2024-03-29 08:23 ص

ضغط سعودي على الحريري لفتح معركة ضد حزب الله

2016-04-19
كتبت صحيفة السفير اللبنانية تقول “ليل الرابع والعشرين من أيار 2016، يكون لبنان قد حقق رقماً قياسياً في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية: العجز الوطني لمدة سنتين عن انتخاب رئيس للجمهورية.. والحبل على الجرار.

تمر جلسة مجلس النواب الـ38 بهدوء ولا يتوافر النصاب السياسي المطلوب لانتخاب رئيس الجمهورية، لا محليا ولا إقليميا ولا دوليا.

ينعقد مجلس الوزراء ولسان حاله ديباجة رئاسية يرددها رئيسه تمام سلام، في كل بيان رسمي، تعبيرا عن التزامه بالميثاقية.

يأتي رئيس دولة كبرى اسمه فرنسوا هولاند إلى لبنان، في زيارة عمل انتخابية فرنسية، فلا يجد إلا وزيرا وبضعة ضباط وموظفين يستقبلونه على أرض مطار رفيق الحريري، مخافة أن يؤدي استقباله من رئيس حكومة مسلم وإطلاق 21 طلقة مدفعية، إلى ارتجاج الميثاقية المهتزة في كل دقيقة وساعة. أما الفضيحة التي يستحقها اللبنانيون، فتتمثل بتبجح رئيس فرنسا بمنح لبنان مبلغ 150 مليون يورو خلال أربع سنوات تنفق على اللاجئين السوريين، بمعدل 2 يورو شهريا لكل نازح سوري!

ينعقد الحوار الوطني كما الحوار الثلاثي، في المواعيد الدورية. تتشعب العناوين ولا تتبدل المواقف بعدما صارت حدودها محصورة رئاسيا عند أحد احتمالين، أولهما، ميشال عون بوصفه مرشح «حزب الله» الأبدي، ما يعني أن حظوظه حتى الآن شبيهة بمن يراهن على جعل المملكة العربية السعودية «جمهورية ديموقراطية شعبية»، ولو على صورة كوريا الشمالية!

ثانيهما، سليمان فرنجية الذي نام في ليلة خريفية رئيساً واستفاق في ليالي الميلاد المجيد مرشحاً، لكنه، كعادة الموارنة، في «موسم الجنون»، على حد تعبير ميشال اده، قرر ألا يخسر «الفرصة التاريخية»، فصارت كل فصوله وأيامه وصوره وعباراته.. رئاسية.

تكاد تتبدد الانقسامات الآذارية التي انعقد نصابها قبل أكثر من عقد من الزمن. «حزب الله» يكفيه في الداخل أن التنافس محصور حتى الآن بين مرشحيه الرئاسيين، حليفه نبيه بري لطالما كان متصلا بثوابت «الثنائي»، ولكنه يجيد لعبة التمايز إلى حد أن يكون وسطيا بامتياز، في «اللحظات المناسبة».

ولا يضير «حزب الله» الموقع الجنبلاطي الوسطي، ولو أن تداعيات الشح السعودي في هذه الأيام الصعبة، تجعل وليد جنبلاط، أقدر على التخفف من أثقال السياسة، عندما يرى ذلك مناسبا له، ولما يمثل مذهبيا وسياسيا في لبنان.

أما «المستقبل»، فلا حول ولا قوة له. تكفيه محليا صورة معراب التي لن تغيب لحظة عن ناظري زعيمه سعد الحريري. استثمر الرجل في «14 آذار» طمعا برافعة مسيحية شكل سمير جعجع رأس حربتها لا بل عمودها الفقري، فكانت النتيجة تبني «القوات» ترشيح «الجنرال» رئاسيا، الأمر الذي يعتبره زعيم «المستقبل» خطيئة لا تُغتفر وتستوجب البحث عن بدائل مارونية ولو كانت هزيلة على شاكلة «لقاء الجمهورية» و «الكتائب» وبعض مستقلي «14 آذار» المسيحيين ممن بات يتحسس بعضهم من بعض رموز «المستقبل»، بدليل ما شهدته جلسة «أمن الدولة» الحكومية قبل عشرة أيام من نقاشات جعلت شخصا مثل ميشال فرعون أقرب إلى الرابية بكثير من «بيت الوسط»!

وتكفي الحريري أيضا كلمات رجل السعودية الأول محمد بن سلمان في مقابلته الأخيرة مع «بلومبيرغ». لم يخف «الحاكم» ما يضمره للحريري: «مشكلة شركته «سعودي أوجيه» ليست معنا بل مع البنوك والعمال والمتعاقدين. كلما حوّلنا له دفعة تسحبها البنوك. سنحترم العقد بيننا وبين «سعودي أوجيه» لكن إذا قام البنك بسحب ما ندفعه ولم تتمكن الشركة من الدفع للمتعاقدين معها، فهذه مشكلتهم ويمكن اللجوء إلى المحكمة.. نحن لم نتلق أية شكاوى من المتعاقدين مع «سعودي أوجيه» أو العاملين فيها.. ولكن إذا تم اتخاذ إجراءات قانونية، فلا شك بأن الحكومة ستقوم بحمايتهم».

