2024-04-24 09:46 ص

الى أين يأخذ الرئيس عباس السفينة الفلسطينية؟!!

2016-04-29
بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني
من الواضح ان رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس بدأ ومنذ فترة ينحى الى عملية المجابهة المباشرة مع الفصائل الفلسطينية الى جانب التعدي على النقابات العمالية وفتح مجابهة مع قطاع الموظفين والمدرسين بشكل عام. وهذه السياسة التصادمية التي تنتهجها الرئاسة الفلسطينية تسعى فيما تسعاه الى إسكات أي صوت مناوىء أو منتقد للسياسات التي يتبعها الرئيس وذلك دون العودة الى المؤسسات الشرعية التي من المفترض ان تمثل الشعب الفلسطيني. حيث أصبح الاستئثار بالسلطة واتخاذ القرارات المصيرية من قبل الرئيس والمقربين اليه الذين ربما لا يتعدون أصابع اليد الواحدة هي الصفة المميزة. الرئاسة الفلسطينية تضرب بعرض الحائط لقرارات اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية ولا يعير قراراتها اية أهمية والتي كان آخرها الاجماع على وقف التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال الاسرائيلي وأجهزته الأمنية والاستخباراتية. وما زال الرئيس أبو مازن يؤمن بأن التنسيق الأمني مقدس لا يحق لأي فلسطيني المساس به كالبقرة المقدسة عند الهندوس. أما لماذا هذا التقديس للتنسيق الأمني وقوات الاحتلال تدنس بأقدامها كل ذرة من تراب فلسطين وتستبيح الأراضي والبيوت والأماكن المقدسة والمدارس وترهب الأطفال وتعتقلهم بالرغم من صغر سنهم ضاربة بعرض الحائط بأبسط حقوق الطفولة والأعراف والمواثيق الدولية. السيد الرئيس يفتخر ويتباهى بان رجال الامن الفلسطيني يقومون بتفتيش الطلاب عند دخولهم الى المدارس للتأكد من عدم حملهم سكاكين للتصدي لقوات الجيش الإسرائيلي وقطعان المستوطنين اللذين يتلذذون في حرق الأطفال الفلسطينيون وعائلاتهم وهم أحياء. والسيد الرئيس لا يرى اية احراج في وصف ما يقوم به الشبان والشابات في فلسطين من عمليات طعن لجنود الاحتلال والمستوطنين الجدد والقدامى بالإرهاب ويدينه. ولا يرى حرجا ان يصرح بان رجال الامن الفلسطيني قد تتبعوا مؤخرا ثلاثة شبان كانوا يعتزمون ربما عمل عملية وقاموا بإلقاء القبض عليهم. وقال في مقابلة مع مجلة ديرشبيغل الألمانية "ان قوات الامن لدينا تعمل بكفاءة عالية لمنع الارهاب ". فالمقاومة بالنسبة للسيد الرئيس هي إرهاب. أما عن التعاون الأمني فقد ذكر الرئيس " تعاوننا الأمني مع إسرائيل يسير بشكل جيد...". وقبل عدة أيام قامت حكومة الرئيس بتجميد ارصدة وحسابات الاتحادات النقابية المالية بحجة تصويب أوضاعها. وكانت الحركة النقابية قد رفضت الانصياع لأوامر الرئيس عباس بعدم عقد اجتماع للجمعية العمومية واجراء الانتخابات. وسبق هذا تجميد المخصصات المالية لكل من الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. وقبل ذلك وقفت حكومة الرئيس ضد تحركات المدرسين والمدرسات اللذين قاموا بالإضراب لفترة طويلة لتحقيق ابسط حقوقهم في العيش الكريم وهم أكثر القطاعات المهضومة الحقوق التي تعمل في القطاع العام. وحاولت السلطة أن تسيس الاضراب بمعنى القول انه جاء مدفوعا من قبل جهة معينة وتعاملت الحكومة والامن الفلسطيني من هذه الزاوية مع المضربين اللذين تم تهديدهم بلقمة عيشهم. وقامت قيادة السلطة الفلسطينية حديثا بتجميد او سحب ما طبلت وزمرت له منذ فترة وهو التوجه الى مجلس الامن الدولي لاستصدار قرار يدين الاستيطان الذي استشرى وعمليات تهويد الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية التي احتلت عام 1967 ، نتيجة الضغوط التي مورست عليها من قبل الدول الغربية وعلى راسها الولايات المتحدة وفرنسا بالإضافة الى بعض الدول العربية وعلى رأسها السعودية الغارقة من راسها حتى اخمص أصابعها بالتآمر على القضية الفلسطينية والقضايا العربية بالتنسيق مع الكيان الصهيوني والذي لم يعد خافيا على أي متابع. أما ملف التوجه الى محكمة الجنايات الدولية فلم يكن أوفر حظا فالمماطلة والتأجيل من قبل قيادة السلطة الفلسطينية هي سيدة الموقف. وها هم قطعان المستوطنين يجوبون ويستبيحون الأراضي الفلسطينية بمساعدة جيش الاحتلال دون رادع أما الجيش الإسرائيلي فقد أعطى الأوامر ومن أعلى قيادات سياسية وعسكرية في الكيان الصهيوني باتباع سياسة الاعدامات الميدانية لأي فلسطيني أو فلسطينية بمجرد الاشتباه بأنهم قد يعتدون على قطعان المستوطنين الجدد او القدامى. ولما لا وقيادة السلطة الفلسطينية تنعتهم بالإرهابيين أمام مسمع العالم. قيادة السلطة الفلسطينية تضرب