2024-04-24 02:37 م

سورية - قدرهم أن يحاربوها.. و قدرها أن تسحقهم

2016-04-28
بقلم: ميشيل كلاغاصي
صحيح ٌ أن الولايات المتحدة الأمريكية تقود الحرب على سورية , من خلال مشروع السيطرة على العالم و إقامة النظام العالمي الجديد .. لكن .. يبقى هنالك من هو وراء الستار و يحرك المشهد و الأحداث .. أياد ٍ خفية و عقول و أدمغة , و مهندسوا العالم الجديد و بناؤوه الأحرار و عائلات سلالات " الدم النقي " .... نعم هي الماسونية . و ليست الولايات المتحدة الأمريكية إلاّ أداة ً كغيرها و قد سُخرت لخدمة هذا المشروع مع مراعاة حجمها و مكانتها و المهام القيادية الموكلة اليها . هو نظام ٌ يفترض تغيير هوية العالم بالشكل و الحدود و الجوهر و الطبيعة , و عليه كان الإنسان هو الهدف الرئيس بصفته قاطن الأرض و بانيها .. نظام ٌ يعتمد على هدم كل ِ هيكل و حجر و إنسان.. و إعادة بنائه بأدق الوسائل و الأدوات ليكون الإنسان الجديد اللائق للعالم الجديد الكبير الموحد تحت راية واحدة و نظام واحد يرى كما يُراد له , و يصنع ما يُطلب منه , فلا توقفه روادع ذاتية أو أخلاقية أو حتى تعاليم ٌ سماوية . نظام ٌ ملحد ٌ بامتياز تعتبر فيه تعاليم الأديان السماوية و مجموعة القيم الاجتماعية عوائق رئيسية.. و تكون امكانية و فرصة نجاح المشروع معها أمورا ً مستحيلة . حقا ً هو نظام ٌ متوحش همجي و نظرية شيطانية.. لا يمكن لعاقل ٍ و مؤمن أن يسير ورائها.. لذا كانت الحروب و الدماء حلا ً وحيدا ً و الإنسان فيه هو المستهدف و الهدف. فكانت الأدوات نسخ ٌ مشوهة للدين والإنسان , ومئات أطنان السلاح , و وسائل الإعلام المضللة وعبر أقذر عملية تضليل إعلامي مُحسّن و مطوّر لا يعتمد مبدأ وجود فرضيتين أو وجهين للحدث الواحد فقط , بل اعتمد على لصق المفاهيم و الحقائق و الوقائع بنسخ متطابقة في الشكل تماما ً مع تضادها في الجوهر بشكل يجعل الناس لا يعرفون الحقيقة و يضلون تماما ً فيما يشعرون أنهم مصيبون و يسيرون وراء قاتلهم و هم لا يدرون .. فكان "الربيع" و رياح "الحرية" و"الديمقراطية" و "الشعب يريد".!!! و انطلق المشروع بعد نضوج أدواته و تحضير مسارحه .. واعتماد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 شرارة البداية.. لقد كان الهدف الأول و الأخير الوصول الى سورية .. لما تمثله من حالة سياسية مقاومة و حالة ايمانية حقيقية و لوحة فسيفسائية جامعة و رافضة لجوهر مشروعهم و أهدافه .. بالإضافة الى أنها مركز العالم و نقطة توازنه .. وكان لا بد للحرب على الأديان و القيم أن تبدا ً منها أولا ً. أذ تعتبر سورية مركز الكون و نقطة توازنه .. ففيها كان النشىء و البدء الأول , و العقل الأول , و فيها نشأت أولى الحضارات .. و فيها تعقّل الإنسان و تكلم و كتب و قرأ و زرع و صنّع أدوات حضارته و رسم ملامح هويته الإنسانية.. فاستحقت سورية أن تكون موطئ قدم الرب و عمود النور الذي يربط السماء بالأرض و كانت أهلا ً لاستقبال رسائل الله و استيعابها و غدت خزان الرسائل السماوية و تكفّلت بإيصالها لاّخر أصقاع الأرض .. فمن أراد استهداف الهوية الإنسانية .. فلا بد له أن ينزعها من جذورها و في أرض نشوئها.. لذلك كانت سورية الهدف . و الاّن و بعد ستة أعوام لم يعد خافيا ً على أحد أن الحرب على سورية متعددة الغايات و الأهداف .. فالبعض يختزلها بحرب النفط و الغاز , و بحرب الخرائط و الحدود , و بحرب الوجود كما يراها البعض الاّخر . لكن أعتقد أنه من الصواب إضافة هدف اّخر يمكن اختزاله تحت عنوان " الانتقام " لأصحاب المشروع و" انتقام الأغبياء " للدول التابعة و خاصة العربية منها . إن حفاظ سورية على أرضها ووحدتها ليس إلاّ حفاظا ً على هوية المركز و النواة و هذا كاف ٍ لنصر الحق و الحقيقة و ضمان توازن الكون. إن توازن العالم هو ضرورة أخلاقية و ضمانة للتقدم و التطور البشري , و أن الحفاظ عليه طريقة ٌ للوصول الى السلام الداخلي للدول و الشعوب في انحاء العالم , و ما الهيمنة و الغطرسة الدولية إلاّ عنوان ووسيلة لكسر هذا التوازن .. لذلك كان لا بد للدول القطبية و للدول الكبرى حول العالم أن تتمسك و تدافع عن توازن العالم في سورية عن طريق الأمم المتحدة و مجلس الأمن و الشرعة الدولية .. و هذا يلخص الدور الروسي و الصيني و كافة دول محور الممانعة و المقاومة. إن كسر نقطة التوازن لا يحدث فجأة ً فلا بد من تحديد نقطة التصويب و الضرب عبر الهز و الخلخلة و الحروب الباردة و العقوبات و الحصار و الاعتداء المباشر. إن التوازن السياسي و الوجودي للدول هو حالة ظاهرية و مفهوما ً ديناميكيا ً يعبر في لحظة ما عن تساوي محصلة القوى المؤثرة و ردود الأفعال.. فما تظهره الدولة السورية من توازن يدل على قوتها و قدرتها العالية على احتواء كل مراحل كسر التوازن المفترضة بما فيها الاعتداء المباشر. ولا تسير كل التفاعلات ( أشكال الحرب على سورية ) بنفس السرعات فبعضها يكون سريعا ً ويكون بعضها الاّخر بطيئا ً وقد يستغرق سنوات لكي تتبلور نتائجه بشكل محسوس .. لذلك بشرنا الأمريكان بأنها حرب ٌ طويلة و قد تستمر لثلاثة عقود. لكن و على ما يبدو قد فاتهم معرفة أن لهكذا تفاعلات .. تفاعلات عكوسة , الأمر الذي يعني امكانية سير التفاعل بالطريقة المعاكسة , و قد تتساوى سرعة التفاعلين كما يحصل الاّن نتيجة صمود الدولة السورية . و بنفس الوتيرة و بهذا الصمود و بهذا الجيش الباسل.. ستزداد سرعة التفاعل العكوس و سينقلب السحر على الساحر .. و ستنقرض مكونات التفاعل الأول ( الإرهابيين على الأرض ) و سيسود التوازن الجديد بما يعني من انتصار سورية لصالح الوطن و الإنسان و الإنسانية و القيم و الأخلاق و الدين.. و الهوية. إن الدولة السورية بتاريخها و حضارتها و رسالتها , و قيادتها و جيشها و شعبها تخوض معركة الإنسان على أرضها .. و نصرها نصر ٌ للعالم أجمع.