2024-04-25 06:57 م

عشقي في أحضان معشوقته إسرائيل

2016-08-21
بقلم: محمد توتونجي
بالرغم من كل مزاعم كيان آل سعود بأن زيارة عشقي ومجموعة من " رجال الأعمال " السعوديين إلى الأراضي المحتلة في فلسطين هي مبادرات غير رسمية ، فإن ضابط المخابرات السابق في كيان آل سعود المدعو أنور عشقي ، يعلن أنه سيزور مجدداً فلسطين المحتلة ويجري لقاءات مع رجال في الكيان الصهيوني تحت شعارات حوارات ولقاءات داعماً توجهه هذا بأنه لا يتناقض أبداً مع روحية ومبادئ مباردة السلام العربية التي أطلقها الأمير عبد الله بن عبد العزيز عندما كان ولياً للعهد في فترة حكم الملك السابق للكيان السعودي فهد بن عبد العزيز. هذه المبادرة يمكن تسميتها باتفاقية " كامب دايفيد 2 " لأنها تعلن استسلام العرب كاملاً للكيان الصهيوني بعد استرجاع جزءٍ من أراضيهم المحتلة والاعتراف الكامل بالكيان الصهيوني ، وإنهاء الصراع العربي الصهيوني بشكل نهائي. وعند قراءة نص هذه المبادرة يمكننا أن ندرك تماماً محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني من قبل كيان آل سعود منذ تلك الفترة ، وبطريقة خبيثة عبر إقراره في مجلس جامعة الدول العربية لرفع العتب والحرج عن كيان آل سعود وحكومات الملكيات ومشايخ وأمراء الأعراب. وفيما يلي نعرض النص الكامل لبيان اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة الرابعة عشر في بيروت ، لبنان آذار 2002 ، التي أقرت فيه هذه المبادرة ، لنناقش بعض النقاط لاحقاً: المبادرة العربية للسلام مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة المنعقد في دورته الرابعة عشرة ، إذ يؤكد ما أقره مؤتمر القمة العربي غير العادي في القاهرة في حزيران/يونيو 1996 من أن السلام العادل والشامل خيار استراتيجي للدول العربية يتحقق في ظل الشرعية الدولية، ويستوجب التزاما مقابلا تؤكده إسرائيل في هذا الصدد. وبعد أن استمع إلى كلمة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز، ولي عهد المملكة العربية السعودية، التي أعلن من خلالها مبادرته داعيا إلى انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، تنفيذا لقراري مجلس الأمن (242 و338) واللذين عززتهما قرارات مؤتمر مدريد عام 1991 ومبدأ الأرض مقابل السلام، وإلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية. وذلك مقابل قيام الدول العربية بإنشاء علاقات طبيعية في إطار سلام شامل مع إسرائيل وانطلاقا من اقتناع الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الأطراف : 1. يطلب المجلس من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها، وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضا. 2. كما يطالبها القيام بما يلي: أ. الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان. ب. التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194. ج. قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو (حزيران) في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية. 3. عندئذ تقوم الدول العربية بما يلي: أ. اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة. ب. إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل. 4. ضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافى والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة. 5. يدعو المجلس حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعا إلى قبول هذه المبادرة المبينة أعلاه حماية لفرص السلام وحقناً للدماء، بما يمكن الدول العربية وإسرائيل من العيش في سلام جنبا إلى جنب، ويوفر للأجيال القادمة مستقبلا آمنا يسوده الرخاء والاستقرار. 