2024-04-19 05:12 ص

انتصار ايار 2000.. مفتاح انتصارات الامة بعدما ولى زمن الهزائم ...!

2016-05-29
بقلم : أكرم عبيد
إن التاريخ لا تصنعه الصدفة و لا هرولة المهرولين المفرطين المستسلمين بل تصنعه إرادة المقاومين وعظمة الشهداء الذين يسطرون أروع الملاحم الكفاحية في حياة شعبهم وأمتهم ليخلدهم التاريخ في ذاكرة الأمة. نعم لقد تمكن أبطال المقاومة الوطنية اللبنانية من مراكمة الإنجازات في مواجهة العدو الصهيوني حتى توّجت في الخامس والعشرين من أيار عام 2000 بالملحمة الكبرى التي تمثلت بدحر قوات الاحتلال الصهيوني عن معظم الاراضي اللبنانية المحتلة في الجنوب اللبناني المقاوم فاستحق هذا اليوم المشهود أن يكون عيداً للمقاومة والتحرير صنعه رجال المقاومة الوطنية اللبنانية بكل قدرة واقتدار لتثبت للعدو قبل الصديق والشقيق أن نهج المقاومة هو الخيار الاستراتيجي الوحيد القادر على كسر شوكة العدو الصهيوني المحتل الذي لا يعرف إلاّ لغة القوة بعدما فكك حزب الله بقيادته التاريخية بقيادة سماحة السيد حسن نصر الله كل المعادلات الصهيونية العنصرية الوهمية ومحرماتها بدعم ومساندة كل شرفاء الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم وفي مقدمتها سورية الصمود وإيران وشركاء الدم من المقاومين الفلسطينيين. وهذا ما هيأ أسباب النصر العظيم في يوم التحرير وتألق حزب الله المقاوم ليقود المسيرة الكفاحية للمقاومة الشعبية اللبنانية المسلحة ويستعيد أمجاد الفاتحين من عظماء الأمة بعدما فرض الهزيمة العسكرية الكبرى على مجرمي حرب الصهاينة تحت ضربات المقاومة التي مرغت أنف جنرالاتهم للمرة الاولى في وحل الجنوب المحرر خلال فترة زمنية قصيرة من عمر المقاومة . نعم لقد تحمل حزب الله المقاوم عظيم المسؤولية الوطنية والقومية والأخلاقية ليتعملق في قراءة الأحداث وتحليل أبعادها وتفكيك ألغازها المستعصية وكشف معالم أسرارها ليشخص طبيعة العوامل المؤثرة في مسيرة الصراع العربي الصهيوني ووضع الخطط التكتيكية والاستراتيجية في العمليات العسكرية المميزة والنوعية في مواجهة العدو المحتل بشكل مباشر من جهة والاهتمام بأوضاع الجبهة الداخلية ومن جانب اخر لتوحيدها من اجل حماية ظهر المقاومة بعد تحديد معالم التغيرات النوعية في واقع المجتمع المفكك و المنهار والإصرار على الانتقال من مظاهر الضعف والتشتت إلى حشد كل الطاقات و الإمكانيات المقاومة والعمل بعقلية جماعية واعية ومنفتحة تجاوزت كل الصغائر و نقاط الخلاف والبحث عن نقاط اللقاء مع الاحزاب والقوى اللبنانية المقاومة لتوحيد الأداة المقاومة في حدود معادلة وطنية وحدت الشعب والجيش والمقاومة بدعم ومساندة السلطة اللبنانية بقيادة الرئيس لحود والتفاف الجماهير حولها لتعزيز الوحدة الوطنية التي حددت أولويات الصراع الاستراتيجي مع الغزاة المحتلين وشركائهم الأمريكان والانتقال السريع من قوة لبنان في ضعفه إلى قوة لبنان في مقاومته ووحدته الوطنية. وهذا ما جعل حزب الله المقاوم يظهر قدرة واقتدار عظيمين في التقاط دقائق الظروف وتشخيص ملابساتها واستيعاب الواقع بكل تجلياته وتناقضاته وتعقيداته ليحدد بشكل واضح وصريح. ماذا يريد من هذه المقاومة وما هي حدود أهدافها التكتيكية والاستراتيجية في زمن الانهيار العربي الرسمي لمعظم الأنظمة العربية المتصهينة ؟ لذلك فقد واجهت المقاومة خلال مسيرتها الكفاحية الاختبار تلو الاختبار والمواجهة بعد المواجهة بعدما حاول البعض حرف بوصلتها عن الهدف الاساس في تحرير الجنوب وما بعد الجنوب الى معارك جانبية امتدت من الداخل اللبناني الى المحيط الاقليمي وكأن المقاومة أصبحت هي المشكلة بالنسبة للبعض من القوى والاحزاب والانظمة العربية المتصهينة وليس الاحتلال الصهيوني الذي خطط لاستثمار عملائه الصغار في المنطقة ليثأر من انتصارات المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق واصبحت المقاومة وحاضنتها سورية ومحورها المقاوم في عيون البعض من الانظمة العربية والاحزاب والقوى المتصهينة هي العدو وليس الذي يغتصب ارضنا وحقوقنا الوطنية في فلسطين والجولان وكل ذرة مقدسة ما زالت محتلة في الجنوب اللبناني المقاوم . لهذا السبب تعمد العدو الصهيوامريكي استثمار الاوضاع العربية الرسمية الصعبة لصياغة ما يسمى الربيع العربي وتصديره لبعض الشعوب العربية على قاعدة تعميم ثقافة الفتنة الطائفية والمذهبية لقلب معادلة الصراع العربي الصهيوني من صراع عربي صهيوني الى صراع عربي إيراني ليتمكن من تفكيك قوى المقاومة وفك ارتباطها بحاضنتها سورية وداعمها الاستراتيجي الجمهورية الاسلامية الايرانية لتقسيم المقسم وتفتيت المنطقة على اساس سايكس بيكو جديدة ولكن بمفاهيم ومقايس صهيوامريكية ليتمكن من تصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة لتحقيق اهدافهم الاستعمارية القديمة الجديدة وفي مقدمتها ما يسمى النظام الشرق اوسطي الكبير. لذلك فقد أكدت الاحداث اللاحقة ان انتصار العام 2000 لم يكن مصادفة او استثناء بل تعبيراً لنهج استراتيجي مقاوم التزم منذ اللحظة الاولى لانطلاقة حزب الله بتعميم ثقافة المقاومة والصمود في مواجهة كل اشكال العدوان والاحتلال وفي مقدمتها الاحتلال الصهيوني . وقد تجسدت هذه المعادلة على ارض الواقع في الانتصار العظيم في حرب تموز عام 2006 والمشاركة العملية في مواجهة العصابات الوهابية التكفيرية في سورية ودهرها في معارك مهمة من معركة القصير الى معركة القلمون وتدمر وسهل الغاب وحلب والقنيطرة وسهل حوران وريف اللاذقية وغيرها بالإضافة لدعم ومساندة المقاومة الفلسطينية في الصمود في مواجهة عدة حروب على قطاع غزة حيث أظهرت المقاومة الفلسطينية الباسلة وحاضنتها الشعبية صموداً ارتقى الى مستوى الانتصار وخاصة عام 2014 . لذلك ليس غريباً ولا مستغربا على جحافل حزب الله المقاوم مشاركة الجيش العربي السوري في مواجهة العصابات الوهابية التكفيرية منذ إعلان الحرب الكونية على سورية حاضنة المقاومة والصمود التي دخلت عامها السادس وهي اكثر صمودا واصرارا على تحطيم كل المشاريع والمخططات الصهيوامريكية التي لن ولم تتوقف في حدود سورية لا سماح الله لو نجحت بل ستعم المنطقة كلها وفي مقدمتها لبنان الذي حماه حزب الله كما قال احد القادة من مجرمي الحرب الصهاينة قبل ايام قليلة وهذا ما يثبت بالدليل القاطع ان إحياء الذكرى السادسة عشرة ليوم التحرير اعاد لنا ولكل شرفاء الامة واحرار العالم صور الانتصارات المتتالية التي تمثلت بيوم التحرير في العام 2000 مع اختلاف الفارق بين قدرات المقاومة ما بين اليوم والامس وهذا ما يحمل دلالات قد لا تنتهي في المنظور الامني الاستراتيجي لدى مجرمي الجرب الصهاينة ولا سيما إن قيادات العدو الصهيوني كانت وما زالت تثير الزوابع الاعلامية حول قدرات المقاومة التسليحية وخاصة ما