2024-03-28 01:20 م

الكلاب المسعورة وحلب

2016-05-05
بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني
حلب تتصدر الاخبار والمشهد السوري بشكل لم يسبق له مثيل من قبل. ولماذا؟ لان الجماعات الإرهابية من تنظيم القاعدة في بلاد الشام المسمى بالنصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية المتواجدة في الريف الشمالي والشرقي لحلب باتت في وضع لا يحسد عليه وخاصة بعد الانباء التي تتوارد من ان الجيش العربي السوري وحلفاءه قد اخذوا القرار بتنظيف حلب بالكامل من حثالة المجموعات الإرهابية التكفيرية. المحور الإقليمي المعادي المتمثل بالسعودية وقطر وتركيا تدرك جيدا من ان استعادة حلب الى حضن الدولة السورية تعني الكثير بالنسبة لهم وللمجموعات الإرهابية المدعومة. ومن هنا هذا التصعيد العسكري من قبل المجموعات الإرهابية الذي نشهده الان على الساحة الحلبية. المجموعات الإرهابية حاولت وأكثر من مرة وعلى أكثر من محور اختراق خطوط الجيش العربي السوري وحلفاءه وفي كل مرة جوبهت وأفشلت هذه المحاولات البائسة واليائسة. وكان من نتيجة فشلهم ان صبوا جام غضبهم وحقدهم باستهدافهم وبالقصف العشوائي المدنيين في الاحياء السكنية والأسواق العامة والأماكن المكتظة والمصلين عند خروجهم من المساجد يوم الجمعة وأمطروا هذه الساحات والأماكن بالصواريخ وبراميل الغاز المتفجرة والذي أدت الى استشهاد العشرات من المدنيين من نساء ورجال وأطفال. ومن الواضح أن هذه المجموعات الإرهابية ومموليهم ومشغليهم من الأدوات الإقليمية قد انتهزت فرصة وقف الاعمال العدائية لتمرير عشرات الاطنان من الأسلحة الى جانب الالاف من المسلحين عبر الأراضي التركية. وربما كان الخطأ الأكبر البدء بتطبيق وقف الاعمال القتالية أو العدائية قبل التمكن من أقفال الحدود مع تركيا أو على الأقل وضع الاليات لمراقبة هذه الحدود لمنع نقل الأسلحة والمسلحين الى الداخل السوري عبر الأراضي التركية. استرجاع حلب بالكامل الى حضن الوطن السوري يعني سقوط معقل وركيزة أساسية للمخططات التركية وفقدان اية رافعة عسكرية ميدانية يمكن استخدامها في المفاوضات في جنيف فيما إذا ما عاد وفد الرياض الذي انسحب أو أوقف/علق مشاركته في المفاوضات في مؤتمر جنيف الأخير، تحت حجج واهية. المتتبع للأحداث يستطيع ان يرى هذا التصعيد العسكري للمجموعات الإرهابية على حلب بقصفها العشوائي الذي شمل مراكز العبادة الكنائس والمساجد والمدارس لحظة خروج الطلاب والأماكن السكنية والأسواق المكتظة في محاولة لإسقاط أكبر عدد ممكن من المدنيين الذين استهدفوا بالصواريخ واسطوانات الغاز. الى جانب هذا التصعيد العسكري المجرم هنالك التصعيد الإعلامي والسياسي من قبل الدول الغربية، وجميعها تهدف الى عرقلة تقدم الجيش العربي السوري وحلفاءه من خلال اثارة ضجة كبيرة والتباكي على الوضع المأساوي لأهالي حلب وما يعانوه والذي سببه بالأساس المجموعات الإرهابية التكفيرية التي أعطيت الأوامر بالتصعيد العسكري الذي شهدناه مؤخرا. الوالي العثماني أردوغان الذي لا يتوقف عن النعيق يتهم الجيش السوري بإطلاق الصواريخ على المناطق التي يسيطر عليها أما كيف يكون ذلك فالعلم عند الله....أما قطر فقد تحركت على الجامعة العربية ومطالبة بعقد اجتماع على مستوى المندوبين الان وفورا لمناقش الوضع في حلب...