2024-04-18 11:35 م

تركيا تغازل الرئيس الأسد من جديد... وتسرع الخطى للتطبيع معه

2016-08-20
كتب الدكتور خيام محمد الزعبي
بدأت الأوراق تختلط في المنطقة بشكل كامل، وبدأنا نرى مرحلة جديدة وحساسة من تبدل التحالفات وتغير الأهداف والأولويات، فخطوط الإتصالات الروسية الإيرانية التركية تزداد فعالية هذه المرحلة، ومن غير المستبعد ان تتمخض هذه اللقاءات والإتصالات السرية والعلنية عن مفاجأة كبيرة ليس على صعيد حدوث إختراق في المصالح الإقتصادية الكبرى بين هذه الدول، وإنما أيضاً على صعيد الأزمة السورية، خاصة بعد أن لمح رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم، إلى إمكانية أن تتعامل تركيا مع الرئيس الأسد بإعتباره جزءاً من الحل في الأزمة السورية، وكشف يلديريم للصحافيين عن رغبة بلاده في لعب دور أكبر لحل أزمة سورية خلال الأشهر الستة المقبلة، قائلاً " إن الأسد هو أحد الفاعلين في النزاع ويمكن الحوار معه أن يساعد في الحل". زيارة الرئيس التركي أردوغان الى إيران هذا الأسبوع، بعد زيارة روسيا التي نجم عنها الإتفاق على إيجاد حلول للأزمة السورية، تؤشر على إن السياسة التركية تعيد تموضعها في المنطقة، وتؤكد أن أردوغان أمام تحولات عاصفة، حيث تعهدت تركيا لدى إستقبال وزير الخارجية الإيراني، التعاون مع إيران، لإيجاد حل للحرب في سورية، على رغم الإختلافات الجوهرية في مواقف البلدين اللذين يدعمان فريقين متعارضين، حيث أعرب يلدريم، عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى حل سياسي في سورية، بمشاركة اللاعبين الإقليميين، موضحاً أن "ذلك ممكن بعد التغييرات التي عملت عليها أنقرة في السياسة الخارجية، لناحية إعادة تطبيع العلاقات مع روسيا، وكذلك التقارب مع إيران، حيث أكد على ان بلاده ستعمل مع إيران على حل الازمة السورية، واقترح يلدريم، خارطة طريق، تقوم على مبدأ حل الصراع بالتعاون بين اللاعبين الإقليميين، وتعتمد على عدة محاور رئيسية، وهي الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وعدم السماح لحزب الاتحاد الديمقراطي بإقامة مشروعه الفيدرالي، فضلاً عن إعادة تشكيل الدولة السورية على أن لا تستند إلى أية بنية مذهبية أو مناطقية، وعودة اللاجئين المقيمين في دول الجوار إلى بلدهم بعد تحقيق الحل النهائي، وقد كان واضحاً يلدريم بإعلانه أن هدف تركيا وإيران هو وقف الإقتتال في سورية والمنطقة، وهذا يعني، أن أنقرة مستعدة للإنقلاب على تحالفها مع الرياض وأمريكا وحلف الناتو لسحق الإرهاب وإحلال السلام في المنطقة، ما دامت هي من تتحكم في ورقة الإرهاب. هذا التحول في موقف أنقرة تجاه الأزمة السورية الذي تتبلور دلالاته الآن، يعود بالدرجة الأولى الى إعتماد أمريكا الأكراد كحليف إستراتيجي، والتقدم الكبير الذي حققته قوات سورية الديمقراطية في شمال غرب سورية، ونجاحها في السيطرة على مدينة منبج، وطرد داعش وأخواتها منها بعد معارك شرسة، ومخاوف تركيا من ربط مدينة منبج، بمدينة عفرين، واقامة منطقة حكم ذاتي كردي على حدودها، خاصة إن تركيا تعارض إقامة أي كيان كردي في شمالي سورية، كونه يعزز موقف حزب العمال الكردستاني الذي يخوض حرباً ضد الحكومة التركية منذ عدة سنوات ، كما يمثل هذا التحول في الموقف إنقلاباً واضحاً عن موقف كل من السعودية وقطر وحلفاؤهم كونهما يعتبران من أهم داعمي المعارضة المسلحة السورية، وفي الوقت نفسه يمثل إقتراباً من موقفي كل من روسيا وإيران اللتين تؤكدان منذ بداية الأزمة السورية على أن مصير الرئيس الأسد سيقرره السوريون وحدهم. على صعيد متصل إن التسوية للأزمة السورية وفق الشروط والتفاهمات الإيرانية التركية، وبمباركة روسية، باتت اقرب من أي وقت مضى، فحديث نعمان كورتولموش نائب رئيس الوزراء التركي بانه حان الوقت لانتهاء "الحرب بالوكالة" في سورية، يعني وقف دعم المعارضة السورية المسلحة والقوى المتطرفة الأخرى، وإغلاق الحدود التركية في وجه أي دعم عسكري ومالي لها، وإن نشر روسيا قاذفات إستراتيجية في قاعدة "همدان" الإيرانية سيكسبها موقع أكثر قوة من السابق، حيث تشن هذه الطائرات غارات مستمرة على القوى المتطرفة وأخواتها في حلب والمناطق المجاورة، لذلك فإن الوجود الروسي العسكري في إيران والتنسيق الإيراني الروسي في سورية وتحول تركيا ومراجعتها الجذرية لسياساتها في سورية سيترك معظم الدول الغربية وحلفاؤها في موقف ضعيف وسيجردها من أي أوراق قد تلعبها في المستقبل، كون تركيا هي المنفذ الوحيد للدعم الخارجي للمعارضة المسلحة في الشمال، وفي الاتجاه الآخر إن إعلان البنتاغون عن إرسال مقاتلات لحماية القوات الكردية قرب مدينة الحسكة، جاء رداً على التفاهمات التركية الايرانية الروسية ضد الأكراد، بالإضافة الى إتفاقهما على إيجاد حل للأزمة السورية . مجملاً.... إن الإستدارة التركية الجديدة نحو سورية، تحمل في طياتها مشروع تحالف جديد يقتصر على القوى الإقليمية الكبرى "إيران وروسيا وتركيا" لإدارة شؤون المنطقة وضمان أمنهما الإقليمي، هذا سيؤدي الى قلب الطاولة على أعداء سورية، فالقراءات السياسية تقول أن اردوغان يتخبط ويغرق في المستنقع السوري، وان إقترابه من المعسكر الإيراني السوري الروسي، سيؤدي الى حل مشاكل كثيرة في بلاده، كما ان تركيا مقبلة بشكل أساسي على تغيرات حاسمة وعميقة تجاه الأزمة السورية، خاصة بعد إنسداد الأفق لديها للخروج من مأزقها الذي وضعه أردوغان في وجهها، وإنطلاقاً من كل ذلك، يجب على تركيا إعادة النظرة في الرهانات السياسية الخاطئة قبل فوات الأوان، وفي تقديري أن الأسابيع القادمة ستشهد تدويراً للكثير من الزوايا والقضايا في مجمل العلاقات الدولية، والأيام المقبلة وحدها ستجيب عن ذلك.