تملكه من منظومات صاروخية طويلة المدى من نماذج مختلفة وحول تكتيكاتها العسكرية التي ارعبتهم فاستخدمت سياسة الاغتيالات لقادة الحزب التي شاركت بشكل علمي وعملي في مواجهة العصابات الوهابية التكفيرية وصناعة اهم الانتصارات الى جانب الجيش العربي السوري وفي مقدمتهم جهاد عماد مغنية والقائد سمير القنطار والقائد مصطفى بدر الدين معتقدين ومتوهمين انهم سينالون من عزيمة وصلابة وقدرات الحزب الجهادية التي بنت الاجيال القيادية لتتوارث الراية وتخوض المواجهات مع اعداء الامة لحماية سورية ولبنان وقوى المقاومة . وفي الحقيقة من حق مجرمي الحرب الصهاينة ان يتضاعف قلقهم وهواجسهم بعد مشاركة الحزب الجيش العربي السوري في مواجهة العصابات الوهابية التكفيرية الارهابية على الارض السورية ودحرها لان هذا سيوفر القدرات والامكانيات اللازمة لاجتياح الجليل وتحريره بسرعة قياسية كما قال الامين العام للحزب سماحة السيد حسن نصر الله بعد معركة القلمون المشهودة التي ارعبت سلطات الاحتلال الصهيوني قبل عصابتهم الوهابية التكفيرية والانظمة العربية المتصهينة وخاصة ان انتصارات الحزب من معركة القصير الى معركة القلمون يعطي صورة مصغرة عمّا قد يحدث مستقبلاً ويشكل مناورة ودرس بليغ حي لتحرير منطقة لا تتشابه جغرافياً مع الجليل فحسب بل أشد قساوة ووعورة منه. نعم لقد أثبت حزب الله مرة جديدة انه في معاركه الصعبة في سورية التي حقق بها انتصارات مهمة من القصير الى القلمون ووريف اللاذقية وحلب انه يملك المقدرة والقوة للمناورة الناجحة للتماهي مع طبيعة المعركة وجغرافيتها والتحول من استراتيجية الدفاع الى استراتيجية الهجوم واستعادة الجليل الفلسطيني المحتل وربما ما بعد الجليل ليبدع نظرية عسكرية جديدة تتمثل في ترويض ودمج الاطر الكلاسيكية التقليدية التي تعتمدها الجيوش النظامية مع حرب العصابات واستخدام تكتيكات عسكرية جديدة تجعلها تصنف كأول مدرسة عسكرية عالمية تمارس هذا النوع من القتال. وتجعل تجربتها فريدة من نوعها وتستحق الدراسة في أكبر المدارس العسكرية العالمية . وهذا ما يؤكد ان المقاومة كانت وما زالت وستكون ثابتة على جهوزيتها وقادرة على صنع الانتصار تلو الآخر ولديها من القدرات والإمكانيات ما يجعلها قادرة على ردع أي عدوان صهيوني جديد والرد عليه الصاع صاعين مهما كان صغيراً او كبير وخاصة انها ما زالت تخوض المعارك الى جانب الجيش العربي السوري في مواجهة العصابات الوهابية التكفيرية التي تعتبر الوجه الاخر للوجه الاجرامي للحركة الصهيونية العالمية لتطهير سورية والمنطقة من رجسهم . وانطلقا من هذه المعادلة فأن معطيات اليوم تؤكد أن انتصار المقاومة عام 2000 شكل مفتاح انتصارات المقاومة على ما يسمى الجيش الذي لا يقهر ووضع بداية النهاية لزمن الهزائم المذلة ليكون درسا قاسيا وبليغا لمجرمي الحرب الصهاينة أفقدهم توازنهم أمام القطعان الصهيونية المستوردة في كيانهم المصطنع في فلسطين المحتلة ودرسا أبلغ لأدواتهم من الأنظمة العربية المتصهينة التي لم ترق لهم هذه الانتصارات التي أحرجهم بامتياز أمام شعوبهم التي تتطلع بكل فخر واعتزاز لهذه الانتصارات التي تعتبر المقدمة لتحرير كل الاراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها فلسطين كل فلسطين والجولان العربي السوري ومزارع شبعا وتلال كفر شوربا في الجنوب اللبناني المقاوم .
akramobeid@hotmail.com