2024-03-28 02:47 م

عماد خميس رئيساً للحكومة... بين الأزمة الداخلية والمعارضة الخارجية

2016-06-25
بقلم: الدكتور محمد بكر
بعيداً من شخص السيد عماد خميس وزير الكهرباء الأسبق في حكومة الدكتور وائل الحلقي فنحن هنا لا نتحدث عن أشخاص بعينهم، بل عن منهج عمل صاغته الحكومات السورية المتعاقبة، وكان كفيلاً باستيلاد سخط الشعب السوري الصامد والمكتوي بنيران وتداعيات الحرب القذرة الظالمة المشنة عليه وعلى دولته على مدى أكثر من خمس سنوات، وعليه فإننا سنستبق الأمور ولن ننتظر الأسماء التي سيتم التوافق عليها لصياغة قائمة الوزراء الجدد، لنقول: إن تعيين السيد خميس لن يكون مرضياً للشارع السوري، كما نجزم أن تغييراً جذرياً لن يحدث في سياسة عمل الحكومة الجديدة، وأنا شخصياً أراهن أن جل الأسماء التي سيتم طرحها هي ممن تبوؤا مناصب متعددة في مفاصل الدولة أو من بين الأسماء المتكررة ربما، بمعنى استمرار ذات العقلية الادارية المقيتة في إدارة شؤون البلاد والمواطنين، اللهم باستثناء بعض الأسماء التي قد تُمنح حقائب وزارية ثانوية إرضاءً للأحزاب المشكلة خلال الأزمة عبر قانون الأحزاب. كنا نأمل أن تصدق الاشاعات التي تناقلت اسم السيد فارس الشهابي كرئيس جديد للحكومة، لنتلمس تغييراً كان ممكن حدوثه في المنظومة الادارية كونه من الوجوه الشابة المعارضة بشدة لسياسة وأداء حكومة الحلقي، وكونه من الوجوه الجديدة التي لم تتبوأ منصباً إدارياً حكومياً. عند إعادة تكليف السيد الحلقي في العام 2014، ركز الرئيس الأسد خلال اجتماعه حينها بالحكومة الجديدة على نقطتين هامتين لم تُطبقا حينها خلال فترة حكومة الحلقي وهما كسب ثقة المواطن واحترام عقله وكرامته، والثانية مكافحة الفساد الذي زاد واستشرى لمستويات غير مسبوقة أوصلت البلاد والعباد إلى الحال التي وصلت إليها، هاتان النقطتان التي إن لم تُمسا ونعتقد على المستوى الشخصي أنهما لن تُمسا لجهة غياب الإرادة ومنظومات العمل والمحاسبة الحقيقية التي تفرد ملفات الفساد على دفتيها للوصول إلى الجذور واتباع سياسة التقليم،، فقط هنا أو هناك وغياب مبدأ الاقتلاع النهائي، وتالياً فإن إهمال هاتين النقطتين سيصيب أي حكومة بالفشل الذريع وتبقى المراوحة في المكان سيدة الموقف. سياسياً: كان لتكليف السيد خميس رسالة سياسية واضحة لخصوم دمشق وتحديداً للمعارضة السورية، تماماً كرسالة الانتخابات التشريعية التي أدارت فيها الدولة السورية الظهر لكل مايجري من مفاوضات الحل السياسي في جنيف، فكما هو معروف أن السيد خميس كان من بين أعضاء القيادة القطرية لحزب البعث وتالياً فإن تكليفه يؤكد مدى اليد الطولى للحزب في إثبات حضوره وهيبته كقائد للدولة والمجتمع، لجهة نسف كل ماقيل عن احتمال تكليف شخصية معارضة كخطوة على طريق الحل السياسي. نأمل أن نكون مخطئين في حكمنا المسبق على حكومة السيد خميس لأننا نتمنى كل الخير للشعب السوري العظيم الذي يستحق حكومات تعمل أولاً وأخيراً لمصلحته،  كما نأمل أن لا يتكاثر المنهج ذاته في أداء الحكومة الجديدة، وتالياً الوجع ذاته،  وأن نرى أسماء شابة كانت مهمشة لكن صاحبة كفاءة وسمعة حسنة وما أكثرهم، يتاح العمل لها بحرية دون تقييد لأن ذلك يعد الأساس في تمتين البيت الداخلي الذي لو كان متماسكاً لما وصلت سورية لما وصلت إليه تماماً كما أعلن الرئيس الأسد في خطابه الأخير أمام مجلس الشعب. الحكومة الجديدة على محك التضحيات وآلام الثكالى وجراح لا تنفك نزفاً وقيحاً هي بأمس الحاجة لإجراءات علاجية جذرية، لا إجراءات اسعافية ستزيد من تصدعات البيت الداخلي والتي لايعلم أحد عقباها ومآلاتها لكنها بالتأكيد لن تكون محمودة.
كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com