بعرض الحائط الاجماع الفلسطيني وقرارات مؤسساته الشرعية وتستفز مشاعر هذا الشعب الذي يقدم الشهيد تلو الاخر على مذبح الحرية والاستقلال وتتحدى المجتمع الفلسطيني بأكمله بشرائحه الاجتماعية ومكوناته السياسية. وللأسف الشديد ونقولها بغصة وألم ان كل هذا لم يجد لغاية الان أكثر من بيان يصدر هنا أو تصريح يسمع من هناك مع قيادات الفصائل الفلسطينية قوى وطنية بشكل فردي الى جانب بعض مؤسسات المجتمع المدني. ان التصدي لمشاريع الاستئثار والهيمنة بالقرار الفلسطيني وأخذ السفينة الفلسطينية الى هذا المسار المدمر للقضية والشعب والاذعان والرضوخ للضغوطات الغربية والعربية والتساوق معها حفاظا على المكاسب المادية والاقتصادية والسياسية للبعض المتنفذ في السلطة ومن حولهم، يجب ان يجابه بقوة وزخم بتوحيد جهود كافة الفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني المناوئة لهذه السياسة وهذا النهج الانهزامي. المطلوب اليوم هو تحركات شعبية وعلى نطاق واسع داخل الوطن المحتل وخارجه لممارسة أكبر ضغوط ممكنة على قيادة السلطة الفلسطينية لتغيير هذا المسار المدمر والذي ما زال متمسكا بالمفاوضات العبثية والرضوخ والاذعان للإملاءات الغربية والرجعية العربية التي باتت تشكل الخطر الأكبر على قضيتنا العادلة. ويجدر باللجنة المركزية واللجنة التنفيذية ان تتحمل كافة المسؤولية أما الشعب الفلسطيني لان بمقدور المؤسسات الشرعية للمنظمة العمل على وقف هذا الانزلاق الخطير. ان السياسة المدمرة التي تنتهجها قيادة السلطة الفلسطينية ليست مقصورة على الساحة الفلسطينية بل تتعداها الى الساحة العربية والاحداث التي تعصف في المنطقة. فلم نسمع أي تصريح يدين ارتكاب المجازر ضد الشعب السوري على ايدي برابرة العصر من التنظيمات الإرهابية على شاكلة داعش والنصرة ومن لف لفهم. ولم تنطق قيادة السلطة الفلسطينية ببنت شفة امام دعم الإرهابيين واللامتناهي من قبل الدول الخليجية وتركيا الى جانب بعض الدول الغربية في الاعتداء على بلد عربي قدم الكثير وما زال للقضية الفلسطينية. لا بل ونرى ان القيادة ذهبت الى تأييد العدوان العسكري المباشر في اليمن الذي يقوده آل سعود. ولم نسمع كلمة ادانة واحدة للمجازر التي ارتكبها هذا العدوان الغاشم الموثقة من قبل منظمات حقوقية وإنسانية دولية. لم نسمع كلمة كفى لتدمير اليمن حجرا وبشرا من قبل هذه القيادات. ما سمعناه هو التأييد بالمطلق لما تفعله السعودية في اليمن من قبل الرئيس أبو مازن فكل ما تعمله السعودية بحسب رايه صحيح وأنه مع "الاخوة" في السعودية في حربهم على الارهاب. وطبعا المقصود "بالإخوة" في السعودية هم آل سعود من الملك وبطانته من الامراء لان هؤلاء لا يعترفون أصلا بالشعب السعودي الا من باب انهم الرعية التي يجب ان تطيع ولي الامر والا فدق الرقبة هو العقاب. "وسفير" "دولة" فلسطين في الرياض يصرح مهاجما ايران متهما "فيقلق القدس" باستباحة الأراضي العربية. أما "السفير" في دولة الامارات ذهب يعزي بسقوط جنود اماراتيين سقطوا "شهداء" على ارض اليمن. لا ندري كيف يصنف من يسقط عند غزوه لأراضي دولة عربية "شهيدا" اللهم الا إذا كان من وراء ذلك حفنة من الدولارات تدفع لشراء الذمم والمواقف. ومؤخرا صوت "وزير" خارجية "دولة" فلسطين في "الجامعة العربية" باعتبار حزب الله اللبناني المقاوم منظمة إرهابية. قيادة السلطة الفلسطينية ارتضت أن تكون جزءا من النظام العربي الرسمي الذي حرف بوصلة الصراع وأبعدها عن فلسطين هذا النظام المتواطىء مع العدو الصهيوني بشكل مفضوح ويحاول تصفية القضية الفلسطينية. في النهاية نعيد ونؤكد ان النهج الذي تتبناه قيادة السلطة الفلسطينية لم يعد من الممكن السكوت عليه وان التصريحات أو البيانات المنددة هنا وهناك لم تعد تجدي ولن تثني هذه القيادة عن هذا النهج المدمر. المطلوب الان هو تحركات جماهيرية واسعة داخل الوطن المحتل وخارجه لوقف هذا الانهيار والانزلاق الى ما هو أخطر مما نحن عليه الان. المطلوب توحيد الجهود واقامة جبهة موحدة للتصدي لهذا النهج. ان القيادة في السلطة الفلسطينية بتطاولها على الفصائل الفلسطينية وتجاوزها للمؤسسات الشرعية الفلسطينية واستحواذها واستئثارها بالقرارات المصيرية انما تقف ضد الشعب الفلسطيني بأكمله اللهم الا من الفئة الاجتماعية المنتفعة من الالتصاق بها الى جانب جيش المرتزقة الذي تنامى وارتبطت مصالحه وتشابكت مع هذه السلطة الذي نخر الفساد كيانها. ومن هنا تنبع أهمية التحركات الجماهيرية المؤطرة والمستمرة باعتبارها القوة الوحيدة التي تستطيع إيقاف هذا المنحى المدمر.