2024-03-29 11:57 ص

عاصفة الحزم السنية!!

2016-04-30
بقلم: حسام الكحلوت
المملكة العربية السعودية منذ بداية نشأتها الثالثة الحالية على يد عبد العزيز آل سعود بالعام 1902بعد إنتصاره علي الشريف حسين بن علي ونفيه للأردن هو ومن معه من الموالين ، ودحره جيش آل رشيد المكون من قبائل شمر مستغلاً خصومة الأخير للانجليز ؛ وتطور تأسيسها من سلطنة نجد إلي تسميتها مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها، إلى أن باتت تحت مسمى المملكة العربية السعودية بالشكل الحالي بعد توحيد جميع أراضيها في كيان واحد بعام 1932. اتسمت سياستها الخارجية دوما بالهدوء والاتزان في قضايا المنطقة الشائكة والمعقدة ؛ وكلنا نتذكر الأمير الراحل سعود الفيصل الذي شغل منصب وزير الخارجية للمملكة العربية السعودية لفترة تربو علي الأربعين عاما عاصر فيها أربعة ملوك وهم خالد وفهد وعبد الله وسلمان بن عبد العزيز أل سعود وإدارته الرصينة والناعمة لسياسات بلاده الخارجية ، وكان هدف تلك السياسة للمملكة خاصة في فترات التأسيس تلك إلي مهادنة القوي الكبرى من اجل الحفاظ علي كينونة السعودية ، لاسيما بعد نهاية الدولة السعودية الأولى- إمارة الدرعية –والتي أنشئت على يد سعود سنة1744 م والتي انتهت سنة 1818م علي يد محمد علي باشا والي العثمانيين ، ثم تبعتها الدولة السعودية الثانية -إمارة نجد- وكانت قد بدأت بعد سقوط الدولة الأولى إلى أن انتهت سنة 1891 م على يد آل رشيد حكام إمارة جبل شمر ؛ خاصة أن المملكة كانت مطمع للاستعمار لمكانتها الإسلامية وثروتها الاقتصادية مع مساحة تربو علي 2مليون كم مربع يصعب الدفاع عنها . فكانت سياسة الملكة الخارجية دائماً بقيادة ربانها الأمير سعود الفيصل إلي الهدوء والتعامل بحنكة وروية مع قضايا المنطقة بهدف الحفاظ علي أمنها واستقرارها ، فهي من دول عدم الانحياز وعلى علاقات جيدة من الدول المجاورة العربية والإسلامية وأقطاب القوي الرئيسة بالعالم ؛ غير أنها تخلت عن ذلك الهدوء بعد التوغل الشيعي لدول عربية وسيطرة إيران علي مفاصل الحكم بتلك الدول العربية التي تحيط بالمملكة من كل جانب وان كان بعض تلك الدول يخضع بشكل علني لنفوذ وسيطرة إيران مثل لبنان عندما أعلن حسن نصر الله بان لبنان جزء من ولاية الفقيه مرشد الثورة الإيرانية بالعام 2013 م ، والعراق التي تقوم فيه إيران بشكل فج بتعيين ريس للوزراء كما حدث مع نوري المالكي الذي خسر انتخابات 2010 وفاز فيها الشيعي العلماني إياد علاوي فقامت بالاتفاق مع الأمريكان بتعين الخاسر بالانتخابات المالكي رئيسا للوزراء عرفانا له علي إعدامه للرئيس العراقي الأسبق صدام حسين وصفقات شراء سلاح كرتوني من إيران بالمليارات. والبعض الآخر يخضع لنفوذ إيراني غير مباشر كما بسوريا حيث يقاتل فيلق القدس وحيث الحاكم الفعلي الجنرال قاسم سليماني ومليشياته ولإيران مطامع واضحة بكلًا من البحرين والكويت والمملكة العربية السعودية نفسها حيث تتواجد أقلية شيعية تقطن بالمنطقة الشرقية من المملكة وتتطلع نحو ولاية الفقيه باعتبار أن الشيعة ولائهم للطائفة أقوي من المواطنة بالدول التي يعيشون فيها ، حيث جهر الرئيس المصري محمد حسني مبارك بذلك بالعام 2006 بقوله (الشيعة دائمًا ولاؤهم لإيران أغلبهم ولاؤهم لإيران وليس لدولهم) . وأمام هذا الوضع الخطير اندفعت السعودية بعاصفة الحزم وأمسكت بزمام المبادرة والأمور بعد أن طرقت إيران بالاتفاق مع الحوثي باليمن أبواب المنطقة الجنوبية للسعودية وسيطرة الحوثي علي اليمن وطرد حكومة الرئيس عبد ربه هادئ من صنعاء وإجباره علي الفرار من عدن . وبدأت العملية العسكرية "عاصفة الحزم" بالعام الماضي 2015 بالضربات الجوية الأولى التي وجهتها الطائرات السعودية لمعاقل جماعة الحوثي باليمن، وتشارك دول الخليج العربي -ما عدا عُمان- و مصر والأردن والمغرب وباكستان والسودان في العملية ؛ هناك حصار بحري من قبل الدول المشاركة بالعملية لمنع إمدادات إيران للحوثي وحظرا للطيران فوق اليمن وكما أعلنت السعودية فأنها ستستمر حتي عودة الرئيس الشرعي للبلاد عبد ربه منصور هادئ إلي صنعاء بعد إنسحاب وتفكيك الميلشيات المسلحة وتسليم أسلحتها الثقيلة للدولة اليمنية وقيادتها الشرعية ؛ وقد تتطور تلك العملية لتمدد مسرح عملياتها إلي سوريا كما صرح وألمح بذلك سعيد الجبير وزير خارجية المملكة . و جاء الاتفاق النووي الإيراني الأمريكي مقلقا للسعودية ودول الخليج باعتباره موافقة ضمنية من الدول الكبرى لإيران النووية مع ما صاحبه من إشاعات بان هناك أتفاق أيضا علي تقاسم النفوذ بالمنطقة ؛ ويري الكثير من المحللين أن القنبلة النووية الإيرانية لن تكون ضد إسرائيل وإنما ضد المنظومة الخليجية مما يجعل السعودية بعد إن تجاوزت العمليات العسكرية لعاصفة الحزم التي أعلنها الملك سلمان منذ ما يزيد علي العام تمضي لوجهتها المرسومة بالرغم من الانتقادات الكبيرة لها بسبب سقوط المدنيين الأبرياء واستهدافها للبنية التحتية الضعيفة أصلاً لليمن .