لا يمكن للكلام أن يكون أصرح وأوضح. إذا قرر العمال وأصحاب العقود اللجوء إلى القضاء السعودي، فلن تقف الحكومة السعودية مكتوفة الأيدي، بل ستكون إلى جانبهم في مواجهة «سعودي أوجيه». هل يعني ذلك أن اللجوء إلى هذه الورقة وارد في الأسابيع أو الأشهر المقبلة؟

في حسابات محمد بن سلمان أن هذه الورقة يمكن استخدامها، وربما تصل الأمور إلى أبعد من هذه النقطة في التعامل مع مجمل ملف سعد الحريري. إلى ماذا يستند هذا التقدير؟

لم يعد بعض الهمس أسير الغرف المغلقة. سعد الحريري يتعرض لضغط غير مسبوق من محمد بن سلمان لأجل الانخراط في المعركة التي تقودها السعودية ضد إيران وأذرعتها في المنطقة. لا يعرف الحاكم السعودي لبنان ولا يريد أن يتعرف عليه. كل ما يريده منه هو كسر «حزب الله»، ولو كان الثمن لا يمكن تحمله لبنانياً.

بهذا المعنى، تصبح بعض التفسخات «المستقبلية»، وخصوصا من النوع الذي يجسده أشرف ريفي، مطلوبة سعودياً أكثر من أي وقت مضى. في المقابل، لا يريد سعد الحريري أن يتجرع كأس فتنة مذهبية جديدة قد تشعل لبنان. ما سمعه في موسكو وما بلغه من أصداء من واشنطن ومعظم العواصم الأوروبية يشي بأن قرار الحرب والسلم في لبنان لا يخص جهة بعينها وخصوصا السعودية. أكثر من ذلك، هناك من يردد بصريح العبارة أن أي اهتزاز للاستقرار اللبناني يشكل خطرا على الأمن القومي الأوروبي.. وحتى الأميركي، ربطاً بتحديين أساسيين متلازمين هما الإرهاب وهجرة اللاجئين غير الشرعية.

هل أصبح الحريري بهذا المعنى منحازاً إلى معسكر الاستقرار اللبناني، بكل امتداداته الدولية والإقليمية برغم الجنون السعودي الذي يتم التعبير عنه يوميا في اليمن وسوريا والعديد من ساحات المنطقة؟

لا أحد يملك جواباً حاسماً، لكن لا بد من ترقب كيفية تطور ملف «سعودي أوجيه» وما قد يتفرع عنه في السياسة والمال.

الأكيد أن الحريري يحاول الخروج من «حشرته» السياسية والمالية بعدم مغادرة مربع إطلاق النار سياسياً على «حزب الله» وصولا إلى القول انه إذا أراد الحزب سلة سياسية متكاملة، فإننا نريد أن يكون سلاحه ضمن السلة المذكورة، وهو أمر يدرك زعيم «تيار المستقبل» أنه ليس بمتناول يده ولا حتى بمتناول السعوديين!

وللمفارقة، فإن «حزب الله» لا يجد غضاضة في استمرار صيغة حواره مع «المستقبل»، برغم الحملات التي يتعرض لها سياسيا، محليا وعربيا وإسلاميا (مؤتمر اسطنبول).. وهو المدرك أن الجنون السعودي بلغ حد الطلب من إسرائيل أن تسعى لتجيير دور اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة لمنع نشر الـ28 صفحة التي تكشف عن احتمال وجود شبكة دعم سعودية (رسمية) للسعوديين المتورطين في أحداث 11 أيلول 2001 وذلك أثناء وجودهم في الولايات المتحدة.

وللمفارقة أيضا فإن بعض الإعلام السعودي بدا متحمساً أكثر من الأميركيين، فبادر مؤخرا إلى نشر ما أسماها «وثائق حول تورط قيادة «حزب الله»، وتحديدا الشهيد عماد مغنية في أحداث 11 أيلول»!

وللمفارقة أيضا، فإن اللوبي الخليجي، الذي يقوده أحد سفراء دول مجلس التعاون في العاصمة الأميركية، يسعى إلى إقناع بعض الدوائر الأميركية، وخصوصا وزارة الخزانة، بمحاولة تكرار تجربة «البنك اللبناني الكندي»، في محاولة تهدف إلى التضييق على البيئة الحاضنة لـ «حزب الله».

يذكر أن حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، قال لوكالة «أسوشييتد برس» الأميركيّة، إنَّ لبنان ملتزم بالقانون الأميركيّ الذي يفرض عقوبات على المصارف التي تتعامل مع «حزب الله». وأضاف أنَّ المسؤولين «يدرسون اللوائح التي صدرت الأسبوع الماضي، عندما دخل القانون حيّز التنفيذ».

وتأتي تعليقات سلامة بعد ثلاثة أيام على إصدار مكتب مراقبة الأصول الأجنبيّة الأميركي، لوائح تهدف إلى تنفيذ قانون يقضي بوقف التمويل الدولي عن «حزب الله».