أما فرنسا فقد طالبت بعقد اجتماع لمجلس الامن لمناقشة الأوضاع في حلب وممارسة الضغوطات على الدولة السورية لوقف الاعمال العسكرية في الجبهة الحلبية... أما الولايات المتحدة فإنها لا تريد ان تصنف جيش الإسلام وحركة احرار الشام على قائمة الارهاب بالرغم من اعترافها بأنهم يقاتلون مع جبهة النصرة القاعدية جنبا الى جنب في حلب... الولايات المتحدة لا تريد الجيش العربي السوري وروسيا ان تحارب هذه المجموعات الإرهابية بالرغم من علاقتهم الحميمة مع جبهة النصرة. الولايات المتحدة تدفع في ادخال حلب ضمن المناطق التي يجب ان يسري عليها وقف العمليات القتالية أو العدائية كما يقولون لأنها تريد ان تحمي جبهة النصرة وجيش الإسلام وحركة احرار الشام أي المجموعات الإرهابية لأنها ببساطة ما زالت تستثمر الارهاب لتحقيق مآربها على الرغم من تشدقها بأنها تسعى الى حل الازمة سياسيا في سوريا. الولايات المتحدة تعتزم ارسال 250 جنديا من القوات الخاصة الى سوريا تحت ذريعة تدريب فريق من كرد سوريا وما يسمى بالدوائر والمطابخ الامريكية والسعودية بالسنة حتى يتوجهوا ويقاتلوا لتحرير الرقة المعقل الرئيسي لتنظيم داعش بغرض محاولة تقسيم سوريا. وما يقوله قيادي من قوات سوريا الديمقراطية من انهم في حالة تحرير الرقة من أيدي داعش لن يسمحوا للجيش السوري بدخول المدينة لهو دليل واضح على هذه النوايا الخبيثة وكأن الجيش العربي السوري الشرعي يريد اذنا من أذناب أمريا والسعودية في الدخول الى أي منطقة في الوطن السوري. الولايات المتحدة تسعى الى اقحام حلف الناتو بشكل أكبر في الساحة السورية وعلى الأرض مباشرة وهذا اعتداء سافر على الشرعية والسيادة والاراضي السورية. وما اعلان النرويج عن نيتها بإرسال خمسون جنديا الى الأراضي السورية تحت ذريعة تدريب الكرد وقوات سوريا الديمقراطية الى جانب 300 جندي وخبير أمريكي الا استجابة للدعوات التي أطلقها الرئيس أوباما الى دول الحلف في زيارته الأخيرة الى أوروبا في الانخراط والمساهمة أكثر في الميدان السوري. الولايات المتحدة من دون دول العالم الغربي قاطبة لم تبدي أي ترحيب لتحرير تدمر من تنظيم داعش الإرهابي على ايدي الجيش العربي السوري وقالت على لسان الناطق الرسمي باسم البنتاغون أن انتصار الجيش السوري يشبه " الانتقال من المقلى الى النار" بالنسبة لسكان تدمر. هذا في الوقت الذي عمل محافظ لندن من حزب المحافظين على تهنئة الرئيس الأسد على تحرير تدمر من ايدي البرابرة الذين يريدون ان يدمروا الحضارة الإنسانية وعمل على عرض نصب تذكاري لقوس مماثل لأحدى الاقواس الرومانية في تدمر وذلك في وسط العاصمة لندن لتخليد ذكرى طرد جحافل الإرهابيين من المدينة وسيعرض هذا النصب التذكاري في العديد من العواصم الغربية قبل اهدائه للحكومة السورية ووضعه في مدينة تدمر. أي فارق هذا في ردة الفعل على تحرير تدمر؟ الرسالة واضحة وفاضحة وهي ببساطة أن الولايات المتحدة لا تريد القضاء على الارهاب والإرهابيين لا في سوريا ولا في العراق ولا في أي مكان لأنها المستثمر الرئيسي في ظاهرة الارهاب. أما غراب البين وزير خارجية آل سعود عادل الجبير فما زال ينعق كحليفه الوالي العثماني أن على الأسد ان يرحل بحل سياسي أو بالقوة. جملته الشهيرة التي يرددها كالببغاء منذ ان دخل على الخط لأنه اعمى البصر والبصيرة ولا يريد أن يرى استحالة ذلك على أرض الواقع. لقد حاولت كل هذه المجموعة من دول وأدوات في توظيف الارهاب لقلب أو تحسين موازين القوى على الأرض لتمتلك ورقة يمكن ان تصرفها في المباحثات والاجتماعات الدائرة لإيجاد حلول سياسية للازمة السورية. ولكن تبقى الفجوة بين الامنيات وما يجري على الأرض كبيرة جدا ولا نعتقد ان حلم ابليس بالجنة سيتحقق. كلمة أخيرة نقولها إن المحور المعادي من الولايات المتحدة الى الحلف الإقليمي القائم بين تركيا والسعودية وقطر وإسرائيل على وجه التحديد لم ولن يسقط امنياته واستراتيجيته في تفتيت المنطقة وتغير الخارطة السياسية وما زالت وستبقى سوريا تشكل العائق والسد المنيع امام هذا المخطط قيادة وجيشا وشعبا هذا الثالوث المقدس والمدعوم من الحلفاء المخلصين بمجموعهم يدافعون عن الكرامة الإنسانية وإنسانية الانسان قبل كل شيء. وستبقى الكلاب المسعورة تنبح وتتباكى على سقوط أعداء الإنسانية.