6. يدعو المجلس المجتمع الدولي بكل دوله ومنظماته إلى دعم هذه المبادرة. 7. يطلب المجلس من رئاسته تشكيل لجنة خاصة من عدد من الدول الأعضاء المعنية والأمين العام لإجراء الاتصالات اللازمة بهذه المبادرة والعمل على تاكيد دعمها على كافة المستويات وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والولايات المتحدة والاتحاد الروسي والدول الإسلامية والاتحاد الأوروبي. من الفقرة 3/ب والتي تقر بإنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل ، نجد أن عشقي ليس بكاذب عندما قال أن زياراته للكيان الصهيوني ولقائه مع ضباط ورجال المخابرات الإسرائيلية لا تتناقض مع روحية مبادرة ابن عبد العزيز ونصها ومضمونها ، ولكن: نذكر عشقي وسيده السابق تركي الفيصل الرئيس الأسبق لجهاز مخابرات كيان آل سعود بأن لا البند الأول من المبادرة ولا البند الثاني بفقراته ( أ / ب / ج ) والتي تعد الشرط الأساسي لتطبيق الفقرة الثالثة (أ / ب) ، قد تمت الموافقة عليها وقد تم إنجازها من قبل كيان العدو ، ونذكره بأنه يومها كان الرد الصهيوني على هذه المبادرة بأنها لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به. هذا من جانب الكيان الصهيوني ، أما من جانب شرفاء وأحرار العرب فكان الرد من قبل الرئيسين العربيين المقاوميين الرئيس بشار الأسد والرئيس إميل لحود برفض نص المبادرة الأصلي والذي كان لا يتضمن حق العودة للفلسطينين ، الأمر الذي يعني لزاماً بإجراءات التوطين لهم في الدول المضيفة ، وأصروا حينها على تعديلها كما تم إقرارها لاحقاً لإدراكهم يقيناً بأن حكومة الكيان سترفضها معدلة جملةً وتفصيلاً وهذا ما حدث بالفعل. أما ردود أحزاب وحركات المقاومة ظلت تتصاعد بعد هذه المبادرة فلم تتوقف عمليات حزب الله في الجنوب اللبناني داخل وخارج مزارع شبعا ولا على الشريط الحدودي ، وتم بعدها تحقيق النصر الإلهي في حرب تموز المباركة ، وفشل الكيان الصهيوني في غزة ، ونشأت المقاومة الوطنية السوية في الجولان والتي نفذت عدة عمليات ضد الكيان الصهيوني خلال الحرب الكونية الصهيووهابية على سورية. ولا تقل ردود الأفعال الشعبية العربية أهمية بردها على محاولات التطبيع بين الكيانين السعودي والصهيوني ، وكان آخرها الموقف المشرف للمنتخب اللبناني الأولمبي في أولمبياد البرازيل الأخيرة ، حيث رفض وبشكل قاطع مجرد صعود وفد فريق الكيان الصهيوني معه في نفس الحافلة. وبعد فشل كل هذه المحاولات السعودية لجعل التطبيع مع الكيان الصهيوني أمراً رسمياً وعلنياً ، اضطرها للاندفاع بجسدها مباشرة عبر أجهزة استخباراتها للعمل جهاراً نهاراً لإعطاء هذا العمل الطابع الرسمي والعلني ، الأمر نفسه الذي يقوم به الكيان الآخر الصهيوني من إعلانه عن تعامل وتعاون شامل مع بعض الأنظمة " العربية المعتدلة " بشكل مخفي ، ولا بد من إظهار هذا التعاون للعلن ، ولعل أبرز هذه المواقف كانت ما صرحت به وزيرة كيان العدو تسيبي ليفني بعد خطاب السيد نصر الله