2024-04-19 04:11 ص

الشقاق والانشقاق بين أهل النفاق .. أردوغان والثوار....

2016-06-19
بقلم: نارام سرجون
من كان يسمع الثورجيين وعنادهم في فترة السنوات السابقة كان يرى الغرور والصلف والعنجهية .. وكان أحدنا يتعجب وهم يقولون لنا ان ثورتهم هي ثورة الكرامة لأنهم سحقوا تحت اذلال المادة الثامنة وقانون الطوارئ والديكتاتورية والدولة البوليسية ..

 ولكن من براهم اليوم وهم يتوسلون ويشحذون ويستجدون بشكل مهين ومذل يعرف انهم لم يثوروا من أجل كرامة ولا حقوق انسان لأن من يتوسل بهذا الخضوع ويتهدج صوته ويتحشرج وهو يطلب الشفقة يعرف انهم لم يكونوا ثوار كرامة .. فمن ثار لكرامته لايهينها لا أول الثورة ولا آخرها ولايستجدي ولايتوسل حتى أمام حبل مشنقة .. ومن كان يستمع للثوار وهم يراهنون بسذاجة على أن بابا أردوغان سيخلع الحدود السورية كالقبضاي بيديه العاريتين كما خلع الامام علي باب خيبر وسيدخل دمشق كان يرثي لبلاهتهم وأحلامهم وأساطيرهم .. وأكثر المراثي كانت عندما وضعوا أبناءهم ونساءهم في الخيام التركية ليلتقط اردوغان الصور التذكارية معهم وهو يأكل معهم وتضحك عليهم ماما أمينة وهي تذرف الدموع كي تبيع الصور في العالم على أن تركيا تحمل عبء اللاجئين .. فيما ينفق اردوغان وحزبه الصور في حملاتهم الدعائية للبقاء في السلطة والترويج على أن تركيا صارت أم الأمة الاسلامية وحجر الرحى في معالجة آلام المسلمين ..رغم أن أطفال المخيمات صاروا بلا آباء لأن أردوغان أرسل آباءهم الى حرب عبثية ليقاتلوا عنه .. وصارت نسبة الأرامل مريعة وضحايا الجرائم الجنسية والاغتصابات لاتحصى .. ونسبة التعليم متدنية جدا .. وصار هناك جيل ضخم من التائهين والمشردين على أبواب المستقبل ..

سبحان مغير الأحوال .. منذ أن طرد داود اوغلو من منصبه وتركيا لم تعد تركيا .. واردوغان لم يعد اردوغان .. ولاشك أن القادم أعظم .. فالبطل أردوغان الذي كان يهز الحدود بصوته وبالكاد يمسك اعصابه .. صار صوته خفيضا .. وأكثر ماأذهل الثوار هو أن الرئيس الأسد الذي لم يلق بالا الى هدير السلطان خلف الحدود وهو يهز بوابات الشمال وكان يكتفي بالاشارة باحتقار اليه وباحتقار الى أخلاقه .. الرئيس الأسد قرر في خطابه الأخير في مجلس الشعب أن يضع السلطان أمام اختبار التحدي بعد أن لاعبه السياسيون السوريون ببراعة حتى أثخنته الهزائم والملفات العويصة التي فتحت له وصار متعبا منهكا مذهولا .. السلطان الذي كان يريد أن يقود الامة الاسلامية وجد نفسه ممسحة أحذية وأزعر .. ومعتوها .. ولكنه رغم هذا الاذلال والاهانات فان احدا لم يسمع صوته الذي تنخلع له القلوب وهو يعطي الأوامر للجيش الانكشاري للصلاة في الجامع الأموي .. وفضّل ان يبقى خلف الأبواب يحل الكلمات المتقاطعة .. ولم يرد بذريعة أنه كان مشغولا بسماع صوت تصفيق البرلمان الألماني وهو يبارك ادانة مجزرة الأرمن التي ارتكبها العثمانيون .. القبضاي بلع لسانه أمام اختبار الشجاعة الذي قدمه له الأسد وتصرف كما وصفه الأسد كأرعن جبان أو كممسحة خرساء ..

اليوم وجد اردوغان رئيس وزراء سيطلق عليه وزير المصالحات الدولية .. ومهمة بن علي يلدريم مستحيلة وشاقة لأنها ليست حلا لأزمة واحدة ولا اعادة مصالحة مع دولة واحدة بل هي اعادة مصالحة مع نصف الدنيا .. مع الروس ومع الايرانيين ومع العراقيين ومع اليونانيين ومع الأرمن ومع الكرد ومع السوريين ومع المصريين ومع الألمان ومع الاتحاد الأوروبي .. مهمة مستحيلة لايمكن انجازها الا برحيل اردوغان وليس اوغلو ..

لم يكن أحد من الاسلاميين يقبل أن تعاتب اردوغان على كل جرائمه في بلاد المسلمين .. فهو الأب وهو الأخ وهو الصديق وهو الأمل وهو الذي يزوج الأرامل ويكفل اليتامى وهو الذي يطعم ويكسو ويسكن ويستر العورات وينتقم للمظلومين .. وله صفات خارقة لاتعد ولاتحصى .. ولكن اردوغان لم يعد يهمه كل المديح ولا كل الغناء والتصفيق .. مايهمه أن ينجو بريشه وبقاربه المثقوب .. وهو بدأ برمي الأثقال الزائدة ويهرب كاللصوص بما خف حمله وغلا ثمنه ..

