2024-03-29 03:32 م

السعودية واللعب بالنار مع ايران

2016-07-15
احمد شعيتو
تواصل السعودية اللعب على طريقة حافة الهاوية مع ايران، لكن ما وصلت اليه الامور في الايام الماضية كان اكثر حساسية، فيما الجمهورية الاسلامية تمارس ضبط النفس رغم تكرر الاحداث والحملات الاستفزازية وسياسة الاتهامات المتجنية. تتهم ايران السعودية مرارا بتاجيج المشاكل في المنطقة ودعم جماعات الارهاب. وصحيح ان الامور مسدودة بين الطرفين جراء تصادم  في اكثر من ملف خلافي واحداث جرت مثل حادث منى واحداث ما بعد اعدام الشيخ النمر، لكن ان تصل الامور الى حد دعوة صريحة لاسقاط النظام او اعلان دعم جماعات تهز الاستقرار في الداخل الايراني فهذا يعني لدى الايرانيين ان السعودية تخطت كل الحدود وتستغل ضبط النفس والحكمة لدى ايران في عدم اشعال صراعات لا يستفيد منها الا العدو.
وصول الامور لهذا الحد يعني تجاوزا خطيرا ، ينم إما عن جهل بالخطورة أو في سياق سياسات مرسومة، ولاحظنا قوة الرد الايرانية بما يحمل رسائل مباشرة تحذر من اللعب بالنار مع ايران في موضوع التدخل بالشؤون الداخلية وهز الاستقرار. ما حصل جعل عدة مسؤولين ايرانيين يطلقون تهديدات قوية ومباشرة ضد السعودية هي الاولى من نوعها على الاطلاق، فإطلاق مسؤول رفيع ايراني موقفا متقدما قويا تجاه السعودية يظهر حجم ما وصلت اليه الامور خاصة بعد اجتماع تركي الفيصل مع معارضين وترويجه لدعوات لإسقاط النظام الايراني، اذ ان قول أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران اللواء محسن رضائي “أننا لا نغضب بسرعة، لكن إذا غضبنا سنمحي النظام السعودي من الوجود”، يعني رسالة شديدة اللهجة تجاه الرياض.

جاء رد في الساعات الماضية من وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ، الذي قال بدوره  ان مشاركة الرئيس الاسبق للاستخبارات السعودية تركي الفيصل في اجتماع زمرة خلق الارهابية بباريس، دليل على عدم كفاءة هكذا اشخاص تربط مستقبلها بالمجموعات الارهابية كصدام البائد.
“خطأ الرياض الإستراتيجي هو في استخدام الإرهاب في تطوّرات المنطقة ، ذلك سيكبّد الرياض وسيكبّدنا جميعاً أضراراً لا تعوّض” ، هكذا حذر مساعد وزير الخارجية الايراني السابق حسين امير عبداللهيان في تنبيه للسعودية من ان سياساتها قد ترتد سلبا عليها، واليوم ايضا ندد عبد اللهيان بدور السعودية التخريبي في سوريا معتبرا ان تصرفات الرياض في المنطقة تخدم اطماع الكيان الصهيوني فقط.

