2024-04-20 07:32 م

محرقة حلب.. الجامعة العربية وصب الزيت على النار؟!

2016-05-03
بقلم: الدكتور محمد بكر
إن العين لتدمع وإن القلب ليحترق على الأحداث الدموية التي تعصف بحلب الشهباء،هذه المدينة الشامخة شموخ قلعتها، العريقة بتاريخها والراسخة بحضارتها وأوابدها التاريخية، منارة العلم والأدب، صاحبة الفضل علي إذ كان لي شرف نيل درجة الدكتوراه من جامعتها ذات السمعة المشرفة والحضور العلمي القوي، عايشت يوميات الحرب عليها، وعاينت عن قرب تفاصيل الدمار والنيران التي عصفت بها، نعم أدين بأشد العبارات قصف الدولة السورية للمدنيين ولاسيما مشفى القدس وفقدان خيرة الأطباء والكفاءات فيها، لكن جملة من التساؤلات واشارات الاستفهام تتكاثر بزخم في حضرة النيران التي تأكل من شعب حلب وتاريخها وحضارتها ولاسيما الدعوة لعقد اجتماع طارئ دعت له قطر بموافقة كل من السعودية والبحرين يوم الأربعاء المقبل لبحث تطورات الوضع هناك. هذه الدعوة التي لن تكون إلا بمنزلة “المشاركة في قتل القتيل والمشي في جنازته ” كيف لا وهاتان الدولتان اللتان كانت لهما اليد الطولى في تغذية ليس فقط الحريق الحلبي إنما الحريق السوري برمته ولازالتا، وباعتراف صريح لحمد بن جاسم، تلك الجامعة التي شرعنت التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا وكانت السبب الرئيس في محرقة ليبيا، والمآلات الكارثية التي آلت إليها الأوضاع في الجماهيرية الليبية، ثم أين كانت هذه الحمية العربية عندما نُهبت مصانع حلب وكيف دُمر اقتصادها على مرأى ومسمع ومصادقة الجامعة العربية نفسها، وكيف صمت الآذان وأغلقت الأفواه وأعمت العيون عن جحافل داعش التي كانت تدخل المدينة عبر الحدود التركية وكيف حوكم صحفيون أتراك لأنهم وثقوا ونشروا فيديوهات تثبت ذلك، ألم تُقصف الأحياء المدنية الآمنة المستقرة الخاضعة لسيطرة الدولة بما يُعرف بمدافع جهنم (القازانات المتفجرة) وقد عايشها وعرفها جيداً أهل حلب، بموازاة القصف العنيف للدولة بالبراميل المتفجرة على أحياء سكنية اكتظت بالمجموعات المسلحة ، ثم لماذا خمدت النخوة العربية عندما سيطرت المجموعات المتطرفة على طريق خناصر وقطعت كل عوامل الحياة عن المدينة لأشهر عديدة ذاق خلالها الشعب الحلبي الأمرين وعانى من الجوع والعطش إلى حين سيطرة الجيش السوري وارسال قوافل الغذاء والدواء للمدينة المنكوبة. نؤمن حق الايمان أن ما أعلنته الخارجية الروسية على لسان غينادي غاتيلوف بأنها لن تطلب من الدولة السورية وقف غارتها الجوية على حلب لأن ذلك.يندرج في اطار مكافحة الارهاب، سيزيد من اتقاد الحريق الحلبي، وسيزيد من تطاول ألسنة الدخان وحجم الدمار، لكن نؤمن أيضاً أن اجتماعاً لتلك المسماة جامعة عربية وصراخ وعويل وتعويل المعارضة السورية على لسان ائتلافها الأميركي وتحديداً مطلب رئيسه أنس العبدة لجهة الطلب مما يسمى أصدقاء سورية باتخاذ إجراءات حقيقية على الأرض هو المحرقة بعينها وصب الزيت على النار. نعم نراقب بأسى ما تتعرض له الشهباء من تدمير ممنهج ترسمه اللعبة الدولية القذرة، وتفيض قلوبنا حزناً وأسى، وتذرف عيوننا الدماء على ما ألم بهذه المدينة العظيمة، لكن ندرك أيضاً أن مدينة لوت ذراع الغزاة من الرومان إلى البيزنطيين ونققور فوكاس إلى الانتداب الفرنسي وقلعة بعمر قلعتها التي تجاوز الخمسة آلاف سنة ستبقى عنواناً للشموخ والبقاء. * كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا. Dr.mbkr83@gmail.com