2024-04-20 01:14 م

«النصرة» بجلباب الغرب

2016-07-28
بقلم: علي قاسم
يشتد اللغط الغربي والإقليمي حول مآل عملية تحديد التنظيمات الإرهابية، والذي بات مادة نفاق سياسي. والذي يُراد أن يكون بيدر حصاده تعويذة أميركية إضافية، مفادها تغيير الجلباب السياسي للإرهاب،
بحيث تجتر فيها المنظومة السياسية الغربية وأدواتها في المنطقة ردحاً من الزمن. يمكن التعويل عليه لتقويض الجهود الفعلية في مكافحة الإرهاب، وفي الحدّ الأدنى بعثرة المعطيات الميدانية، وفتح ثغرة في جدار حالة اليأس والإحباط التي تتفشى وسط التنظيمات الإرهابية، سواء كانت طبق الأصل أم مستنسخة.
فالعبث السياسي الذي يُراد له أن يكون المنبر الوحيد القادر على التعاطي مع طلاسم النفاق الغربي يتلاعب في المفردات والمصطلحات، وحتى الأفكار، حين يحصر معضلته مع النصرة بفك الارتباط مع القاعدة، وكل ما عدا ذلك يمكن التفاهم عليه أو التباحث حوله. وكل جرائم النصرة ووجودها وإرهابها وحضورها يُراد اختصارها بكلمة سر واحدة فيصبح رعاتها ومموّلوها وحُماتها في حِلٍّ من أي حرج سياسي، وما مضى منها أو ما هو قادم يصلح كمقدمة للمحاججة السياسية في رحلة النفاق المزدوج.
المهزلة الكبرى أن هناك -في المنطقة وفي خارجها أيضاً- من يراهن على أنه الحل السحري المنتظر، وأنه سيكون بداية المنعطف الذي طال التعويل عليه في تبييض صفحة التنظيمات الإرهابية، لتكون المعضلة ببساطة شديدة فقط في التسمية أو الارتباط النظري، بحيث تصبح جبهة النصرة الذراع العسكري للقاعدة في بلاد الشام بحلّتها الجديدة جبهة تبييض الدور الوظيفي المشبوه، فالتاريخ لا يهم وما قبله لا يهم، وفك الارتباط يكفي لتبييض ما هو أسود إلى حدّ القتامة، في محاولة لجعله خالياً من أي شوائب وكل من يعترض فهو متجنّ وقد يكون مشبوهاً ومعادياً للسامية أيضاً إن شئتم..!!
فالحجم الهائل من التحليلات في الصحافة الغربية، وجزء كبير من الإقليمية والمساحات الممنوحة باتساعها، وهي تستفيض في الشرح والتفسير والاستنتاج حول الخطوة وما يمكن أن يترتب عليها تطلق «بروباغندا» واضحة الأبعاد إلى الحدّ الذي باتت فيه المسألة أبعد من خطوة التفافية من أجل إنتاج سياق مواز يأخذ النقاش الدولي حول مكافحة الإرهاب إلى موضع آخر وخندق آخر، بحيث يكون الهَمّ والاهتمام هل انفصلت النصرة أم لم تنفصل، في مهزلة سياسية تُشبع المنطق الذي ينتجها والخطاب الذي يسوّقها.
في المحصلة نحن أمام سيل من التسويف السياسي والإعلامي والدبلوماسي، وطيف من الأحجيات التي تريد أن تصادر العقل والمنطق وأن تقلب المعادلات السياسية رأساً على عقب، بحيث إن الإرهاب المرفوض في لائحة الغرب يُستبدل جلبابه الأسود ليغدو بنسخة غربية أشدَّ اسوداداً من سابقاتها. والأدهى أنها البضاعة التي يريد الغرب أن يتاجر بها وأن يبازر على حساب الواقع والمعطيات والحقائق وصولاً إلى التدحرج السياسي نحو تنصيب «النصرة» أنموذجاً لخيارات الغرب بعد أن نفقت بضاعته من النسخ السابقة والمشتقات المدرجة عليها.
لن ندخل من جديد في توريث الوقائع لتكون على شاكلة المشتقات الإرهابية المستنسخة التي تريد الترويج لبضاعة كاسدة أضاع الغرب عقوداً في تلميع صورها المختلفة أو نسخها المتعددة، ولن نكون طرفاً في جدلية العلاقة والجذر والأساس الذي تتورّم فيه بقايا أصابع الغرب على مقصلة الكذب والنفاق والتسويف الطويل، بل في المقاربة التي يحتاجها الخطاب الدولي، وربما افتتحتها الدبلوماسية الروسية بكلمات الوزير لافروف، وتحتاج إلى انفراج الزاوية التي تقف فيها لتشمل أيضاً فضح النفاق الغربي بكل أشكاله ونماذجه، بما فيه المحمول على خطاب ظلامي يوغل بصفاقته.
وهي مقاربة تبدو جديرة بالتوقف والتمعن وأكثر ضرورة في سياق التصدي للحركة الالتفافية التي تنطق بفائض المماحكة التي يمارسها الغرب لتبييض صفحته المتخمة بإرهابه الأسود، يتشارك مسؤولية وجوده ويستميت من أجل المتاجرة ببضاعته الكاسدة، حيث الفارق لم يعد بما ينضح به الإناء الغربي، بقدر ما هو في ما يحتويه من بقايا إرث العلاقة مع الإرهاب ومنتجاته، بأسمائها التجارية أو السياسية، حيث أميركا وأدواتها التي تتشارك غنائم إرث تنظيمات تتبدل حسب المناخ تتقاسم مع حلفائها الغرق بما يرتد من إرهابها..!!
صحيفة الثورة - سورية