2024-04-24 06:16 ص

تذاكر عودة الإرهابيين بنسختها الأردنية...

2016-06-23
بقلم: علي قاسم
لن يكون بمقدور الأردن أن يحصي عدد تذاكر العودة التي سبق للإرهابيين بتلوناتهم المختلفة أن نالوها بعطاء سخي أو من دونه، حين كانت السلطات الأردنية متفرغة فقط لإحصاء ما اجتاز منهم الحدود باتجاه سورية،  ولن يكون بمقدوره أيضاً أن يحدث فرقاً يحول دون استخدامهم لما سبق للأردن أن تنازل عنه أو قدمه هبة في سبيل نيل رضا الأميركي وعطاء السعودي ومباركة الإسرائيلي، حتى لو استعان بالسياج الأميركي المقترح أو بالعون الإسرائيلي المعروض مسبقاً، أو بالريالات السعودية الموعودة.  فالإرهاب لم يعتد أن يكون بتذكرة منفردة، أو تأشيرة خروج باتجاه واحد لا تقبل الاستخدام المزدوج ذهاباً وإياباً، لأن التجربة التي أجازت له العبور حيناً هي ذاتها التي قد تكون عثرة أمام عودته، وهو ما احتاطت له التنظيمات الإرهابية، إذ البضاعة الأردنية ترد إلى سلطاته محملة بما يفيض عن حاجة العودة خالية الوفاض.  ولعل تراكم التفاصيل حول العملية الإرهابية المدانة في الأردن، يشير إلى ما هو أبعد بكثير من الحديث المكرور عن خطر الإرهاب وارتداده، وما يتعلق بهذا الجانب أو ما يتم تناقله عن مخاطر الإرهاب العابر للحدود، وهي الحقيقة التي بات يعرفها القاصي والداني، ويحاول أن يدّعي الأخذ بها الجميع ومن دون استثناء، وإن لم يقترن الفعل بذلك، بما فيه الأردن الذي كان لا يكتفي بما حققه من مناعة زائفة ضد الإرهاب، بل يراهن على شراكته التي لا يمكن أن تفلس مع مشغليه وداعميه ورعاته.  فالمسألة وإن لم ترتبط بتلك الجزئيات فإنها بحكم الضرورة تبدو ملزمة بالأخذ بالمعلومات المضافة إلى ما هو معروف، حول هوية المنفذين والآليات المستخدمة وما هو مصدرها بالأساس، إذ تتصدر قضية السيارة التي تم تنفيذ العملية بها، تلك التفاصيل مع إضافات هنا وهناك، وهي تعود بالأصل إلى عطايا الحكومة الأردنية ذاتها لمن تحتضنهم وتستضيفهم تحت يافطة المعارضة، بغض النظر عن فصول التصنيف المشبوه وأدواره ومشاهده المتباينة.  المحسوم في كل الحسابات أن الدور الأردني الرسمي لا يحتاج إلى كثير من النقاش، حتى لو خرج الخطاب الأردني من جلده، وهو ينفي علاقته بالتنظيمات الإرهابية أو عدم تقديم المساعدة لها أو توفير الأرض والمكان لخطط تلك التنظيمات، حيث بات الأردن باعترافه أو من دونه ساحة تختلط في جنباتها كل الاستخبارات المعروفة وغير المعروفة بما فيها الإسرائيلية.  فكل ذلك قد لا يفسر بعضاً من التفاصيل الواردة في سياق التسريب المتواصل عن العملية والإجراءات الحكومية الأردنية التي جاءت قاصرة، لكنها معبرة عن حالة الارتباك وتعكس إلى حد بعيد الوجه الآخر غير المنظور أو المعروف في سياق ردة الفعل، فقرار اعتبار الحدود مع سورية والعراق مناطق عسكرية مغلقة على سبيل المثال يتخطى في توقيته ومساحة التأخر بالاستجابة لمقتضياته كل ما يرتبط لاحقاً بما آلت إليه أوضاع المشهد وما يمليه من اعتبارات وما يراكمه من تداعيات.  هذا يشبه الحديث الأردني الرسمي تماماً الذي يحاول أن يحجب الحقيقة بغربال، حين ينفي أي دور وأي علاقة مع التنظيمات الإرهابية، في وقت تعشعش فيه بخلاياه النائمة والمستيقظة.. المعلنة منها أو تلك المضمرة، ويرمي توابعها بعيداً عن سياق المشهد، فهذه كتلك على الأقل بالصيغة الموضوعة، وكأن المسألة محصورة في الحدود، وأن الخطر قادم منها، أو هي فقط فيما ورد إلى الداخل الأردني أو يرد لاحقاً، ويتناسى حقيقة المشكلة وهي أن الأردن كان حقل تجارب متقدمة في خدمة وتوظيف الإرهاب، وهو من أنتج البيئة الخصبة لحضورهم، فالإرهاب في العادة لا يقطع تذكرة عبوره ذهاباً، بقدر ما يكون حريصاً على ضمان العودة وفي أغلب الأحيان قبل تذكرة الذهاب.  لا نريد للأردن أن يكون الحديقة الخلفية لتجارب الإرهاب ولا الجبهة الأمامية بالتأكيد، لكن ما زرعه في سنوات خمس مضت يصعب على غيره أن يقبل زرعه وربما يستحيل على سواه أن يزرعه وسط أذرع تمتد داخل وخارج سياق التداعيات، وترسم على خطوط الجبهة وخنادق التمترس الإرهابي خطوط عرض وطول متباينة ومختلفة وغير محسومة بات فيها الأردن سهلاً خصيباً وممتداً من دون نهايات، لكنه أيضاً من دون حدود حتى لو كانت بسياج أميركي يزنره بالأكاذيب والوعود المضللة، ومن دون عوامل حماية ضامنة حتى لو حضرت الأذرع الإسرائيلية، فالفارق لا يعدو كونه مجرد اختلاف في التوقيت لم تحن الساحة الأردنية بعد لاستيعاب إيقاعه ولا هي مهيأة أصلاً لضبط هزاته المستعجلة..!!.
عن صحيفة "الثورة" السورية