2024-04-25 11:48 ص

الهكسوس السعوديون الجدد وعصر الاضمحلال المصري الحديث

2016-04-27
بقلم: إيهاب شوقي
التاريخ يعيد نفسه اذا تكررت الظروف والملابسات والشروط الموضوعية والطبائع. ومانراه حاليا هو ارهاصات احتلال سعودي لمصر على نمط احتلال الهكسوس لها قديما في عصر الاضمحلال الثاني. وكلما اضمحلت مصر تم غزوها بدويا؟ والبدو الرعاة لا يتحركون للغزو الا عند نفاذ ثرواتهم. وهذا المقال مجرد مقاربة تاريخية ليتأملها القارئ وليحذر من يريد وليستهزئ ويسفه من يريد. عصر الاضمحلال الأول هو عصر الأسرات (7-9). وسبب هذه التسمية هو أنه قد انتشرت فى البلاد فى هذه الفترة الفوضى والاضطرابات، وطمعت فى أرض مصر قبائل البدو الآسيويين الذين هاجموا حدود البلاد، وسيطروا على بعض أجزائها. كانت نهاية الدولة الوسطى شبيهة إلى حد كبير بنهاية الدولة القديمة، فبعد وفاة الملك "إمنمحات الثالث" ضعفت قوة فرعون، وبدأ الصراع بين حكام الأقاليم، وحلت الفوضى، وعادت البلاد إلى التفكك, وسقطت البلاد فريسة فى يد الأجانب، فقد دخلتها قبائل من البدو أتوا من غرب آسيا يعرفون باسم "الهكسوس" احتلوا شمالها ووسطها، وظلوا بها قرنين من الزمان. يقول المؤرخ المصرى "مانيتون" عن أسباب سقوط مصر فى أيدى الهكسوس: "إن الرعاة قد استولوا على مصر فى سهولة، واجتاحوها فى غير حرب، لأن المصريين كانوا يومئذ فى ثورة واضطراب …". والهكسوس هم شعوب بدوية من أصول مختلفة دخلت مصر من الشرق في فترة ضعف خلال نهاية حكم الدولة الوسطى تقريباً في نهاية حكم الأسرة الرابعة عشر. لم يتفق خبراء التاريخ على أصلهم، وانتقلوا من العراق إلى بلاد الشام ثم إلى مصر. كان المصرين القدماء يطلقون اسم (هكا - سوس) على ملوك الهكسوس وتعني الملوك الرعاة، في حين كانوا يطلقون اسم (العامو) أو (العاموليق) على شعب الهكسوس البدوي. لم يعبر المصريون باسم "حقاو خاسوت" "ومترادفات أخرى مثل عاموعن قومية معينة بقدر ما عبروا به عن صفات البربرية والأجنبية والقبلية بوجه عام. تردد كلمة (العماليق) كثيراً في النقوش والكتابات الآرامية في حضارات بلاد الشام والعراق وأيضاً في التوراة اليهودية، وقد فسر علماء الآثار معنى الكلمة على انها تعني "جنود البدو"، عمو (بدوي) و ليق او لاق (جندي). ويذكر النقش المسماري أن العماليق كانوا بدواً من الجزيرة العربية يتجولون في أواسط بلاد الرافدين وجنوبيها. وتطلق عليهم المدوّنات السومرية اسم أمورو أو أَمُورُّم Amurrum (الأموريين) أي الغربيين أو أهل الغرب. ورد ذكر العماليق في المدونات العراقية في الألف الثالث قبل الميلاد، وأطلق الأكاديون عليهم اسم عمورو، وهناك دلائل تشير إلى ازدياد عددهم واشتداد خطرهم على بلاد الرافدين في الألف الثالث قبل الميلاد، منها أن الملك شوسين ملك أور، أقام حصناً ليحمي البلاد من هجماتهم، وقد كان العماليق في نظر سكان العراق أقواماً بدوية غير مستقرة تتصف بخشونة الطبع. لا يمكن تصور دخـول الهكسوس إلى مصـر بشكل غـزو مفاجـئ أدى إلى قيام حـكم أجنبي غريب عن البلاد وأعـرافها، فهناك أدلـة تشير إلى دخـول جماعات منهم إلى مصر منذ منتصف عصر المملكة الوسطى، وعلى وجه التحديد في عهد الملك الرابع من الأسرة الثانية عشرة سنوسرت الثاني Senwosret II ت(1897ـ1878ق.م). ومن المرجح أنهم كونوا قوة ثقافية تزايدت تدريجياً لتصبح قوة سياسية سبقت في وجودها قيامهم بتأسيس الأسرة الخامسة عشرة. وقد ازداد نفوذهم في مصر في أواخر عصر المملكة الوسطى، وفرضوا سلطانهم في أثناء المرحلة المضطربة التي وصلتها مصر القديمة مع بداية الفترة الفاصلة الثانية التي أعقبت حكم الأسرة الثالثة عشرة (1786ـ1633ق.م) حتى تمكنوا من تأسيس الأسرة الخامسة عشرة في عام 1674ق.