وأرخص الأشياء التي سيلقيها في البحر هي ... اللاجئون السوريون والثوار الاسلاميون .. وكل من يلوذ بتركيا .. وبدأ يلدريم رسائل المصالحة مع روسيا وأطنب في الثناء عليها وهي التي كان يقول اردوغان انها تقنل الشعب السوري وهو لن يسكت .. ثم أرسل يلدريم رساله غاية في الأهمية بأنه حريص على وحدة الاراضي السورية .. ووفق هذه الرسالة سقطت المناطق العازلة والآمنة والممرات الانسانية التي كان يريدها اردوغان كمشروعات تقسيم أولى لسورية .. كل هذا من أجل أن تسقط معها المنطقة الكردية التي تحرم اردوغان من النوم ويراها كوابيس توقظه مذعورا من النوم .. ثم خطا يلدريم خطوة أخرى وبدأ بالتضييق على السوريين الذين اعتمدوا عليه وأملوا في عدالته .. وبدأت القوانين التركية المتشددة بتشتيت عائلاتهم ومنعهم من الدخول بحرية الى تركيا وذلك من أجل أن يرغم السوريين اللاجئين في تركيا على الرحيل .. انه تضييق لطرد للسوريين في مراحله الأولى .. ويشبه أن يقوم صاحب البيت الذي استضاف أحدا وفرش له في غرفة أو في فناء الدار أو في السقيفة بأن يأخذ الفراش والأغطية والصحون ويتركه يفترش الأرض ويمنعه من دخول الحمام والمطبخ .. وفي مرحلة لاحقة سيقوده الى الباب ويرميه خارج البيت .. وان رفع صوته أحضر له رجال الشرطة ليجروه ويبعدوه ..

أردوغان بدأ يعي أنه في سباق مع الزمن .. وأن لاقوة في الأرض ستمنع الرئيس الأسد وشعبه من استرداد كل مااستولت عليه التنظيمات التي يسلحها أردوغان .. وأردوغان يدرك أن هذه التنظيمات مقبلة على حرب طاحنة مع جيوش روسيا وسورية وايران .. ولايمكن ايقاف الزحف الا بالاستعانة بالناتو .. والناتو في اجازة طويلة ..

السوريون من الاخوان المسلمين المجانين الذين أطنبوا في المديح لأردوغانهم وكانوا يشكرونه في القيام والقعود ويدعون له في بداية كل وجبة طعام وعقب كل صلاة صاروا يتذوقون الذل على أصوله على يدي أردوغان .. ويحسون أن كرامتهم ليست هما من هموم السلطان الذي كما حنث بعهده ونكث بوعده مع الجميع فانه وجد انه جاء الدور على الثوار والمعارضين السوريين كي يريهم قدرته على التنصل من الوعود والانقلاب على الأصدقاء والأهل وطعن من وثق به .. فهو خبير في الطعن بالظهر وتغيير الموقف والانتهازية .. فهذا الانقلابي المحتال انقلب على الرئيس الأسد والشعب السوري الذي اكرمه وسامح أجداده على جرائمهم .. ثم انقلب هذا المحتال على الأكراد وعلى أوجلان ثم على من وثق معه في حزب العدالة والتنمية وعلى فتح الله غولن وعبدالله غل وداود اوغلو .. وعلى اتفاقه مع الأتحاد الاوروبي .. واليوم ببساطه جاء الدور على المعارضين السوريين واللاجئين الذين لجؤوا اليه بسذاجة وصدقوه وصدقوا عنترياته .. وهو يناور اليوم في حلب ولكنه يدرك أنها آخر عهده بسورية ..

استمعوا في هذا المقطع الى قمة الجبل الجليدي عما يفعله أردوغان "الجديد" بالسوريين الذين صدقوه يوما .. واستمعوا الى ثوار الكرامة الذين فاض بهم الكيل من ممارسات الاتراك ولاحظوا كيف لم تعد لهم كرامة وهم يستجدون ويتوسلون ويشحذون من الرجل الذي كان يقول انه أبو الأمة وانه "لوعثرت شاة في أرض الشام لخاف أن يسأله الله عنها في يوم القيامة" .. اليوم الأغنام والأبقار تخور وتستجدي الخليفة فقط فيزا وملجأ وزيارة .. ولكن ما من مجيب ولايهم الخليفة ماسيسأله الله .. مايهمه أن ينجو بجلده وفروة رأسه من هذه المحنة التي بدأت تركيا بدخولها .. طبعا أبو بلال لن يعود كما كان .. القادم عليه أعظم .. مع معركة قادمة قاسية جدا عليه .. ولكن استمعوا الى هذه النبوءة .. وسجلوها:

سيأتي يوم قريب .. سيكون اردوغان - ان بقي أو رحل - عدو الاسلاميين والثوار والمعارضين .. وسيشتم على المنابر وفي المجالس من قبل نفس الأفواه التي لهجت بالثناء عليه .. وسيدعى عليه من نفس الأفواه التي أغدقت الدعاء له .. ليس لأن الرجل سيظهر على حقيقته بل لأن الثوار أيضا انتهازيون ومنافقون وسيظهرون على حقيقتهم .. وهم سيعرفون قريبا من هو اردوغان .. وهو سيعرف من هم هؤلاء الذين أدخلهم الى بلاده .. وقد غدروا بأهلهم ودولتهم التي حمتهم ورعتهم وأطعمتهم وجعلت لهم كرامة في العالم وهي تتحدى اميريكا وغطرستها في العراق .. وجعلت لهم قيمة في العالم وهي تكسر جبروت اسرائيل في جنوب لبنان التي لم يجرؤ على كسرها أحد في العالم .. ان اردوغان الغدار طعن الغدارين ببلادهم .. وهو سيتلقى نفس الطعنة منهم .. وسنشهد الانشقاق الكبير بين أهل النفاق .. ولكن بالنسبة لنا كما يقول المثل: ناب كلب في جلد خنزير .. أو انها حكاية اللص والكلاب .. بحذافيرها .. للأسف ..
عن موقع "سوريا الان"