2024-04-19 03:59 م

عندما تكون الشعوب هي حقا صاحبة السلطة

2016-06-27
بقلم: أنور العقرباوي 
جاء الإستفتاء على خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي, بعد حملة حشد واسعة بين المؤيدين والمعارضين, لبقاء بريطانيا من عدمه داخل الإتحاد, استمرت أربعة شهور, دفع البعض حياتهم من أجل البقاء فيه! المؤيدون لمغادرة بريطانيا للإتحاد الأوروبي, تعتبر كلفة العضوية في الإتحاد هو سبب كاف لانفصال بريطانيا عن أوروبا, معتبرة أنه يمكن أن تتم إعادة استثمار هذه الأموال في الاقتصاد البريطاني. كما أنهم لا يكفون عن الإشارة للهجرة, اللتي من منظورهم تشكل المشكلة الأكبر اللتي تواجه المجتمع البريطاني, إن لم تكن السبب الرئيسي للانقسام, حيث يبررون أن قوانين الإتحاد الأوروبي, هي السبب الرئيسي في تدفق المهاجرين إلى بريطانيا, اللذين يشكلون عبئا ماديا على الخدمات العامة كالتعليم والصحة! المناصرون للبقاء في الإتحاد الأوروبي, يرون أن الخروج من الإتحاد يعني بداية تفتيت بريطانيا نفسها و انفصال أيرلندا الشمالية و اسكتلندا وبداية انهيار انجلترا. وهم لا يبرحون عن التذكير على أن التجارة الحرة مع أوروبا وما يستتبعها من زيادة في الوظائف و الاستثمارات تكفي لتبرير بقائهم في الإتحاد وتعويض كلفة العضوية. كذلك فإنهم لا يخفون تخوفهم من احتمالية خسارتهم أسواقا تصديرية أساسية إذا تخلت عن عضويتها! يشار إلى أن نتيجة الإقتراع, اللتي انتهت إلى التصويت لصالح الانفصال, إلى أنها غير ملزمة, إذ أن البرلمان البريطاني غير مطالب قانونيا بالتقيد بنتيجة الإستفتاء, إلا أن تعهد رئيس الحكومة البريطانية مسبقا, بالإلتزام بنتيجة الإقتراع, سيفوت الفرصة على أصحاب النفوذ السياسي من تقويضه على إثر نتائجه الواضحة. الآثار المباشرة لهذا التحول, سبقت حتى الإعلان الرسمي عن النتائج النهائية, وظهرت جليا في إنخفاض قيمة الباوند, و اضطرابات واضحة في أسواق البورصة العالمية, وأخيرا بإعلان ديفيد كاميرون عن تنحيه عن منصبه, لإفساح الفرصة لخلفه, للتفكير في الاستراتيجية اللتي يجب انتهاجها لمغادرة بريطانيا للإتحاد, واللتي ستستغرق عامين قابلة للتمديد, دون أن تغير النتيجة شيئا من الناحية الواقعية على عضويتها في هذه الأثناء. يبقى الشيء اللذي لا بد أن نخلص إليه, وهو أنه إذا كان الشعب حقيقة هو صاحب السلطات وصاحب التفويض في تقرير مصيره و مستقبله, فإنه لن يضير الحاكم أن يضع نفسه في صفوف ما يريده ويعانيه المواطن العادي, للسيطرة على ما يجري داخل بلده و على حدوده, عوضا عن تزييف حقيقة الواقع, لتزداد الهوة في الاتساع, بدل أن يضيق الفجوة في انحسار الثقة بينه وبين أصحاب المصلحة الحقيقيين!