م تقريباً. لم يكن من المتوقع أن يخلص أمر الدولة التي طمع الهكسوس في إقامتها بمصر لملك واحد على الفور، فقد حال دون ذلك أمران، وهما: أن الهكسوس كانوا قبليين في مجموعهم، آريين وأموريين، اعتادوا على أسلوب الإمارات المنفصلة وأنه لم يكن من المنتظر أن تدين مصر العظيمة لهم بالطاعة في سهولة. وترتب على هذين الأمرين أن تعددت أسماء الحكام في أيامهم الأولى تعددًا كبيرًا، وكان من هؤلاء حكام مصريون استمسكوا بأقاليمهم في غرب الدلتا وفي أقصى الصعيد واختلفت صلاتهم بالهكسوس تبعًا لموقفهم منهم ومدى قدرتهم على مقاومتهم، واعتبر كبارهم أنفسهم الورثة الشرعيين لملوك الدولة الوسطى الوطنيين وخلعوا على أنفسهم ألقاب الفراعنة كاملة، ولهذا جرى الاصطلاح على تسمية عصرهم باسم عصر الأسرة الرابعة عشرة. من ملامح الهكسوس وغزوهم لمصر أنهم جمعوا بين أسمائهم الأجنبية مثل خيان وإببي، وبين أسماء مصرية خالصة مثل سوسرنرع، وعاوسر رع، وأنهم تشبهوا بالفراعنة المصريين الوطنيين في ألقابهم ملابسهم وهيئات تماثيلهم، وادعوا التقرب من الأرباب المصريين وسجلوا أسماءهم على معابدهم. ويمكن أن يفهم من ذلك كله أنهم مع استحواذهم على السلطة العليا حاولوا أن يتمصروا ويتخذوا مصر موطنًا ودار إقامة دائمة، ولم يعتبروها دولة تابعة، وحاولوا أن يموهوا على أهلها ويوحوا إليهم بنسيان غرابة أصلهم وقسوة غزوهم لأرضهم. ترى صحيفة "Les Echos" أن هبوط أسعار النفط يفرغ خزينة المملكة العربية السعودية بسبب احتياجاتها العسكرية والاجتماعية. فقد ذكرت الصحيفة: "في حين أن سعر الذهب الأسود وصل إلى أدنى مستوياته خلال 12 سنة الماضية، فإن أسعار الوقود في المملكة العربية السعودية ارتفعت بنسبة 50% خلال الأيام العشرة الماضية. الرياض لا يملك خيار آخر لأن خزينته تفرغ بسرعة بسبب انخفاض أسعار النفط، التي تعتبر الدخل الرئيسي لميزانيتها". كما تعتزم السعودية فعل الشيء ذاته مع الماء والكهرباء، بالإضافة إلى إلغاء مشاريع البناء غير الهامة، "الأمر الذي يعتبر تضحية صعبة بالنسبة لبلد اعتاد على الثراء". والحديث هنا يجري حول محاولة السيطرة على عجز الميزانية، الذي سيبلغ 19% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 (87 مليار دولار). وتعتبر السعودية التكاليف الاجتماعية غير قابلة للتخفيض في بلد لا يعمل فيه من تقل أعمارهم عن 30 عاما، ويشكلون ثلثي سكان المملكة، كما أنهم عرضة للدعوات الجهادية. وتتوقع الرياض الحصول على 124 مليار يورو فقط، على أساس سعر 26 دولار للبرميل. واليوم، فإن المملكة العربية السعودية تغطي نصف تكاليفها باستخدام أموال النفط، لذلك فسيكون عليها إما اقتراض المال أو اللجوء إلى احتياطاتها. ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي، فإن الاحتياطات المالية للسعودية، التي تصنف في المركز الرابع عالميا، ستختفي بحلول عام 2020 في المعدلات الحالية. وبالنتيجة فإن انخفاض أسعار النفط سيلحق ضررا بالأحوال المالية للسعوديين ويشكل خطرا على الوفاء بالعقد الاجتماعي. كما تنظر الرياض للمرة الأولى بمسألة فرض ضريبة على القيمة المضافة بنسبة 5%. كما أن هبوط أسعار النفط لا يعتبر الخطر الوحيد، الذي يهدد المملكة العربية السعودية، بل هناك أيضا المواجهة مع إيران على الهيمنة في المنطقة. وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية تعمل بالتعاون مع تركيا منذ 4 سنوات على إسقاط النظام في سورية، المدعوم من قبل إيران. وبدأت في آذار/مارس، بدعم من مصر ودول عربية أخرى تدخلا عسكريا في اليمن ضد الحوثيين. وتبين أن العملية لا تسير على ما يرام من الناحية العسكرية وأظهرت ضعف قدرة الجيش السعودي وتأخذ 11% من الناتج الإجمالي المحلي. والان نرى الهكسوس الجدد الذين تسللوا حثيثا نحو مصر عبر ثلاثة عقود من نشر افكارهم الدينية الوهابية بمصر كمقدمة لتسلل رجالاتهم للسيطرة على الوجدان الشعبي، نراهم طامعين بعد ازمتهم في الاحتلال الفعلي فقد مكنوا لانفسهم داخل المؤسسات المختلفة بلا استثناء وفي السلطات التشريعية بالبرلمان والتنفيذية بالحكومة ومؤسسة الرئاسة والقضائية بالثقافة السائدة وتربية القضاة وميولهم الفكرية. كما تقربوا لارباب مصر كما فعل اسلافهم والممثلين حاليا في ازهرها وكنيستها واشتروا من اشتروه في اماكن اخرى مؤثرة. وحانت لحظة القطاف استغلالا للضعف الاقتصادي والصراع السياسي بين اصحاب المصالح والنفوذ. والاحتلال سيتم وفقا لمخططهم دون اراقة دماء الا اذا قاوم المصريون ذلك وظهر احمس جديد!