2024-04-24 12:03 م

دعائم الهرم الاقتصادي بعد الاتفاق النووي

2016-02-20
حسين شعيتو
طهران | ما إن لاح التوصل إلى الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة «5+1» في الأفق، حتى ظهرت معه معالم ما بات يسمى في إيران «الهرم الاقتصادي»، الذي يعتمد على ركائز داخلية وخارجية عدة. وفي الشق الخارجي، يعتمد هذا الهرم بشكل أساسي على التحالفات السياسية الخارجية، وخصوصاً مع روسيا والصين، فيما تعتبر دول آسيوية مثل الهند وكوريا الجنوبية طرفاً ثالثاً أضيف إليها، أخيراً، دول من الاتحاد الأوروبي.

ولكن على الرغم من الدخول الأوروبي على خط التبادل التجاري مع إيران، تبقى روسيا والصين الأهم في هذا المجال، ومن بين هاتين الدولتين تأتي الصين في المرتبة الأولى في ظل تبادل تجاري يفوق الـ50 مليار دولار، بحسب ما كان قد أفاد به رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، فيما تقرّر، الشهر الماضي، رفع التبادل بين البلدين إلى 600 مليار دولار. أما التبادل التجاري مع روسيا الذي كان قد وصل إلى 1.5 مليار دولار، فمن المتوقع أن ينمو إلى 10 مليارات دولار في عام 2020، وفق ما كان قد صرح به رئيس مجلس الأعمال الروسي ــ الإيراني التابع لغرفة التجارة والصناعة الروسية، فيكتور ميلينكوف.
وفي تصريح إلى صحيفة «الأخبار» اللبنانية، قال مستشار وزير الصناعة الإيراني محمد حسن أنصاري فرد، إن «العلاقة مع الصين كانت مميّزة حتى في فترة العقوبات»، مشيراً إلى أن الصين «اليوم ستكون القناة الأكبر للحاجات الاستهلاكية المناسبة من حيث الفائدة والسعر».
أما في ما يتعلق بروسيا، فرغم أن الأولوية هي للتبادل التجاري ذي الطابع العسكري، إلا أنها تساهم في بناء الهرم الاقتصادي الإيراني، الأمر الذي بدا واضحاً في الاتفاقيات الأخيرة التي شملت الغاز الطبيعي وبعض المواد الصناعية الثقيلة.
ويعزّز الوضع الإيراني الحالي انضمام بعض الدول الأوروبية إلى الخطة الاقتصادية الموسعة، التي تعتمد أولاً على القدرات الذاتية واستيراد الخصائص التي تنقص إيران، وثانياً على معاهدات تجارية تراعي مبادئ «الاقتصاد المقاوم» وتحفظ حقوق الجمهورية الإسلامية من خلال شروط جزائية تكفل عدم التأثر بالنفوذ الأميركي والانسحاب المفاجئ، كما حصل سابقاً من قبل الشركات الأوروبية.
على صعيد صناعة السيارات مثلاً، وبعد تضرّر شركة «إيران خودرو» الأبرز في هذا المضمار، إثر الانسحاب المفاجئ لشركة «بيجو» الفرنسية ونكث الاتفاق بين الشركتين بسبب ضغوط خارجية، أكد مدير الشركة الإيرانية أن الجانب الفرنسي أبدى رغبة واسعة في معاودة التعاون مع إيران، إلا أن «إيران خودرو» فرضت شرطاً للتعويض بمبلع 280 مليار يورو بدل الأضرار التي لحقت بها، ليحسم الاتفاق أخيراً بوهب الشركة الفرنسية ثلاثة أنواع جديدة من سياراتها من دون أي فائدة على مدى سنتين.

وفي هذا الإطار، قال أنصاري فرد «كنّا ولا نزال نصدر النفط إلى بعض الدول الأوروبية، الأمر الذي يمهّد الطريق أمام مبادلات تجارية»، مضيفاً إن «إيران تزيد إنتاجها اليومي من النفط، وبالتالي سترتفع الصادرات النفطية إلى أوروبا إلى أكثر من 3 آلاف برميل في اليوم الواحد». وأشار إلى أن «اليونان وألمانيا وإيطاليا تعتبر المستفيد الأوروبي الأكبر من النفط الإيراني، ومن هذا المنطلق يمكننا إبرام معاهدات مع هذه الدول وغيرها لنحصل على بعض المواد الصناعية مثل الطائرات والسيارات من ألمانيا وفرنسا، وبعض المنتجات الزراعية من إيطاليا...».
ولكن بغض النظر عن الاعتماد على التبادل التجاري الخارجي، فإن خبير العلاقات الدولية والمحلل الاقتصادي هاني زاده أوضح لـ»الأخبار» أنه «بعد رفع العقوبات، اعتمدت إيران على أسس اقتصادية عدة، أولها التركيز على الاستثمارات الداخلية والاعتماد على الكوادر المحلية، بحيث تكون قادرة على الاعتماد بنسبة 80 في المئة على مواردها الداخلية، وخصوصاً بعد 37 عاماً على انتصار الثورة الإسلامية». وأضاف إنه «بعد الاتفاق النووي مع السداسية، تسعى إيران إلى جذب الاستثمارات الخارجية بشروط معينة، بحيث من الممكن أن يبلغ حجم الاستثمار الخارجي أكثر من 400 مليار دولار في السنوات العشر المقبلة، تحصل إيران على حصة فيها تصل إلى أكثر من 50 في المئة مقارنة بالاستثمارات السابقة».
ولفت إلى أنه «بعد هذا الاتفاق، اتجهت الجمهورية الإسلامية إلى التعامل الوثيق مع كل من الصين وروسيا، وبعض الدول في آسيا الوسطى وبعض الدول في الاتحاد الأوروبي، التي تختارها بما يضمن عدم الإخلال بالالتزامات والعودة إلى المربع الأول، أي الانسحاب والنكث بالوعود تحت الضغط الأميركي».
من هنا، تسعى إيران إلى فرض شروط ضمن الاتفاقيات، أولها عدم تأثر المعاهدات بأي عقوبات جديدة تفرضها الولايات المتحدة، إضافة إلى أن النفوذ الأميركي على الدول النفطية لن يكون له دور في تهديد الاقتصاد الإيراني، ذلك أن إيران تتجه إلى بناء اقتصاد لا يعتمد على العائدات النفطية. وفي هذا الإطار، وضعت إيران خطة اقتصادية للعام المقبل، حددت فيها إيرادات النفط بحوالى 30% من الناتج المحلي، الأمر الذي يعد خطوة مهمة، وخصوصاً أن هذه الإيرادات كانت تشكل حوالى 70% من الناتج المحلي. وبناء عليه، فإن الهرم الاقتصادي الإيراني الحالي يعتمد على التنوع في إنتاج المنتجات المحلية وتصديرها، مثل البتروكيماويات والسجاد والمنتجات الغذائية، وكل هذه السلع تكمّل القناة الاقتصادية، بمعزل عن أي ضغوط أميركية متوقعة.
المصدر: صحيفة "الاخبار" اللبنانية