2024-04-19 06:34 ص

تفجيرات طرطوس.. تغذية نيران الحرب بمزيد من الوقود الطائفي والمناطقي

2016-05-24
 صهيب عنجريني
الهجمات الإرهابيّة التي استهدفت مدينتي طرطوس وجبلة في الساحل السوري لا تختلف في الإطار العام عن كثيرٍ من مثيلاتها التي استهدفت معظم المدن السوريّة على امتداد السنوات السابقة. ورغم وجود تباينات في بعض الحيثيّات، غيرَ أنّها تبقى اختلافات شكلية لا أكثر.

وتُذكّر تفجيرات طرطوس بما سبق وشهدته دمشق وحلب بين عامي 2011 و2012 على سبيل المثال، سواء من حيث ضخامتها أو عدد الشهداء المدنيين أو الغموض المحيط بالجهة المُنفّذة. ومع أنّ «وكالة أعماق» التي تُعدّ إحدى الأذرع الإعلاميّة لتنظيم «داعش» قد سارعت إلى تبنّي هجمات طرطوس وجبلة في شكل «خبر عاجل» لكنّ صيغة الخبر المغايرة للصيغ التي دأب التنظيم المتطرّف على اعتمادها في «بياناته» بدت لافتةً ومثيرة للتساؤلات. ويجدر التّذكير بأنّ بواكير التفجيرات التي ضربت دمشق (كفرسوسة) وحلب (ساحة سعد الله الجابري) قبل سنوات كانت من تنفيذ «جبهة النصرة» (الفرع السوري لتنظيم القاعدة) التي كانت في ذلك الوقت «في خندق واحد» مع تنظيم «داعش»، قبل أن يحلّ الشقاق بين الطرفين ويتحوّلا إلى وجهين للعملة المتطرفة ذاتها. ومن شأن أحداث الاثنين الدامي أن تقوّض كل النظريات التي تحدّثت عن وجود خطوط دولية حمراء مرسومة حول المدن السّاحليّة، وتفتح الباب أمام تصعيد جديد للحرب. وثمّة تفاصيل كثيرة تستدعي التوقف عندها في اعتداءات طرطوس وجبلة، يأتي على رأسها الحضور العسكري الروسي في المدينتين (القاعدة العسكرية في طرطوس، ومطار حميميم قرب جبلة) وما يعنيه ذلك من أنّ الرسائل المفخّخة ليسَت موجّهة إلى دمشق فحسب بل تتجاوزها إلى موسكو. وهو أمر بدا أنّ الأخيرة قد تلقّفته سريعاً فلم تكتف ببيان الإدانة الذي صدر عن وزارة الخارجيّة. وأبرق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى نظيره السوري بشار الأسد معزّياً بضحايا التفجيرات و«مجدداً استعداد موسكو لمواصلة التعاون مع الشركاء السوريين في مواجهة الخطر الإرهابي». ويحضر من بين التفاصيل الجديرة بالاهتمام التزامن الدقيق في الاعتداءات، وهو أمر يحيل إلى «احترافيّة» في التنفيذ.
ورغم أنّ هذه «الاحترافيّة» لا تُعد طارئةً على معظم التنظيمات الإرهابيّة (داخل سوريا وخارجها)، لكنّها تكتسب أهمية خاصة بالنظر إلى وقوعها في عمق مناطق سيطرة الدولة السورية ما يُشكّل تحدّياً أمنياً مُضاعفاً. كذلك؛ بدا لافتاً أنّ الخارجية الفرنسية قد سارعت إلى إدانة التفجيرات «بشدّة»، وأكّدت أنّها «تُعد انتهاكات لأحكام القانون الإنساني الدولي». ولم تتضح الحصيلة النهائية لشهداء الاعتداءات بفعل وجود أعداد كبيرة من الإصابات الخطيرة علاوة على الأشلاء. وفيما قالت مصادر إعلاميّة إنّ عدد الشهداء قد ناهز المئة أكّدت مصادر طبّية لـصحيفة «الأخبار» اللبنانية أنّ «العدد يفوق ذلك، وهو مرشّح للازدياد». وبلغ عدد الاعتداءات تسعة، استُخدمت فيها سيّارات مفخخة وأحزمة ناسفة. وكان نصيب مدينة جبلة (التابعة لمحافظة اللاذقيّة) أربعة اعتداءات استهدف واحدٌ منها قسم الإسعاف في المشفى الوطني، وأدى إلى «استشهاد الطاقم الطبي بالكامل» وفقاً لمدير صحّة اللاذقيّة الدكتور عمّار غنام. ورغم أنّ بعض وسائل الإعلام قد سعت إلى تصوير الهجمات على أنّها تستهدف «معاقل النظام في الساحل» لكنّ الثابت أن الاعتداءات الإرهابية قد طاولت سوريين من مختلف المحافظات، ولا سيّما أنّ عدد النازحين من مختلف المناطق يشكّل نسبة تقارب النصف من سكّان طرطوس وجبلة. ويضفي هذا التفصيل طابعاً خاصّاً على أحداث أمس، ويفتح الباب أمام محاولات استغلاله لتغذية نيران الحرب بمزيد من الوقود الطائفي والمناطقي. وسُجّلت في مدينة طرطوس ردود فعل من هذا النوع عبر اعتداءات تعرّض لها مخيم الكرنك الذي يؤوي عائلات من محافظات أخرى، قبل أن تفلح الجهود في احتواء الوضع.  
المصدر: الأخبار اللبنانية