الأخير في الذكرى العاشرة لانتصار تموز الإلهي ، والذي أصاب فيه سماحة الأمين العام لحزب الله الصهاينة بمقتلٍ في أمنهم الداخلي وفي عقيدة جيشهم وفي إعلامهم ، والذي لآول مرة يكون هناك طلب من مخابرات جيش الكيان بوقف نقل خطابات السيد نصر الله على القنوات الرسمية لكي لا تصبح منصات للحرب النفسية والإعلامية ضد كيان العدو الصهيوني ، حيث كثرت التحاليل والدراسات والمناقشات حول هذا الخطاب الأخير والذي أعتبره أنا شخصياً بأنه كان بمثابة سلاح الدمار الشامل الذي أصاب الكيان الصهيوني على كافة الأصعدة ، وأثبت وبالدليل القاطع بأن هذا الكيان وبعد مرور عشر سنوات على هزيمته في حرب تموز هو أوهن وأضعف من بيت العنكبوت. وأتطرق فقط لتصريح ليفني الأخير لموقعها في كيان العدو ولإهميته التي تبرز تهافت الكيانين الصهيوني والوهابي للتطبيع والتحالف والتعاون والتكاتف لضرب حزب الله ومن بعده كل محور المقاومة في المنطقة حيث : طالبت علانية بالتعاون مع السعودية وما اسمتهم "الدول العربية المعتدلة" وعقد تحالفات معهم لمواجهة المقاومة الاسلامية في لبنان (حزب الله) وإيران. وقالت في مقابلة مع القناة العاشرة أن "حزب الله منظمة إرهابية وكذلك أيضا حماس ، ولا يوجد طريق لصنع السلام معهما ، لأنهما لا يقبلان بوجودنا ، لكن هناك فرص ينبغي استغلالها والعمل عليها" ، مضيفة: " مثلا عندما نتحدث عن حزب الله فإن السعوديين ودولا عربية معتدلة تتعامل معه كعدو، ويوجد لدينا اليوم الطريق لعقد تحالفات معهم ، لكن من دون أن نخدع الجمهور ، أن التحالف مع الدول العربية المعتدلة يمر عبر خطوات يجب القيام بها الآن أمام الفلسطينيين ، شرط أن لا تمس بالأمن الإسرائيلي". وتساءلت عضو الكنيسيت "لماذا نحن نتأثر ونحدث هذه الضجة كلما تحدث نصر الله" ، وأشارت إلى أن "التقدير في "إسرائيل" ، وهذا مسؤولة عنه الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية (أمان) ، ينبغي أن يكون خارج ما يقوله نصر الله علانية". وأضافت " يجب أن نكون مستعدين ، يجب أن نعد الجيش الإسرائيلي والجبهة الداخلية باعتبارها أحد العبر المستخلصة من حرب لبنان الثانية ، للمواجهة المقبلة ، وكما قلت بدلا من أن نكون لوحدنا في هذه الجبهة ، يوجد فرصة كبيرة جداً ، يجب أن نسمع ما يقوله السعوديون وغيرهم اليوم عن حزب الله ، هم أعلنوا عنه منظمة إرهابية ، ويجب العمل معهم أمام هذه التهديدات وأمام إيران". في الختام نقول لغلام بني سعود ولكل قيادات الكيان الصهيوني الغاصب لو أتيتم بكل مليارات البترو دولار الأعرابي ، وبعشرات آلاف المحطات الفضائية والأرضية والصحف ووسائل إعلام وبملايين مقرارات صاردة عن " الجامعة العربية " أو منظمات دول تعاون إسلامي وغيرها ، وحوارات أديان وشعوب وقبائل ، لن تمروا ، ولن نطبع ، ولن نساوم ، ولن نستسلم ، ولن نتنازل عن شبر من أراضينا. ونقول لحكام قبيلة آل سعود قبل أن تدعو لحوار الحضارات والأديان والتقارب الديني والتسامح والجنوح للسلم ، فلتجنحوا للسلم مع أبناء شعب أرض جزيرة العرب أصحاب الأرض الأصليين ، ولتتحاوروا مع أبناء شعبكم من كل الطوائف الإسلامية ، وبأنه آن الأوان ليرتوي ظمؤكم ولتكتفوا بالدماء العربية والمسلمة والغربية التي سفكتموها وما زلتم تشربون منها في كل يوم وساعة ، قبل أن تحصدوا الدم ، فمن يزرع الدم لن يحصد إلا الدم.