2024-04-20 07:39 م

عملية تل أبيب.. رسائل ودلالات، وجيل الانتفاضة الثالث يسقط الرهانات

2016-06-09
القدس/المنـار/ العملية المسلحة التي نفذها شابان من بلدة يطا جنوب الخليل في تل أبيب لها معانيها ودلالاتها، ورسالة الى العديد من الجهات لعلها تستخلص الدروس والعبر، والعملية المحكمة التخطيط جاءت في توقيت يمكن وصفه بالمفصلي، حيث التحركات السياسية الاقليمية والدولية الهادفة الى استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وفي ظل تحرك سعودي مدعوم من دول ما يسمى بـ "محور الاعتدال" لتمرير تسوية لا تحقق الحد الأدنى من المطالب والحقوق الفلسطينية، وايضا تأتي هذه العملية المسلحة في قلب تل أبيب مع التسابق العربي لفتح أبواب التطبيع مع اسرائيل، وموسم عقد الاتفاقيات الاستخبارية بين تل أبيب وعواصم خليجية.
لكن، هذه العملية تؤكد العديد من الدلالات، فهي، تأكيد على أن جيل الانتفاضة الثالثة، لم يتراجع عن أهدافه، في مواجهة الاحتلال، وأن هناك محطات في مسيرته، وكل محطة هي تطور في حد ذاته، وفترات الهدوء في هذه المسيرة، هي "استراحات المحاربين" انطلاقا نحو أساليب جديدة تبقي على زخم مسيرة هذا الجيل، والدلالة الثانية، هي فشل قوات الاحتلال في وقف تنامي هبة القدس، رغم كل اجراءات القمع وأشكال الاذلال المختلفة التي تمارسها ضد الشعب الفلسطيني، بمعنى، أن الفشل الاستخباري ما يزال يلاحق المستويين العسكري والسياسي في اسرائيل، وبالتالي، سيضطر الاحتلال الى اعادة بناء خطط جديدة لمواجهة التطورات التي يرى المراقبون بأنها متلاحقة من صنع جيل الانتفاضة الثالثة.
والدلالة الثانية، هي أن عملية تل ابيب رسالة الى الفصائل المختلفة والمتصارعة بأن عدم مشاركتها واللحاق اللحاق، بهذا الجيل، لا يعني أن هبته ستندثر، وبالتالي، قد تضطر عناصر أو مجموعات من هذه الفصائل للفكاك من قيود فصائلهم لاسناد هذا الجيل الذي يرفض الخضوع لاجراءات القمع الاحتلالي.
أما الدلالة الرابعة، فهي أن السلطة الفلسطينية رغم كل اجراءات ملاحقة هذا الجيل ومحاصرته، منفردة أو بالتنسيق الأمني مع الطرف الآخر، هي أعجز من أن تخمد هبة جيل الانتفاضة الثالثة، وفي نفس الوقت، يواصل احراجها ووضعها أمام مسؤولياتها، ويمنحها فرصة لتوظيف ما يجري ويدور لصالح الموقف الفلسطيني.
عملية تل أبيب شكلت فشلا للقيادة الاسرائيلية وأجهزتها، وخيبة أمل للسلطة التي لا تريد هبة متطورة شكلا ونوعية، واحراج للفصائل المنشغلة في تراشق الاتهامات فيما بينها، بعيدا عن مصلحة الشعب الذي يعاني من قمع الاحتلال المتصاعد حصارا واذلالا واعداما ميدانيا.
دوائر سياسية متابعة لما يجري في دائرة الصراع، ذكرت لـ (المنـار) بأن عملية تل أبيب، هي مرحلة هامة في مسيرة هبة القدس، وتفتح الابواب أمام أشكال جديدة من المواجهة، وتنفيذ عمليات نوعية صعبة داخل اسرائيل وضد أهدافها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتضيف الدوائر أنه ما لم تتصاعد المواجهة، وما لم تدفع اسرائيل ثمن احتلالها للأرض الفلسطينية، فان القوى والدول ذات التأثير رغم تباين مواقفها، لن تتحرك وتلتقي لايجاد حل سياسي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، كما حدث بالنسبة للملف السوري، والملف النووي الايراني، وهذه حقيقة لعل السلطة الفلسطينية تدركها، والتوقف عن بيع الأوهام عبر تصريحات بعض قادتها بأن موسكو وواشنطن ستأخذان على عاتقهما البحث عن تسوية للصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين، ما لم تكن في ساحة الصراع أجواء حطيرة تدفعهما للتلاقي على ضرورة البحث عن حلول تفاديا لهذه الأخطار، بمعنى أن استمرار هبة جيل الانتفاضة الثالثة ومواصلة تطورها ستضطر القوى الكبرى الى البحث عن حل، لأن استمراريتها سيعيد ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الى واجهة الأحداث، ويأخذ مكانه في سلم أولويات الملفات والأزمات في الساحة الدولية.
وتؤكد الدوائر أن العملية المؤلمة في تل أبيب، أسقطت كل الرهانات على اندثار هبة القدس، التي يقوم بها جيل الانتفاضة الثالثة.
الدوائر السياسية ذاتها ترى أن عملية تل أبيب المؤلمة والنوعية، خلطت الأوراق، وستدفع بعض الدول العربية التي تنسق مع اسرائيل تحركاتها السياسية بشأن ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وما يسمى بـ "المبادرة العربية للسلام" التي بحثها رئيس وزراء اسرائيل في موسكو مع الرئيس الروسي، بعد أن صاغتها تل أبيب والرياض من جديد، وبدعم من محور الاعتدال العربي.