2024-04-26 02:10 ص

هل تكون مقتلة النظام السعودي سوريا

2016-02-07
بقلم : حماد صبح
بعد أن دخلت " عاصفة الحزم " السعودية شهرها الحادي عشر بسجل من الفشل الواسع توقعه الكثيرون عند بدئها في 26 مارس / آذار 2015 ، هاهو النظام السعودي يستعد لرمي نفسه والمنطقة وربما العالم في كارثة جديدة ستكون كارثته في اليمن لهوا خفيفا موازنة بأهوالها وآثارها . إنه يستعد مع عصبة من الدول العربية والإسلامية إلى الدخول في حرب برية في سوريا انطلاقا من الحدود التركية ، وقد يكون الحديث عن المنطلق التركي تمويها أوليا ؛ فالأسهل أن يكون الانطلاق من الحدود الأردنية خاصة أن الأردن طرف في التدخل البري إضافة إلى مصر والسودان والمغرب وتركيا وعدد آخر من الدول العربية والإسلامية ، وفي الأردن قيادة لتنسيق التدخل السعودي والأميركي وغيرهما في سوريا . وفي الأخبار أن 150 ألف جندي من هذه الدول يتدربون في السعودية على خطة التدخل البري ، والهدف المعلن هو محاربة تنظيم الدولة الإسلامية . وخصوم النظام السعودي وغيرهم من المراقبين المحايدين وغير المحايدين يؤكدون محقين أن الهدف الحقيقي ليس محاربة تنظيم الدولة الإسلامي الذي أسهم النظام السعودي في رعايته حتى استفحل خطره ، وأن الهدف الفعلي هو محاربة الدولة السورية الحالية وجيشها بعد أن فشلت كل وسائل النظام السعودي في القضاء عليهما ، وأن انتصار الجيش العربي السوري في شمال البلاد وجنوبها عجل باحتمال هذا التدخل . والرأي المجمع عليه أن النظام السعودي ما كان ليخطط للتدخل البري إلا بتوجيه وتكليف ومساعدة من أميركا وإسرائيل وبعض الدول الغربية مثل بريطانيا وفرنسا ، وكل خطوات النظام السعودي الكبيرة في المنطقة تتم بتوجيه من هذه الدول وبتنسيق معها بما في ذلك حربه في اليمن . وحده لا سبيل لتجرئه على خطوة في خطورة دخول حرب برية في سوريا . في 2009 اقتتل مع الحوثيين في شمال اليمن تسعة أسابيع انتهت بدحر قواته ، وفي الحرب التي يخوضها حاليا في اليمن معتمدا اعتمادا شبه كلي على الطيران الذي لا إمكانية للحوثيين وقوات علي صالح للتصدي له ؛ عجز عن حماية حدود نجران وجيزان من هجمات الحوثيين والصالحيين . كثيرون يصنفون نية النظام السعودي التدخل البري في سوريا جنونا كبيرا ، ويتساءلون كيف انقلب النظام الذي بقي 80 عاما يتصرف في الشئون الإقليمية والدولية بروية وتقية ، وهو ما ساعد ضمن عوامل أخرى على بقائه ، إلى متهور لا يزن عواقب أفعاله . الأسباب تتعدد ، وبالإجمال المركز نقول إن في تاريخ الدول تحولات تنبثق فجأة بعد أن تكون أسبابها قد تراكمت في مجرى هذا التاريخ ، وهذه التحولات قد تكون اتجاها نحو القوة والصعود أو الضعف والانحدار ، وكل الشواهد توضح بقوة أن التحول السعودي سيكون نحو الضعف والانحدار وأفول النظام نفسه . النظام السعودي يتصرف داخليا وخارجيا بعقلية وأساليب ليست صالحة لروح الزمن المعاصر . داخليا يقمع بقسوة أي نوع من المطالبة بالإصلاح السياسي ، ولا يتقبل أي اعتراض على تصرفاته ، وخارجيا يحرك الخلافات المذهبية ، ويدخل حروبا لمصلحة الغرب وإسرائيل ولا مصلحة لبلاده فيها ، والثمن الوحيد الذي يريده من الغرب وإسرائيل هو مساعدته في ديمومة حكم آل سعود . ويهتم الغرب كثيرا بإظهار حروب النظام السعودي مبادرات ذاتية منه ، وهذا ما يشهد عليه قول آشتون كارتر وزير الدفاع الأميركي إنه سيناقش " العرض " السعودي بالتدخل البري في سوريا مع الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع السعودي في بروكسل أثناء اجتماع الناتو هذا الأسبوع . التدخل البري ليس عرضا سعوديا وإن كان رغبة سعودية يُعتمد في تنفيذها على قوى أخرى ظاهرة وخفية ، لكنه هدف أميركي وغربي وإسرائيلي ، والسعودية نفسها نظاما ودولة في ثنايا هذا الهدف ، والمخطط لها تقسيمها إلى أربع دويلات ، وما أصاب دول الربيع العربي المفترى سيصيب السعودية ما هو أسوأ منه ، وستكتشف السعودية ، وكل شيء له توقيته في جدول خطط الغرب وإسرائيل ، أنها أقل مناعة بكثير من الدول التي نكبت بفرية الربيع العربي ، وقد يكون تدخل النظام السعودي البري في سوريا رصاصة الرحمة له مثلما تحدث اللواء محمد جعفري القائد العام لقوات حرس الثورة الإيراني . ويتوعد وليد المعلم وزير خارجية سوريا بأن " المعتدين سيعودون إلى بلادهم في صناديق خشبية " ، وقد لا يعثر على أشلاء بعضهم لتوضع في صناديق ، وقد لا يجد بعضهم من يضعه في صندوق في حال وجود جثته . وبعض العرب الذين سيشاركون النظام السعودي في تدخله البري في سوريا يضمرون رغبة خفية قوية في أن يكون تدخله مقتلة له ؛ فهل يتراجع النظام السعودي عن عاصفة حمقه وهلاكه الجديدة ، أم يتصرف تصرف العنزة التي تبحث عن حتفها بظلفها ؟! الجواب عند أميركا والغرب وإسرائيل من ناحية ، وروسيا من ناحية أخرى التي تكثف تدخلها العسكري الفعال ، وتزيده ترسيخا في سوريا ، ولا يظن بحال أنها ستسمح بنجاح هذا التدخل ؛ لأنه يعني هزيمة كل مشروعها في سوريا ، وهو ما جعل المحلل الإسرائيلي للشئون الأمنية أليكس فيشمان يقول في "يديعوت أحرونوت " في سياق حديثه عن بناء مدينة عسكرية روسية في سوريا : " كل دولة تريد العمل في بلاد الشام عليها التفكير مرتين " ، وقبل الموقف الأميركي والروسي هناك اإصرار سوريا شعبا ودولة وجيشا لمواجهة أي عدوان على وطنهم ، وموقف إيران وحزب الله الصديقين المخلصين لسوريا .