2024-03-29 03:05 م

من المبادرة الفرنسية الى المبادرة المصرية .. الهدف شطب القضية الفلسطينية!!

2016-05-30
بقلم : أكرم عبيد
في الحقيقة لم تكن المبادرة الفرنسية الاولى ولن تكون الاخيرة لتحريك ما يسمى عملية السلام المزعومة في المنطقة وخاصة انها تترافق اليوم مع المبادرة المصرية وكلاهما يستند لما يسمى المبادرة العربية التي ولدت ميتة في القمة العربية في بيروت عام 2002 وقد توجت هذه المبادرات بمبادرة سويسرية لعقد مؤتمر دولي لرعاية المصالحة الفلسطينية بين سلطة فتح في رام الله وسلطة حماس في قطاع غزة . وفي هذا السياق ليس المشكلة في طرح المبادرات من هنا او هناك المشكلة ما ان تطرح هذه المبادة او تلك حتى تصطدم بجدار الرفض الصهيوني بعد وضع العصي بالدواليب وطرح الشروط الصهيونية المسبقة لتفريغ هذه المبادرات من جوهرها ومضمونها . فالمبادرة الفرنسية الاخيرة تم طرحها بعد التنسيق والتعاون مع سلطات الاحتلال الصهيوني والنظام الوهابي التكفيري السعودي وبمباركة الادارة الامريكية وخاصة بعد التطابق بالمفاهيم والاهداف بين النظام الوهابي التكفيري السعودي وسلطات الاحتلال الصهيوني وخاصة بما يتعلق بالملف السوري والمقاومة في لبنان وفلسطين والملف الايراني . وبالرغم من ذلك تعمدت الادارة الفرنسية العودة الى المنطقة من البوابة الفلسطينية لتجد نفسها من جديد بعدما تعهدت لإسرائيل بإلغاء أو تعديل قرار وتوصية اليونسكو حول المقدسات الاسلامية ووسمها باليهودية . وهذا ما يثبت بالدليل القاطع ان الادارة الفرنسية ليست طرفا محايدا ولم تكن يوما طرفا محايدا في معادلة الصراع العربي الصهيوني وبالرغم من ذلك تلقى رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني نتنياهو المشروع الفرنسي بتحفظ شديد واخضعته للدراسة وطرح المزيد الاسئلة على الادارة الفرنسية واعترض على نقطتين اعتبرهما شروط مسبقة لا يمكن الموافقة عليهما وهما استعداد فرنسا للاعتراف بالدولة الفلسطينية في حال وصلت المفاوضات للطريق المسدود وقال نتنياهو ان هذه النقطة ستشجع الفلسطينيين على افشال المفاوضات للحصول على الاعتراف الفرنسي . أما النقطة الثانية فتتمثل في رفض رئيس وزراء سلطات الاحتلال الصهيوني تحديد سقف زمني لإنهاء المفاوضات معتبرا ذلك كمن يصوب مسدسه على رأس المفاوض " الاسرائيلي " انطلاقاً من هذه الملاحظات تراجعت الادارة الفرنسية وأسقطت شروطها واستجابت لملاحظات نتنياهو لكنه بعد عصّر المشروع الفرنسي وافراغه من جوهره ومضمونه تعمد رفضه لأنه بصراحة لا يريد شريكا في المفاوضات مع الفلسطينيين لا فرنسيا والا امريكا ولا غيره لأنه يريدها مفاوضات فلسطينية اسرائيلية مباشرة ليتحرر من اي ضغوطات من طرف ثالث حتى يتمكن من التفرد والانفراد بالمفاوض الفلسطيني ويفرض عليه المزيد من التنازلات لتحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية . لهذا السبب برر كبير المجرمين الصهاينة نتنياهو رفضه للمبادرة الفرنسية برد بمشروع صهيوني قديم جديد يعتبر ان الحل يجب ان يكون عبر المفاوضات المباشرة بين " اسرائيل والفلسطينيين بشكل ثنائي مباشر. مع العلم ان الادارة الفرنسية تدرك قبل غيرها من الاشقاء والاصدقاء والاعداء ان المبادرة