2024-04-25 11:03 م

وبقيتِ الأمّةُ في حالةِ نزفٍ دائمٍ ....

2016-05-01
بقلم: عبد الفتاح السعدي*     
إن هذا السلوك الديني الذي يمارسُ اليومَ في بعض الدول التابعة : ليس هو السلوك الديني الحقيقي الذي جاء به نبي البشرية محمد صلى الله عليه وسلم ، بل هو مزيجٌ من التقليد الأعمى لعادات متوارثة من مدعي معرفة يجهلون العلاقة بين الدين والمجتمع الإنساني من جهه ، وبين الدين والعلوم الإنسانية والعلوم البحتة من جهة أخرى . لذلك تقيَّدَ المجتمع بالجمود الجاهلي الذي لم يتقدَّم قيدَ أنملةٍ عن معارف مجتمعِ ما قبل الإسلام . فقد كان السمو الخلقي عصرئذٍ متطوراً تطورا فذّاً في شتى مناحي السلوكيات الاجتماعية وعلاقاتها ، وقد توخّى الرسول الكريم التطور الدراماتيكي الذي من المفترض أن ينهضَ بالمجتمع ويسمو به في جميع العلوم حتى يتكاملَ التطور الإنساني خدمة ًلرقي البشرية وسعادتها ، إلا أن طغيان الجهل والأنانية السياسية والاجتماعية كبّل المجتمع في أطر من الصراعات التي لا تنتهي ، والتي كانت محصورة في أفق ظلامي أعمى ؛ غاب كليّا عن التراكم العلمي الذي يخدم الإنسان في حياته الدنيا ، ويساهم برباطهِ الروحي الناتج عن المعرفة بأسرار الخالق بناء على هذا الكتاب المُنزل ؛ الذي سجَّل الله فيه كل شيٍ بتكاملٍ اجتماعيّ ومعرفيّ وعلميّ لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً . فما كان من الجهل إلا أن اقتنصَ ما يرضي الغرور الفردي وينشر التعاليم القاصرة والمحدودة ؛ والتي سيطرت بدورها على العقول ، فتصرفت وفق معرفة لا أفق لها وبقيت الأمة في حالة نزفٍ دائم ٍ ،و جهلٍ ممتد ّ ، ونزيف لا نهايةَ له ، بل أتاح للأمم الأخرى سهولةَ التغلغلِ والابتزاز والتهديم والقتل والتهجير والفتك الذي أهلك التاريخ وأدمى سطوره كما أهلك الحرث والنسل . ولو أخذنا مثلا للتدليل البرهاني وأمعنَّا في إشارة القرآن الكريم إلى خلية النحل من حيث السلوك الاجتماعي ، وقوانينه الناظمة ومن حيث المسار العلمي والهندسي والطبي والسلوكي والمكاني لعرفنا أسرارا مذهلة لم نمارس منها أيَّ سلوكٍ ، أو نمارسَ أيةَ معرفة تبعد عنا على الأقل آلامنا وضياعنا وتخبطنا فكان القرآن بأيدينا كلؤلؤة في أيدي حزانى حائرين.
*شاعر وكاتب عربي فلسطيني سوري