2024-04-25 08:08 م

مآلات المتغيرات وانعكاسها على الوطن العربي

2016-05-03
بقلم:  محمد عياش*
تحاول بعض المراكز السياسية والبحوث , تقديم معلومات كأجوبة لأسئلة موجودة لدى الأعم العميم من الناس , حول ما يجري في الوطن العربي من متغيرات تبدو ستغير من الجيوسياسية العربية المتبعة من وقت الاستقلال من الاستعمار في القرن المنصرم , وهذه التساؤلات , ربما تربط البعض بالنهايات الحتمية والتي تنتهي بزوال بعض الامبراطوريات الضمنية المتسترة بالعلمانية تماشيا ً مع واقع مزيف , وتكشف بوضوح المعركة الدائرة واستراتيجياتها المستترة . لذلك نجد الولايات المتحدة الأمريكية تعمل جاهدة لترك المنطقة تعج بالحروب وعلى أشكالها كافة بغية الوقوف على الاتجاهات الدينية والسياسية والعلمانية ... ومن ثم فتح مستودعات السلاح المكدس أمام المتحاربين , مع ضمان عدم تغلب طرف على آخر , وضمان استمرار المعارك لأبعد مدى . معنى ذلك وترجمة حرفية لما يشاع في أروقة السياسيين والمراقبين للأزمات التي تحل بالوطن العربي , أن السياسة التي تتبعها واشنطن نابعة من خطة ماكرة للتخلص من أعداد هائلة من شعوب المنطقة وإكراهها بالعيش وفتح المجال أمامها للهجرة نحو الشمال الأوروبي . إن إسرائيل تلعب الدور الرئيس في الاستراتيجية الأمريكية , وبالتالي يصعب رؤية دروها وذلك لتعقّد الأزمة ومفاعيلها , وتصريحات المسؤليين الصهاينة تدل على تدخلها العلني والمخفي .. ورئيس العدو الصهيوني يحاول أن يستثمر الأزمة العربية وخصوصا ً في فلسطين وعموما ً بتأجيج الفتن والمحاولات السافرة للتعامل مع الأطراف المتحاربة بشكل واضح لا يحتاج لدليل , والطيران الحربي الصهيوني له بصمات في تدمير البنية التحتية في سوريا والعراق واليمن .. وهذا يقين ومهما حاولت أن تخفي دورها فبصماتها موجودة , وهي التي أسست لمثل هذه الحروب , ووسائلها في ذلك ماثلة أمام الجميع . وأما الشعوب التي تحاك ضدها المؤامرات , تنقسم بدورها إلى قسمين , الأول مؤمن بالحتميات الإلهية , غير آبه بالتفصيلات , وهذا القسم يزيد من الأزمة تعقيدا ً , لأنه غير راغب بلعب دور مركزي .. أي بعدم تكتله وتفاعله بشكل جماعي لمحاربة الفساد بالدرجة الأولى هو ما أوصل البلاد والعباد لمثل هذه الأزمات التي ربما لن تنتهي بعشرات السنين . أما القسم الثاني فهو أكثر انتهازية من الدول الداعمة للحروب والاقتتالات بين الأخوة , فهم من يتسترون وراء القوة بحيث لا يظهرون كثيرا ً فهم على الأغلب من التجار والسماسرة ( تجار الأزمات ) هذا الشق لا يؤمن بالحتميات وبالمسلمات الدينية , حيث يصب جل اهتمامه باللحظة الراهنة وما تقدم له من مكتسبات ولهو وتمتع أكثر بالوقت . إن واشنطن تنسّرُ كثيرا ً بهذا التصنيف من البشر , وخصوصا ً في بلادنا العربية , وهي العارفة بمفاتيح اللعب على الأوتار الطائفية والعلمانية وما شابه .. إلا أن ثمة أمر يؤرق واشنطن , وهو كيفية التأكد الحقيقي من التوجهات لدى الجماعات سواء ً أكانت اتكالية , أو انتهازية وهي تخشى أن يظهر من بين هاتين الجماعتين قوة تعمل خارج إرادة القوة المهيمنه , وبالتالي تكون كالمنقذ لهذه المنطقة للتخلص من السيطرة الاستعمارية وخططها الخبيثة .. وهذا ما لا تتمناه واشنطن وحليفتها إسرائيل التي ترصد كل صغيرة وكبيرة في المنطقة , لأن أي تساهل بأي أمر ربما ينعكس عليها عاجلا ً أم آجلا ً . التحدي الأكبر لقوى الاستكبار , هو ما يسمى الإعلان عن التحالف العربي الذي تقوده السعودية , والتحالف الإسلامي وأيضا ً القيادة على مايبدو للسعودية , فواشنطن لا تنظر لهذا التحالف من منظور القيادة , بل تنظر للشعوب المنضوية تحت التحالف , فالحكام أضعف بكثير من الشعوب , ولذلك تخشى أن تضمحل المملكات بهجمة شعبية سريعة وخاطفة , وبالتالي تقع واشنطن وحلفائها في مأزق كبير , لأن ذلك سيكون بمثابة القطيعة النهائية مع تلك الممالك الهالكة أو الدول , وربما تشن هذه الدول العظمى حروبا ً لا هوادة فيها لاستعادة بيادقها أو صناعة بيادق جديدة تهتدي بهداها وتسير وفق منظومة صهيو- أمريكية بامتياز .. مع الأمنيات , التخلص نهائيا ً من هذه الحكام واستعادة هيبة الأمة العربية وتخلصها من الهيمنة الغربية .
*كاتب ومحلل سياسي