2024-04-25 12:46 م

حوار الدوحة غطاء لتمرير اتفاق الهدنة والمصالحة باتت مستحيلة

2016-06-19
القدس/المنـار/ عندما وجهت مشيخة قطر دعوتها الى حركتي فتح وحماس لاستئناف حواراتهما لانهاء الانقسام، كانت قيادات من المشيخة تعقد لقاءات سرية في الدوحة مع قياديين من تنظيم جماعة الاخوان بينهم قياديان من حركة حماس بحضور مسؤول استخباري وآخر سياسي من تركيا، لبحث العرض الاخير الذي يعثت به اسرائيل الى كل من الدوحة وأنقرة والمتعلق بعقد اتفاق هدنة طويلة الأمد بين حماس واسرائيل، مرفقا بـ "ملاحق سرية" واثمان متبادلة، من بينها، تسليم الحركة لما بين يديها من محتجزين واشلاء، لم تنشر تفاصيل هذا الاحتجاز بعد.
وتقول مصادر خاصة لـ (المنـار) أن الدعوة القطرية لانهاء الانقسام جاءت للتغطية على تمرير اتفاق الهدنة، وقبل اتخاذ أية مصالحة، لأن انهاء الانقسام يفرض ظلالا على نجاح مساعي قطر وتركيا في تهدئة دائمة على الحدود الاسرائيلية الجنوبية حتى تتفرغ تل أبيب لمواجهة الأخطار التي تتهدد اسرائيل على الحدود الشمالية، حيث احتمالات اندلاع حرب جديدة واردة تماما، ومشيخة قطر بدعوتها للفصيلين الفلسطينيين لفتت الانظار الى دورها وتحركاتها تحقيقا لاغراض ومصالح وأهداف في مقدمتها، سحب الملف "المصالحة" من القاهرة، وتكريس الانقسام لا انهاؤه، وهذا ما اتضح وتبين، ففي اللحظة التي التقى فيها الوفدان حماس وفتح، تم تسريب بنود اتفاق الهدنة، وما اوردته قناة الجزيرة بالانكليزية ضد الرئيس محمود عباس قبل ساعات قليلة من اللقاء بين حاكم المشيخة والرئيس الفلسطيني بدعوة قطرية وجهها تميم بن حمد بنفسه وعبر الهاتف.
ويضيف المصدر أن مشيخة قطر وتركيا بتنسيق مع جماعة الاخوان وحركة حماس فرع منها، توصلتا وهما الوسيطتان الى صيغة اتفاق الهدنة بأثمان فلسطينية، هي في الدرجة الأولى تكريس حكم الاخوان لقطاع غزة، بمعنى آخر، استبعاد آخر أمل في امكانية انجاز مصالحة في الساحة الفلسطينية.
وترى المصادر أن حركة حماس التي يخضع قرارها لتعلميات جماعة الاخوان ومن تتحالف معهما قطر وتركيا، لن تقبل مصالحة تبعدها عن حكم القطاع فهي الموقع الذي سيطرت عليه قبل تسع سنوات، كموطىء قدم للجماعة، ولا يعقل حسب المصدر أن تتخلى عن هذا المكسب من وجهة نظرها، بل هي تأمل وتطمع في الزحف نحو الضفة الغربية مدعومة من الدوحة وأنقرة، وهذا ما نشهده حاليا، واسرائيل نفسها التي دفعت بعرض اتفاق الهدنة بعد اتصالات مطولة، غير معنية بانجاز المصالحة، بل عرقلة أية خطوات حقيقية جادة تهدف الى انهاء هذا الانقسام، ومشيخة قطر تلعب هذا الدور وتقوم به، وهي معنية بقلب المشهد السياسي الفلسطيني لصالح حركة حماس التي تعهدت بحفظ الأمن على الحدود الجنوبية لاسرائيل، ولقاء الرئيس عباس وتميم على افطار رمضاني، لا يعني ابدا أن العلاقة الفلسطينية القطرية على أحسن ما يرام، فالدوحة التي منيت بالفشل في سوريا، معنية بوضع يدها على الملف الفلسطيني بكل فصوله وجوانبه وحلقاته، تغطية لهذا الفشل المرير، الذي يبقي المشيخة في دائرة الصغار، غير قادرة رغم الأدوار الخيانية التي قامت وتقوم بها على دخول نادي الكبار، كغيرها من الدول الخليجية التي تدعم العصابات الارهابية، وتنفق من خزائنها المالية للوصول الى هذا النادي مغلق الابواب في وجوهها.
وتفيد المصادر أن حركة حماس قامت مؤخرا بتنفيذ ما طلبته منها مشيخة قطر، فوافقت على دعوة المجيء الى الدوحة، ايهاما وتضليلا وغطاء لحقيقة الاتصالات التي تجري بين حماس واسرائيل حول اتفاق الهدنة، فليس في وارد حماس انجاز مصالحة أو انهاء للانقسام، وهذا كان من المفترض أن تدركه حركة فتح التي سارعت قيادات منها للهبوط في عاصمة المشيخة، واعقب ذلك، زيارة قام بها الرئيس محمود عباس للقاء حاكم المشيخة تميم بن حمد.
وتؤكد المصادر أن الدعوة لحوارات الدوحة، لعبة قطرية بامتياز، جذبت القيادة القطرية انتباه الدوائر السياسية الى دورها وجهودها، لا أكثر ولا أقل، وسوف تشهد الأيام القليلة القادمة الاعلان عن اتفاق الهدنة بين حماس واسرائيل بترتيب بين قطر وتركيا من جهة وبين تل ابيب من جهة ثانية، اتفاق هدنة ستتجاوز مدته الخمسة عشر عاما مع صفقة لتبادل الاسرى من ضمن بنود الاتفاق المذكور وضبط كامل من جانب حماس للحدود، وقمع أية محاولة من جانب فصائل المقاومة لاطلاق القذائف الصاروخية عبر المنطقة الحدودية باتجاه اسرائيل اضافة الى ضبط حركة حماس لعناصرها وخلاياها في الضفة الغربية ومنعها من القيام وتنفيذ أية عمليات مسلحة ضد أهداف اسرائيلية، مقابل اقامة ميناء عائم تحت مراقبة الأمن الاسرائيلي، وهو اتفاق يمس بأمن مصر، وينجز بعيدا عن موافقة السلطة الفلسطينية واستشارتها، والاتفاق في حد ذاته يكرس الانقسام ويضع قطاع غزة على أول الطريق لاعلانه من جانب حركة حماس دولة قائمة بذاتها.
وأمام هذا التطور الواضح غير القابل للتشكيك والنفي، لا بد من اتخاذ موقف واضح جريء وفوري حاسم من جانب القيادة الفلسطينية اتجاه ما تقوم به مشيخة قطر وتركيا من تآمر على الشعب الفلسطيني وتدخل في الشأن الداخلي الذي يخصه وحده، وأن يصار الى وضع حركة حماس عند مسؤوليتها، وخطورة انخراطها في التحالف الاخواني القطري التركي، وما يمارسه هذا التحالف من تحركات مشبوهة هي في النهاية لصالح اسرائيل، فهل تتخذ القيادة الفلسطينية القرارات اللازمة التي يستدعيها هذا الموقف الخطير.