام الحملة... ثالثاً. 11- استخدام الإعلام الحربي بشكل ناجح، حيث ترافق الحملة منظومة إعلامية ترصد التقدم لحظة بلحظة، فتسجل الانتصارات، وترفع من معنويات الجيش والشعب عموماً، وتحط من معنويات العدو ومشغليه... . 12- إستخدام وسائل تقنية متطورة جداً في إدارة حركة وحماية آليات الحملة، مثل نظام "kontakt-5" التفاعلي لحماية الآليات من الصواريخ المضادة للدروع. 13- قدم قائد الحملة العميد سهيل الحسن، نموذجاً مميزاً للقائد المنتصر، بحضوره الدائم على جبهات القتال، وثقافته الوطنية والإيمانية الراقية، والعلاقة الإنسانية الدافئة والثقة الكبيرة المتبادلة بينه وبين عناصر حملته... . * الميدان، إلى أين؟: إنها إرهاصات معركة حلب الكبرى، والتي سيسبقها حتماً المعركة-الضرورة في سهل الغاب وادلب وريفها لإحكام الطوق... التي "أجلتها" قبل ثلاثة أشهر خلت، منصات صواريخ الناتو المنصوبة على جبال ريف اللاذقية الشمالية وجبل الزاوية. ما حصل في ريف اللاذقية الشمالي كان الخطوة الأولى والحاسمة للشروع في هذه المعركة، وهكذا وعقب الإمساك بأرياف حلب الشرقية والغربية والشمالية مؤخراً، وتطهير ريف اللاذقية الشمالي، يمكن الحديث عن إستئناف معركة تحرير سهل الغاب وادلب وريفها وصولاً لإحكام الطوق على الجماعات الإرهابية في حلب. إن ما يجري اليوم في معظم جبهات شمال ووسط وشرق سورية يخدم هدف واحد، معركة حلب معركة سورية الكبرى... وبخصوص درعا، فان الجماعات الإرهابية ستأكل بعضها بعضاً، وسيكون لفعاليات أهلنا الشرفاء في حواران دور حاسم في رسم هذه السياسية، لسبب بسيط: أن الأردن لن يتحمل تدفق ألاف القتلة وعشرات ألاف المدنيين... وهذا احد أهم أسباب زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنية الفريق الزبن إلى موسكو. هذا المسار بداء منذ لحظة تحرير الشيخ مسكين، التي قالت عنها هارتس: "أن استعادة الجيش السوري لمدينة الشيخ مسكين، تحديداً، "تزعج" الدولتين الجارتين في الجنوب، "إسرائيل" والأردن. فمن ناحية "إسرائيل"، يعدّ هذا الإنجاز إشارة إلى أن الروس لن يكتفوا بالتدخل العسكري إلى جانب الجيش السوري في الشمال والغرب، بل سيتمددون أيضاً باتجاه الجنوب، وذلك خلافاً للتقديرات "الإسرائيلية" الابتدائية، بأنهم سيركزون ضرباتهم الجوية شمالاً، لكن الروس مع طائراتهم ينزاحون تدريجياً باتجاه الجنوب، ويقتربون أيضاً من الحدود "الإسرائيلية". أما لناحية الخشية الأردنية، فتتعلق بإمكان نزوح جماعي لجماعات المتمردين إلى داخل أراضي المملكة، وتحديداً جماعات متشددة مثل "جبهة النصرة"، الفرع السوري لتنظيم القاعدة. وعن ذات المعركة قال الجنرال جوزيف تينفورد رئيس هيئة الأركان الأمريكية: "المعارضة اليوم في أسوأ أوضاعها، وهزيمتها في الشيخ مسكين أسوأ هزائمهم على الإطلاق، وستكون سبباً لحدوث تغيرات جذرية". إن الوقت "يلونه" الميدان بين منتصر ومهزوم، ومعطيات هذا الميدان تؤكد حقائق لا لُبس فيها: سلسلة متصلة من الانتصارات لم تشبها أي هزيمة أو أي تراجع فعلي؛ بل وفتحنا الأبواب واسعة لمعارك تحرير كبرى جنوب وغرب سورية... وهذا تحديداً ما دفع حلف العدوان ليأتي زاحفاً إلى جنيف. بعيداً بهلوانيات "الجبير"، عندما سؤل كيري، وزير الخارجية الأمريكي، لماذا غيرتم موقفكم من "الأسد" ومن التسوية السياسية في سورية، قال:It's the mater of the facts given the situation on the ground-المسألة تعود لحقائق قائمة على وقائع الأرض-الميدان... نعم، جنيف يُعقد هنا، على الأرض السورية، ويدون بنوده قائد عظيم اسمه بشار حافظ الأسد، وجيش أسطوري اسمه الجيش العربي السوري، وشعب صابر صامد كالطود، وحلفاء كبار من حزب الله وجيش التحرير الفلسطيني وفصائل المقاومة العراقية... إلى إيران وروسيا. ولكي لا يكون الكلام مجرد كلام مرسل، لنسأل، ماذا لو تحررت ادلب وبقيّة حلب، وسحق جيش الفتح العثماني، وداعش الصهيو-أمريكية... أي شيء يبقى بيد واشنطن وأدواتها لتفاوض عليه سورية وحلفائها؟. لا شيء، فأصنعوا "جنيفكم" بأيديكم لتبقوا سادة أحراراً.