2024-03-28 11:49 ص

آخر فرضيات الحل: الجزائر تدخل على خط الأزمة في سورية

2016-04-27
بقلم: الدكتور خيام الزعبي*
لا يزال الساسة واللاعبون الإقليميون والدوليون، يتحدثون عن ضرورة إيجاد حل سياسي، ينهي الحرب الدائرة في سورية، مبادراتٌ جزائرية، وحراكٌ دبلوماسي تمثل بزيارة وزير الشؤون المغاربية والإفريقية والجامعة العربية عبد القادر مساهل إلى سورية، ولقاءه الرئيس الأسد وتأكيده مساندة الجزائر للشعب السوري في مكافحة الإرهاب والتصدي له، للحفاظ على استقرار سورية وأمنها، ويمكن وضع هذه الزيارة في سياق التعاون والتنسيق والتشاور المستمر بين البلدين إزاء ما يحدث في المنطقة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية خاصة أن أمريكا وحلفاؤها في المنطقة يحاولون خلط الأوراق من جديد، ووضع العصي في عجلات أي جهود لإيجاد حل للأزمة السورية بما يلبي طموحات الشعب السوري بعيداً عن التدخلات والإملاءات الخارجية، كما تحمل في طياتها رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الإستراتيجية القائمة بين الجزائر وسورية قوية، وخارج المساومات والصفقات، وهي زيارات تعطي الإنطباع بوجود دور جزائري جديد في الأزمة السورية. ظهرت مؤشّرات عدّة تكشف عن تبنّي الجزائر سياسة جديدة في التعامل مع الملفّ السوريّ، إذ يبدأ اليوم رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال زيارة عمل إلى روسيا، بدعوة من نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف، والتي ستكون فرصة لإجراء محادثات بخصوص حل الأزمة السورية، وتأتي هذه الزيارة بعد أياماً قليلة من زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى الجزائر، والتقى فيها عدداً من المسؤولين يتقدمهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، كما تأتي في وقت بدأ فيه الحديث عن دور جزائري في الأزمة السورية، فالجزائر لم تكن طرفاً في هذه الأزمة منذ البداية، ورغم مساندتها لحق الشعوب في تقرير مصيرها، الا انها لم تقدم دعماً لدمشق، ولم تحرض على إسقاطه، وكانت دائماً من دعاة الحل السلمي والسياسي بين السوريين، بعيداً عن تدخل أطراف خارجية، تماماً مثلما فعلت مع الأزمة الليبية، الامر الذي يجعلها من الأطراف التي يمكن أن تلعب دور الوساطة عربياً، فالتساؤل الذي يتبادر في أذهاننا هنا هو: هل ستنجح الجولات والمباحثات الجزائرية في إيجاد حل قريب ينهي الصراع في سورية؟. في هذا الخصوص رصد المراقبون العديد من المؤشرات التى تشير إلى دور بارز للوساطة الجزائرية من أجل التوصل لحل سياسي للأزمة السورية يجنب المنطقة من حرب إقليمية ممتدة، فالجزائر تملك من الرصيد الإستراتيجي ما يؤهلها للقيام بمبادرة دبلوماسية خلاًقة لحل الأزمة السورية في ضوء المعطيات التالية: - إن الجزائر هي دوماً الأقرب إلى سورية، والأقدر على فهم ما يجري فيها، إنطلاقاً من تجربتها التاريخية في النضال من أجل التحرر وحماية وإستقلالية القرار السياسي والوطني فيها. - إن الجزائر تتبع دائما سياسة مرنة في علاقاتها الدولية والإقليمية، تجسد ترجمة فعلية لمبادئها في السياسة الخارجية تتفق مع ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة . - تجربة الجزائر الكبيرة في مجال المصالحة الوطنية وتحقيق متطلعات الشعب في الاستقرار، والتأكيد على الحل السياسي للأزمات التي يعيشها العالم العربي. - تتسم السياسة الخارجية الجزائرية بالصراحة والوضوح إنطلاقاً من مبادئ الإحترام المتبادل ولذلك فإن علاقاتها القريبة مع مختلف الدول يسهم في حل المشكلات والتقريب بين وجهات النظر المختلفة. - أن سياسة الجزائر تقف على مسافة واحدة من كافة أطراف الأزمة السورية، وهذا الموقف يمكنها من طرح المبادرات والرؤى والتعامل مع كافة الأطراف بدون أي حساسيات، فالسياسة الجزائرية تحظي بثقة وتقدير كل الأطراف العربية والإقليمية والدولية. وهنا أرى بأن هناك رؤية إستراتيجية موجودة في كل الأوساط الجزائرية وعلى أعلى المستويات، مفادها أن الجزائر المؤثرة في الإقليم، هي الجزائر التي يمكن ان تسهم في عودة الإستقرار مرة اخرى الى منطقة الشرق الاوسط المضطربة كما ان هناك رؤية إستراتيجية ثابتة وهي دعم سورية في كل الاوقات. لقد حاول السوريون أن يجعلوا لغة السياسة والحوار، هي الطريق الوحيد لحل مشاكلهم، لكن القوى الظلامية، أصرت على جرهم لمربع القتل والدمار والتخريب، ولم تكتف بذلك بل أدخلت سورية في مسرح الصراعات الإقليمية، ليصبح مسار الحل السياسي غاية في التعقيد، يتجاوز تطلعات وإرادة السوريين، ويحتاج لمستوى كبير من التوافق الإقليمي والدولي، غير متوفر حتى الآن، ولعوامل أو مقدمات في الداخل السوري، تساهم في التأسيس لحل سياسي، يحافظ على ما تبقى من سورية من مقدرات، في إطار ذلك فأنا على يقين بأن الحوار السياسي أصبح اليوم هو المطلب الوحيد في الأزمة السورية، فالجزائر تسعى الى تقريب وجهات ومواقف القوى والأطراف المعنية بتطورات الأزمة وتداعياتها، وهو دور يماثل ما تقوم به الدول الاخرى،هذا مما سيوسع من دائرة الحوار وربما سيغير المواقف الرافضة لهذا الحوار، كما أن هناك بعض الدول ستخسر رهانها بالحرب على سورية. مجملاً... إن الوحدة الداخلية السورية ضرورة وطنية لمواجهة التدخل الخارجي والتيار التكفيري، لحفظ وحدة سورية وموقعها القومي والإسلامي، وإحباط المشروع الغربي لبناء الشرق الأوسط الجديد، فالتحرك الجزائري لحل الأزمة في سورية بما يملك من تجربة في المصالحة الوطنية بين أبناء الوطن وتأييد الحل السياسي، هام وضروري، وبارقة أمل كبيرة في الخروج من النفق المظلم والتوصل إلى حل سياسي يعطي الثقة للشعب السوري في الخلاص من الإرهاب والقضاء عليه، وخطوة مهمة باتجاه فتح الطريق للحوار بين مختلف المكونات السورية، وإنطلاقاً من ذلك فإن التطورات والمشهد المعروض يشير إلى أن الأيام القادمة ستشهد تبدلاً كبيراً على الساحة السورية، خاصة ان الطرح الجزائري لحل الملف السوري يدعمه التوافق الإيراني الروسي والدول الصديقة المختلفة، لذلك لا بد للسوريين من إقتناص الفرصة المناسبة لإنقاذ سورية وإنهاء أزمتها الشائكة.
*صحفي وكاتب سياسي 
Khaym1979@yahoo.com