الفرنسية في هذه المرحلة تعتبر صمام الامان لعدم انفجار الاوضاع بين الفلسطينيين " والإسرائيليين " وخاصة بعد دخول الانتفاضة شهرها الثامن وفقدان السلطة زمام المبادرة والسيطرة على المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية مما يقلق السلطات الصهيونية المحتلة التي تنسق مع الادارة الفرنسية لمنع الانفجار بين الطرفين وتعطيل المشاريع والمخططات الوهابية التكفيرية الارهابية التي تستهدف تفتيت سورية والعراق واليمن وغيرها برعاية صهيوامريكية . وبالرغم من هذه المواقف الصهيونية الرافضة للمبادرة الفرنسية فإن الطرف الفلسطيني تمسك بها ورحب بها لأنه يعتبر خيار المفاوضات هو الخيار الوحيد للسلطة الذي يمدها بأكسير الحياة والوجود باعتبارها الاطار السياسي الذي يضمن بقائها في المعادلة السياسية على الصعيدين العربي والاقليمي بالرغم من اعترافها بالأرض الفلسطينية المحتلة كوطن قومي لما يسمى للشعب اليهودي. لذلك ليس غريبا ولا مستغربا على قيادة سلطة معازل اوسلو الموافقة على المبادرة الفرنسية بالرغم من افراغها من جوهرها ومضمونها بعدما استجابت لشروط نتنياهو لا بل قدمت التنازلات المجانية للطرف الصهيوني من خلال الادارة الفرنسية عندما سحبت الشكوى المقدمة لمجلس الامن ضد ملف الاستيطان الذي التهم اكثر من 60% من اراضي الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس وكأن قضية الاستيطان اصبحت بنظر سلطة اوسلو قضية ثانوية وليس قضية استراتيجية بالنسبة للشعب الفلسطيني وهذا يعني بصراحة ان المبادرة الفرنسية قد تشكل محطة للمفاوضات الصهيونية الفلسطينية بشروط نتنياهو بعد التطبيع الخليجي قبل التوقيع على بعض الاتفاقيات الموعودة مع العدو الصهيوني . وهذا يعني ان رئيس وزراء سلطات الاحتلال الصهيوني يرفض بشكل قاطع الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة وقيام دولة فلسطينية مستقلة على الاراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية كما يرفض وقف عملية الاستيطان وسياسة التهويد والمصادرة مع العلم ان الطرف الفلسطيني المفاوض قدم لسلطات الاحتلال المزيد من التنازلات المجانية لتحقيق التسوية المنشودة متجاهلا ان " إسرائيل " هي الكيان المصطنع والمحتل لبلادنا ومن المفرض على هذا الكيان الذي الكثير لتقديمه لشعبنا المنكوب خارج ارض وطنه لتسوية القضايا الرئيسية وفي مقدمتها حق العودة للاجئين الفلسطينيين للأرض التي شردوا منها بقوة مجرمي الحرب الصهاينة في الجليل والمثلث والساحل والنقب والاعتراف كما نص القرار الدولي 194 وقيام دولة فلسطينية سيادية على الاراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية كما نصت القرارات الدولية 242 و338 وغيرها وهذا ما يؤكد ان الفلسطينيين قد يملكون اسس الحل لكن سلطات الاحتلال تملك اسس السلام الشامل في المنطقة وفي كل الاحوال فإن المبادرة الفرنسية التي رفضها رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو تترافق في هذه الايام مع مبادرة مصرية لإحياء ما يسمى عملية السلام وتعتبر الوجه الاخر القبيح للمبادرة الفرنسية التي استقبلها رئيس وزراء الاحتلال بنفس الشروط الصهيونية القديمة الجديدة بالرغم من موافقته