2024-04-26 02:34 ص

معارضات «جنيف3» و«رسول داغستان»

2016-02-07
بقلم:  م. سامر عبد الكريم منصور
على طاولة مجلس الأمن، وفي جلسة مغلقة، يضع مبعوث الأمم المتحدة «دي ميستورا» تقريره، حول أسباب تعليق المحادثات السورية في جنيف. المبعوث الدولي كان قد أعلن عن توقف المحادثات حتى الخامس والعشرين من شباط، «لعدم وجود تدابير ملموسة تعود بالفائدة على الشعب السوري»، وعدم «التطبيق الفوري للمبادرات الإنسانية»، وأن هذا التوقف ليس إعلان فشل للمحادثات، فـ«الجانبين جاءا وبقيا هنا، ومهتمان ببدء العملية السياسية». غاب عن تصريح «دي ميستورا»، الإشارة إلى أن المجتمع الدولي، احتاج إلى ستة أيام، لجرِّ «وفد الرياض» إلى جنيف، وأنه خرج بعد لقائه وفد « الهيئة العليا للمفاوضات»، متبنياً وجهة نظرهم، وأنهم « صوت الشعب السوري». أكدّ ديمستورا بأنه سيطالب «المجموعة الدولية لمساندة سوريا»، في اجتماعها المقبل، بـ «وقف إطلاق نار شامل بالتزامن مع انعقاد المحادثات السورية»، قبل أن يطير إلى لندن لحضور مؤتمرها لـ«دعم سوريا والمنطقة» يوم الخميس 4 شباط 2016، ويسمع إشادة الأمين العام للامم المتحدة « بان كي مون» بنجاح المؤتمر الذي تعهد المشاركون فيه، بتقديم أكثر من 10 مليارات دولار «للجهود الإنسانية ودعم المتضررين من الأزمة السورية». بإحساس مرهف، وكآبة وحزن شديدين، نزف دي ميستورا وجون كيري، كلمات دامعة في رسالتيهما إلى الشعب السوري. المبعوث الدولي طلب في رسالته، ممن سيحضر إلى مؤتمر جنيف، الاستعداد لـ«حلول وسط للتوصل إلى حلّ سلمي في سوريا»، وقال بأن هذا المؤتمر «فرصة لا يجب تفويتها»، وأنّ الأمم المتحدة لن تتخلى عن الشعب السوري. أما وزير الخارجية الأميركي، الذي "هدد" وفد المعارضة السعودي بـ«خسارة حلفائهم» في حال عدم ذهابهم إلى جنيف، بحسب ما كشفه سفير «ائتلاف استنبول» في باريس «منذر ماخوس»، قبل أن يذرف «جون كيري» رسالته، على الشعب السوري المنكوب. المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط ، جاء إلى جنيف 3 من أجل «رفع الحصار وإطلاق سراح المعتقلين ووقف القصف الجوي»، وهو يعتبر "أحرار الشام" و"جيش الإسلام" معتدلتين، لأنهما «وافقتا على المشاركة في العملية السياسية». بينما كان محمد علوش، ممثل" جيش الإسلام" في «وفد الرياض»، يعبّر عن عدم تفاؤله لأنه "لم يتغير أي شيء في الوضع على الأرض" . الصدمة الإنسانية دفعت رئيس الهيئة «رياض حجاب»، إلى الإعلان عن مغادرة الوفد وعدم العودة إلى جنيف ما لم يتم «إحراز تقدم في المجالات الإنسانية في سوريا»، وأن هيئته مستعدة للتجاوب مع أي جهود دولية «تؤمن انتقالا سياسيا للسلطة في سوريا لا يكون فيه بشار الأسد طرفا»، متهما روسيا والجيش السوري بتكثيف عملياتهم العسكرية. وزير الخارجية الروسي ردّ من مسقط، بأن الغارات الجوية الروسية لن تتوقف «حتى هزيمة الإرهابيين». بينما كان الجيش السوري يستعيد بلدتي «نبل والزهراء» المحاصرتين من دعاة «المبادرات الإنسانية». « إذا أطلقت نيران مسدسك على الماضي، أطلق المستقبل نيران مدافعه عليك».. كتب رسول حمزاتوف، على الصفحة الأولى من كتابه «داغستان بلدي». لو أدركت يا شاعر داغستان العظيم، "ربيعنا العربي"، لربما وجدت أن المستقبل سيشكرنا على نيراننا الموجهة نحو الماضي الرجعي. قلت يا «رسول» في أحد صفحات كتابك: «لقد أتيح لي أن أسافر بعيداً، وأشارك في مؤتمرات وندوات مختلفة. يلتئم أناس من قارات مختلفة. هناك حيث كل شيء بمقياس القارات، أردد مع هذا: إني من داغستان». لو أصغيت إلى أصوات المعارضات السورية الخارجية في المؤتمرات، كنت ستسمع أنهم ينتمون إلى كل الدول الراعية للإرهاب، الدول التي تدمر البلد وتقتل الشعب الذي يعلنون أنهم «الممثلون الشرعيون الوحيدون» له. لن تسمع بالتأكيد : « إني من سوريا». المنتمون إلى الماضي البعيد، والغارقون بأحقاد الماضي القريب، الذين لا يعنيهم مصير وطن وشعب. أولئك الذين يعلو صراخهم عن « المبادرات الإنسانية» ، بعد سنوات خمس من مبادراتهم بإشعال الحرائق، وتشريد وقتل الشعب "الذي يمثلون صوته" في جنيف، بحسب دي ميستورا. بات واضحا أن نحيب المجتمع الدولي و« وفد الرياض» على " الشعب المنكوب" ، مرتبط بالانتصارات الكبيرة التي يحققها الجيش السوري وحلفائه على كل الجبهات، وأن المقصود من وقف إطلاق النار الشامل، هو وقف تلك الانتصارات، ومحاولة تحييد منظماتهم الإرهابية عن مصيرهم المحتوم. « لو بدأنا معركة بين الماضي والحاضر، فسنجد أننا خسرنا المستقبل.» قال تشرشل. في الحقيقة، إن المستقبل مرهون تماما لنتيجة المعركة بين الماضي والحاضر، فالماضي الغارق بوحول التخلف والجهل والتبعية لا يمكن أن يكون المستقبل المنشود، ولهذا ستبقى "نيراننا" مصوبة عليه، في ساحات المعارك، أو على طاولات المحادثات، حيث لن يُسمعَ إلا صوت يصرخ بثقة كبيرة وإرادة قوية وشجاعة حاسمة : «أنا من سوريا».