وكالة انباء الجمهورية الاسلامية ارنا ردت على الرياض ايضا فكتبت تحت عنوان “صبية آل سعود يلعبون بالنار"، يواصل بعض امراء آل سعود لعبة في غاية الخطورة ، اما جهلا بخطورتها ، او اعتمادا على حماية السيد الامريکي ، بينما من الواضح ان دفع الامور مع ايران الى طريق مسدود ، لن يکون في صالح اي بلد من بلدان المنطقة وفي مقدمتها مملکتهم.  تمادي بعض امراء آل سعود ، وخاصة ترکي الفيصل ، الذي تجاوز کل الخطوط الحمراء ، في علاقة بلاده مع ايران ، عندما ظهر علنا وهو يتبنى زمرة ‘مجاهدي خلق’ الارهابية ، کورقة ضغط يستخدمها ضد ايران. تضيف الوكالة “اولا وقبل کل شيء على العقلاء من امراء ال سعود ، ان يقنعوا اخوانهم وبناء عمومتهم من الذين يقدمون انفسهم کصقور ، واصحاب الحلول العسکرية والصدامية و ‘الحزم والعزم’ ، بأن يکفوا عن القيام بهذا الدور الذي من المؤکد سيرتد کوارث على آل سعود جميعهم ، فزمرة المنافقين الارهابية عجزت من ان تنال من الجمهورية الاسلامية في ايران ، في الوقت الذي کانت هذه الزمرة في عصرها الذهبي وکانت تتلقى من امريکا والغرب والاتحاد السوفياتي السابق والطاغية صدام ،کل الدعم المالي والاعلامي والسياسي والاستخباراتي والعسکري ، فکانت تمتلک الدبابات والمدفعية والاسلحة الثقيلة ، في وقت لم تمتلک فيه الجمهورية الاسلامية الفتية ، جيشا ومشغولة في الدفاع عن نفسها في حرب ظالمة فرضها الطاغية صدام على الشعب الايراني على  مدى ثماني سنوات ، بتحريض ودعم من الشرق والغرب والرجعية العربية. ان الظهور بمظهر المتبني لزمرة المنافقين الارهابية من قبل ترکي الفيصل ، يکشف حالة التخبط والعجز الذي تعيشه السعودية ، في التعامل مع ايران والتطورات التي تشهدها المنطقة”.  يقول تقرير ل “بي بي سي” تحت عنوان هل هناك دعم سعودي للمعارضة الايرانية؟ ان “مشاركة رئيس جهاز الاستخبارات السعودية الأسبق، الأمير تركي الفيصل، في المؤتمر السنوي لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة- يوم السبت التاسع من تموز/يوليو في العاصمة الفرنسية باريس- وكأنه صب مزيدا من الزيت على نار الخلاف الإقليمي المشتعل بين طهران والرياض”. “ويشير مراقبون  إلى أن الخطوة الأخيرة التي قام بها الأمير تركي الفيصل بمشاركته في مؤتمر “منظمة مجاهدي” خلق المعارضة ستزيد الصراع اشتعالا بين الرياض وطهران في وقت تحتاج فيه المنطقة إلى التهدئة للخروج من دائرة العنف التي تجتاحه” كما قال تقرير بي بي سي.  لقد جاء حضور تركي الفيصل مؤتمرا لمعارضين تتهمهم ايران بالارهاب ودعوته الصريحة الى العمل لاسقاط النظام امرا بالغ الاستفزاز بالشكل والمضمون. فبالشكل استخدم الفيصل تعابير حساسة وقاسية وتناول رموز الشعب الايراني بحملة كلامية، وبالمضمون هو يدعم علنا جماعات متهمة بهز الاستقرار في ايران، فيبدو ان السعودية تصر على خطواتها الاستفزازية ضد ايران وصولا الى دعم علني لجماعة معارضة ايرانية ، ولو ان ايران فعلت مثل ذلك تجاه السعودية لكانت قامت قيامة السعودية ولم تقعد كما يقال ودعت لاجتماع عاجل لكل المجالس في العالم من مجلس التعاون الى مجلس الامن وما بينهما.  لم تكتف السعودية بحضور هذا المؤتمر واطلاق مواقف استفزازية بل ساقت بعدها تصريحات اضافية ضد ايران، كما يلاحَظ تصعيد الحملة الاعلامية التشويهية ضد ايران. في هذا السياق يتهم احد الكتاب السعوديين ايران باثارة الفتنة وزعزعة الأمن في السعودية والبحرين والكويت،  والطريف انه في تعداده “لجرائم ايران” في المنطقة وفي السعودية يذكر حادثة منى! وفي اطار حملة التشويه قال الامين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات في السعودية اليوم ان إيران تستهدف تدمير المجتمع السعودي بواسطة المخدرات. كما جاءت مقالات في صحف سعودية خلال الساعات الماضية تثير الحديث عن واقع وهمي غير موجود ويدّعي بعضها ان وضع إيران بات “على كفّ عفريت”، وتقول ان “التحركّات الداخلية تتصاعد كأن البلد سينفجر”، وذلك في سياق تهويلي مضلل.
المصدر: المنار اللبنانية