حضور القمة الثلاثية المصرية الفلسطينية " الاسرائيلية " التي دعا اليها الرئيس المصري . وقد ترافقت التحركات الفرنسية والمصرية مع تحركات سويسرية لاستكمال هذه التحركات المشبوهة لعقد مؤتمر دولي من اجل المصالحة الفلسطينية بين سلطة حماس وسلطة عباس برعاية وزرارة الخارجية السويسرية تمهيدا لفرض حل الدولتين بموافقة مرجعية فلسطينية واحدة وقد كشفت مصادر ديبلوماسية غربية لـ «الحياة» اللندنية: أن ممثلين عن عدد من الدول المهمة في الحلبة الدولية والإقليمية سيشاركون في هذا المؤتمر وفي مقدمتها اللجنة الرباعية الدولية والمفوضية العليا للاتحاد الأوروبي والسويد والنرويج والصين وروسيا ومصر والنظام الوهابي السعودي والسلطة الفلسطينية وقالت المصادر أن اللقاء سيبحث في مسألة المصالحة الفلسطينية والعقبات التي حالت حتى الآن دون إنهاء الانقسام وإمكان مساهمة المجتمع الدولي في التغلب على هذه العقبات، مثل إعادة الإعمار ورفع الحصار وتعزيز إجراءات الوحدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال مسؤولون في «حماس» لـ «الحياة» أن ممثلين عن وزارة الخارجية السويسرية قاموا أخيراً بزيارات لغزة والدوحة التقوا خلالها عدداً من كبار قادة الحركة في شأن المواضيع التي سيجرى بحثها في اللقاء. وأوضح مسؤول رفيع في «حماس» في غزة أن حركته أبلغت المبعوثين السويسريين استعدادها لتطبيق اتفاق القاهرة، مشددة على أهمية معالجة قضية الموظفين في غزة كأحد الأسس القوية لحل مشكلة الانقسام. وأضاف: «في الجانب السياسي، أكدنا للمبعوثين السويسريين أن حماس تؤيد إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967». ومن المتوقع أن تعرض سويسرا في اللقاء آليات لحل المشاكل التي تعترض سبيل المصالحة ومنها توفير دعم دولي إضافي للحكومة الفلسطينية من أجل دفع رواتب الموظفين وإعادة الإعمار. وقالت مصادر غربية لـ «الحياة» أن الإدارة الأميركية لن تشارك في الاجتماع لكنها لم تعارضه. وأضافت أن سويسرا حاولت على الدوام إقناع الدول الأوروبية والولايات المتحدة بأن الانفتاح على «حماس» والعمل على احتوائها وإقناعها بالانضمام إلى العملية السياسية أفضل وأقل كلفة من محاربتها محذرة من أن استمرار الحصار قد يؤدي إلى انهيار الحركة وتشظيها إلى مجموعات قد تشكل خطراً على الأمن الدولي . وفي النهاية لأحد ينكر ان هذه التحركات جاءت في ظل ظروف عربية صعبة واختلال موازين القوى لصالح العدو الصهيوني الذي يحاول الاستفادة من لهاث بعض الانظمة العربية الوهابية التكفيرية الخليجية المتصهينة وفي مقدمتها النظام السعودي وبناء التحالفات معا حتى يرضى عنها نتنياهو لتقديم بعض الخدمات لحماية عروشها مقابل تصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في ظل الفراغ السياسي الذي تعيشه المنطقة على الصعيدين العربي والاقليمي والعالمي في ظل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الامريكية التي يحاول الديمقراطيون تسخين المنطقة في هذه الايام لتحقيق اي مكاسب ميدانية بعد تدخلهم المباشر في سورية والعراق واليمن معتقدين ومتوهمين ان هذا التسخين قد يمنحهم الفرصة بالفوز في الانتخابات الامريكية القادمة.
 akramobeid@hotmail.com